(ليبيا التي لانعرفها) ..ليبيا التي رميناها خلفنا بعبط والتي نزعنا ثويها عن جلودنا ،  فصار لا شيء يميزنا عن العالم ونحن ندخله عراة (الا هز الرؤوس ) تماما كمن يدخل العصر بحضرة عروسية ...

يعيد صياغتها منذ اكثر من عقد ،  و يعيد ترتيب احجارها بعشق وحرص ، ( نادر الطوير) يفعل هذا وحيدا هناك بقريته الصغيرة (العمامرة) وكل المدن المحيطة بها (مسلاتة ، الخمسوترهونة)

نادر هذا الليبي الاصيل يعيد كتابة تاريخنا وينعش ذاكرتنا ، ويشد اسرنا لهويتناالتائهة ، ليس بالخبر ولا بالحواسيب لكن بحجارة تلك الجبال التي عمرها الازل الليبي ودهر تكوين جغرافيا ليبيا  .

نادر لايكتفي بالعمارة ليتحدث فهو يجيد حتى لغة الزيتونات (كم ردد ليتني استطيع يازكريا  لكن لما لا يأتوا بخبرائهم لربما كانت اقدم زيتونات حوض  هذا المتوسط بليبيا ) ......

نادر والذي يذكرنا بالابطال الزرقالليبييون  القدامى خشن الطباع لكن حسه بالجمال يفوق خبراء التشكيل وهندسة الديكور فمن عشب تلك الوديان الجاف يصنع اجمل الباقات  والأكسسوارات يضع ( الخروب والحنظل ) وغيرها من نبت البرية في سلال السعفو نبت (الحلفا ) التي صنعها بنفسه ويقول لي

ـ لما يازكريا في طرابلس يزينون بيوتهم بلوحات الطفل الباكي وزهور البلاستيك  وضحك الصينييون ع الذفون ؟؟؟.....

كان يسالني  وهو يتوسط حقلالشعيرالذي يصر على أنه حقل خال من بذر القمح الهجين ويكمل حديثه قائلا ..

ـ ياصيقي  لقد غيروا حتى مذاق اكلنا ويدير وجهه عني مستمرا بالحديث وكانه يخاطب سنابل الشعير قائلا .

ـ سأسعى لحفظ البذور الليبية الاصيلة سأدير بنك لهذه البذور ... يالله   كم هي جميلة احلامه من اجلنا

نادر وفي موسم (الحلفا) يرتقي لرؤوس الجبال ليحصدها خضراء ليجلس بعدها رفقة عائلته  ليصنع منها السلال وحافظات القدوروالحاملات بانواعها بل ويبدع حين يجعلها تنطق حاضرا وبكل اللغات فيصنع  منها الاكسسوارات وحافظات نبات الظل وحاملات الزهور والعشرات من  الاشياء المتقنة في الابداع  ......

نادر الطوير ..لم يدرس علوم الهوية ولم ينبش في الذاكرة كعالم اثار ، لكنه ومنذ طفولته جلس ليصيغهما لنا على الفطرة الليبية  ، وعلى بردى يوميات عمله  مستقبل جديديتمنى أن  نتبناه لندخل العصر رافعي الصدور واثقي الخطوات لننتقي منه ونختار مايحتاجه اولادنا لمستقبلهم ولا تلتفت لما يذهب منه جفاء كما الزبد ..ندخل العصر وكسوتنا هويتنا ولانلجه عراة فلا نكسب منه الا عار الولوج وخيبة الخروج منه أو الضياع فيه  ..

نادر نتيجة اصراراه على المشاركةبالمهرجاتات والمعارض  بحثا عن من يشاركه هوسه  وليعمم حبه للاصالة ولليبيا التي يعرفها جيدا   على الجميع ، فيحدث ان بحصد الجوائز ..فهمس باذني مرة وهو يستلم الجائزة بقوله اخبرني يا( صحفي) لما في طرابلس يعطون جائزة لمن همه كل عمره ان يعيد ليبيا لممشي التاريخ ، اليس  من المفترض أن يكون هذا  واجبنا جميعاً ولاجوائز توزع لاجله ...ويكمل حديثه بابتسامة يعطيني ظهره بعدها ويمضي ليجمع مفروشات مشاركته  بقوله ياصدبقي التضحيات لاتستحق جوائز لاجلها ...