في أعقاب سقوط قاعدة عقبة بن نافع الإستراتيجية في قبضة المليشيات والمرتزقة بعد تدخل ترركي مباشر باستخدام البارجات والطائرات المسيرة، أعلنت القوات المسلحة الليبية، تراجعها لمسافة تتراوح بين كيلومترين وثلاثة كيلومترات، من محيط العاصمة الليبية طرابلس، على جميع الجبهات، وهو ما طرح تساؤلات خلال الأيام الماضية، حول ما إذا كان هذا الانسحاب، يمثل هدنة حقيقية من أجل الليبيين، خلال عيد الفطر أم أنه إقرار بالهزيمة.
وكان الجيش الوطني الليبي، قرر وقف إطلاق النار من جانب واحد وذلك تجنبا لإراقة الدماء في الأيام الأخيرة من شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر. وقال أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي في بيان إن القوات قررت الابتعاد عن طرابلس لمسافة 2 إلى 3 كيلومترات على جميع محاور القتال. ودعا المسماري حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي يخوض الجيش الوطني قتالا ضد قواتها بأن تحذو حذوهم.
لكن حكومة الوفاق أعلنت رفضها القبول بقرار وقف إطلاق النار منتشية بسيطرتها على قاعدة الوطنية والتي تمكن الجيش من الانسحاب منها تكتيكيا وفق موقف مدروس وخطة استراتيجية. وبررت حكومة الوفاق موقفها باتهام الجيش بمحاولة القيام بمناورة لربح الوقت، وروج موالون لحكومة السراج والاخوان أن تراجع الجيش يأتي تمهيدا لانسحابه التام من محاور العاصمة التي تشهد ضغطا تقدمات كبيرة للمليشيات والمرتزقة.
لكن المشهد سرعان ما تغير ليكشف الفارق الكبير بين مجموعة من المليشيات المتحالفة ذات الولاءات المختلفة والمدعومة بمرتزقة، وبين جيش وطني يتمتع بتنظيم وإستراتيجية عسكرية. فنشوة الانتصارات الوهمية دفعت المليشيات لرفض الهدنة ومواصلة التقدم معتبرة أنها قد تمكنت من هزيمة الجيش وأن باستطاعتها السيطرة على محاور طرابلس.
لكن الجيش الليبي كان بالمرصاد ومثل كمين معسكر اليرموك خير دليل على الفرق بين المليشيات والقوات النظامية. حيث نفذت القوات المسلحة مصيدة للمليشيات في معسكر اليرموك بالعاصمة طرابلس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 قتيل ونحو 20 أسير سوري غير عناصر المليشيات الليبية. بحسب ما أكد اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي.
وأعلنت القوات المسلحة انسحابها التكتيكي من معسكر طارق بن زياد جنوبي العاصمة طرابلس، في إطار الهدنة التي طالبت من خلالها المليشيات بتقديم المثل وإفساح المجال للمواطنين للاستمتاع بعيد الفطر. لكن الأخيرة خرقت الهدنة وبدلا من تراجعها عن محاور القتال كما فعلت القوات المسلحة، اقتحمت معسكر اليرموك وأعلنت انتصارها، إلا أنها تفاجأت بالرد السريع من القوات المسلحة الذي أجبرها على الفرار منه، ولم تستطع السيطرة عليه لمدة ساعة كاملة.
وتواصلت خسائر القوات الموالية لحكومة الوفاق ومرتزقة أردوغان حيث أعلنت قوات الجيش الليبي، الثلاثاء، مقتل 40 مسلحا من مليشيات طرابلس وإلقاء القبض على عدد من المرتزقة السوريين في العاصمة الليبية. وأكد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الليبي، أن القوات نفذت عدد من الكمائن جنوب طرابلس، أسفرت عن القبض على عدد من المرتزقة السوريين وقتل أكثر من 40 مسلحا من المليشيات.
وتمكن الجيش الوطني الليبي، الثلاثاء، من إحكام سيطرته الكاملة على 3 محاور جنوبي العاصمة طرابلس، بعد طرد المليشيات الإجرامية التي حاولت الهجوم على قواته. وأكد المنذر الخرطوش عضو شعبة الإعلام الحربي بالجيش الليبي أن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على محوري "كزيرما" و"كوبري المطار" بعد اشتباكات قوية استمرت لأكثر من 6 ساعات. .
وتمكن الجيش الوطني الليبي، الثلاثاء، من إحكام سيطرته الكاملة على 3 محاور جنوبي العاصمة طرابلس، بعد طرد المليشيات الإجرامية التي حاولت الهجوم على قواته. وأكد المنذر الخرطوش عضو شعبة الإعلام الحربي بالجيش الليبي أن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على محوري "كزيرما" و"كوبري المطار" بعد اشتباكات قوية استمرت لأكثر من 6 ساعات. وتابع في بيان لشعبة الإعلام الحربي أن القوات كبدت المليشيات الإجرامية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، كما تم القضاء على قادة من مليشيات مدينة الزاوية التابعة للجماعة الليبية الموالية لتنظيم القاعدة.
ومساء الإثنين حقق الجيش الليبي تقدما كبيرا في منطقة الهيرة جنوبي العاصمة طرابلس وبسط سيطرته على غالبية الطريق الموصلة بين مدينة غريان 70 كلم جنوبا وطرابلس شمالا. وجاء هذا التقدم في الوقت الذي شن فيه الجيش الليبي هجوماً موسعاً على مواقع لحكومة الوفاق جنوب طرابلس وأكد إسقاط طائرة مسيّرة تركية في المنطقة نفسها.
وفي محور عين زارة، أكد مصدر عسكري، سيطرة قوات الجيش الوطني الليبي على المحور بعد معارك أسفرت عن دحر العناصر المسلحة من مليشيات الوفاق والمرتزقة. ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الضابط في الجيش الليبي عماد المبروك، قوله إن قوات الجيش كبدت المليشيات التابعة لتنظيم المقاتلة الليبية "أحد فروع القاعدة في ليبيا" والذي