مازالت الأوضاع في ليبيا تشهد غموضا كبيرا حول المآلات القادمة،فبالرغم من الساعي المتواصلة لانهاء الصراع في البلاد والعودة الى طاولة الحوار للوصول الى تسوية سلمية في البلاد،تبدو الأوضاع الميدانية مختلفة بشدة في ظل استمرار التصعيد بين الأطراف المتصارعة والذي تؤججه التدخلات الخارجية ما ينذر بمزيد من التوتر في بلد يعاني منذ سنوات.
في تطور جديد في الساحة الليبية،تبنى مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، قرارا يدعو إلى "وقف دائم لإطلاق النار" في ليبيا التي تشهد منذ كانون الثاني/ يناير، هدنة هشة.وصوت لصالح القرار الذي أعدته بريطانيا، 14 عضوا من أصل 15 في المجلس، بعدما امتنعت روسيا عن التصويت.
وطالب القرار ، كافة الأطراف بوقف دائم لإطلاق النار، في أول فرصة ودون أي شروط مسبقة.كما فرض امتثال كافة الأعضاء لقرار المجلس بشأن حظر الأسلحة المفروض منذ عام 2011، ودعا إلى التزام جميع المشاركين في اجتماع برلين حول ليبيا يناير الماضي بالامتناع عن التدخل في الصراع في ليبيا وشؤونها الداخلية.


هذا ودعا المشروع البريطاني المنظمات الإقليمية، وخاصة الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي إلى بحث كيفية دعمها للأمم المتحدة في مساعيها السياسية، وإمكان الإشراف على وقف إطلاق النار في ليبيا.وطالب بضرورة مواصلة المفاوضات في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 الليبية، التي تشكلت في نهاية شهر يناير عن توصيات قمة برلين في 19 من نفس الشهر، وتضم ممثلين لطرفي النزاع بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يشمل آلية المراقبة والفصل للقوات وإجراءات داعمة لبناء الثقة.
 وكان مجلس الأمن،قد تبنى الثلاثاء بغالبية 14 صوتاً قراراً ألمانياً بريطانياً مشتركاً يمدد حتى 30 نيسان/أبريل 2021 الحظر المفروض على الأسلحة، كما والإجراءات المتعلقة بالنفط وبمنع السفر وبتجميد الأصول.ويطالب القرار خبراء الأمم المتحدة المكلّفين بمراقبة تطبيق العقوبات بتقديم تقارير عن "كل معلومة تتعلق بالاستيراد غير المشروع إلى ليبيا، والتصدير غير المشروع من ليبيا، للنفط بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة".
وقوبل تبني مجلس الأمن لقرار وقف إطلاق النار في ليبيا،بترحيب من البعثة الأممية،التي قالت في بيان لها، إن "البعثة ترحب باعتماد مجلس الأمن للقرار 2510 (2020) الذي يصادق على نتائج المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي عقد في برلين، ويؤكد الحاجة إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، ويطالب جميع الدول الأعضاء بالامتثال التام لحظر التسليح؛ ويعرب عن دعمه القاطع للممثل الخاص للأمين العام، غسان سلامة، والحوار الليبي - الليبي الجاري بتيسير من البعثة".
وأضافت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن "صدور القرار 2510 يعد رسالة قوية إلى الشعب الليبي، بأن مجلس الأمن يدعم الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار والمضي نحو مستقبل أكثر إشراقا".
 وتم التوصل إلى هدنة منذ 12 كانون الثاني/ يناير الماضي في المعارك الدائرة على مشارف العاصمة طرابلس بين قوات الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق.وعقب ذلك استضافت العاصمة الألمانية برلين، في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، مؤتمرا دوليًا حول ليبيا بمشاركة دولية رفيعة المستوى، وأصدر المشاركون بيانًا ختاميًا دعوا فيه لتعزيز الهدنة في ليبيا، ووقف الهجمات على منشآت النفط، وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة، وحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
ورحب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، بموافقة أعضاء مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، على مشروع القرار البريطاني حول ليبيا، مؤكدا أن ما حدث اليوم هو خطوة حقيقة لإنهاء الصراع في ليبيا.وقال الوزير في بيان نشر على موقع الوزارة: "بنجاحنا اليوم بتبني نتائج مؤتمر برلين، اتخذنا خطوة حقيقة لإنهاء الصراع في ليبيا، وبهذا أصبحت نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا إلزامية للجميع. لقد تمت مكافأة مفاوضاتنا المكثفة في نيويورك حول هذه القضية خلال الأسابيع القليلة الماضية".


وبالرغم من التفاؤل الذي يبديه البعض من مساعي وقف اطلاق النار فان واقع الأرض يبدو مختلفا،حيث يتواصل خرق الهدنة الهشة في العاصمة الليبية طرابلس، بين القوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وقوات الجيش الوطني مع تجدد الاشتباكات في محوري عين زارة، وخلة الفرجان،وإطلاق قذائف وصواريخ من منطقة السدرة، جنوب العاصمة طرابلس.
وتشهد طرابلس منذ الأمس توترا أمنيا كبيرا،وأعلن مطار معيتيقة الدولي، تعليق الرحلات إثر تعرض المطار للقصف مما أصاب المسافرين وموظفي الشركات بحالة من الهلع.كما تعرضت جامعة طرابلس لقصف أخر،جرى على اثره إجلاء الطلبة والموظفين من الجامعة.فيما أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق، وفاة امرأة وإصابة 3 اخرين في حي الهضبة البطاطا بطرابلس جراء سقوط قذائف على الحي.
وسارعت عملية "بركان الغضب"، التي تشنها القوات الموالية لحكومة الوفاق،الى اتهام قوات الجيش الوطني الليبي بإطلاق قذائف عشوائية على حي سكني مجاور لجامعة طرابلس، فيما وصفته بـ"خرق جديد ومتكرر لوقف إطلاق النار، واستمراراً لاستهداف المدنيين والأحياء السكنية بالعاصمة".على حد تعبيرها.
ولكن الجيش الليبي نفى هذه الاتهامات مؤكدا أن المليشيات والمرتزقة هي التي تقوم باستهداف المدنيين،بهدف تشويه الجيش الليبي.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة،في تدوينة نشرها عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "أنباء عن 4 قذائف عشوائية تقذفها الميليشيات سقطت بجامعة طرابلس، وحالة من الهلع وسط الطلبة، محاولة اخرى للإخوان الإرهابيين لاتهام القوات المسلحة باستهداف المدنيين".
وتابع المركز في تدوينة أخرى، "لازالت الميليشيات والمرتزقة في طرابلس تعبث بممتلكات أهلنا وارواحهم وبعد قذائف الجامعة في طرابلس، قذيفة اخرى تسقط على حي البطاطا بطرابلس وأنباء عن أضرار مادية ووفاة امرأة".


ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"،عن مسؤول عسكري بالجيش قوله أن ميليشيات مصراتة تستغل الهدنة لشن هجوم وشيك على مدينة سرت، وعلى الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني، بعد أن استبدلت ميليشياتها في طرابلس بواسطة (المرتزقة السوريين)، لافتا إلى أن القيادة العامة للجيش تدعم القوات باستمرار، وتتابع الموقف أولاً بأول.وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن قوات الجيش حققت تقدما في الطريق المؤدي إلى شرق مدينة مصراتة، لكنه امتنع عن الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
وتواصل تركيا نقض تعهداتها في مؤتمر برلين عبر مزيد ارسال المرتزقة الى ليبيا،، بحسب ما أكد أكثر من مرة المرصد السوري لحقوق الإنسان.أكد المتحدث باسم القائد العام للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري أن تركيا نقلت "إرهابيين" من داعش والنصرة عبر مطار معيتيقة ومصراتة بالمئات، وأن العشرات من هؤلاء انتقلوا إلى أوروبا.وعرض المسماري خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، بعض بطاقات الأجانب الموجودين غرب ليبيا، مؤكدا أن عددهم أكثر من 200 عنصر، وأنه سيتم نشر البطاقات عبر صفحة الناطق الرسمية.
من جهة أخرى،أكدت تقارير اعلامية أن تركيا أرسلت منظومة دفاع جوي إلى حكومة الوفاق في طرابلس.تداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي الليبيين، صورا مسربة توضح انتشار منظومات دفاع جوي تركية في الجزء المدني من مطار معيتيقة بالعاصمة الليبية طرابلس.وتوضح الصور الملتقطة بواسطة أحد ركاب الطيران المدني بمطار معيتيقة منظومة الدفاع الجوي بالقرب من برج المراقبة.
وتظهر الصور منظومة هوك المضادة للطائرات، التي ظهرت في المقطع المصور المسرب الذي نشره اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي عن اختراق تركيا للهدنة وإنزال أسلحة لدعم المليشيات.وكان المسماري قد أكد في مؤتمر صحفي سابق إن تركيا وحكومة الوفاق استغلتا الهدنة في طرابلس وقامتا بتركيب منظومة دفاع جوي أميركية في مطار معيتيقة، بالإضافة إلى إنزال أسلحة وآليات عسكرية ومرتزقة سوريين وتركمان إلى طرابلس.

ودخلت تركيا بشكل مباشر على خط المواجهات بين الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق، وقدمت دعماً عسكرياً يتمثل في مدرعات حديثة الصنع نوع "كيربي" وطائرات مسيرة من نوع "بيرقدار".ونشر موقع متخصص بالتقاط صور عبر الأقمار الصناعية، صورة لطائرات مسيرة في العاصمة الليبية.
ونشرت شركة "إميدج سات" على حسابها على تويتر، الأربعاء 12 فبراير 2020، لقطات تظهر طائرات مسيرة من طراز "بيرقدار" في مطار معيتيقة الدولي.وأشارت الشركة إلى أن "مطار معيتيقة الدولي يستضيف طائرات تركية تابعة لحكومة الوفاق الليبية، من طراز "بيرقدار تي بي 2".وهو ما يعتبر دليلا آخر على الانتهاكات التركية في ليبيا ومساعيها المتواصلة لتأجيج الصراع في البلاد.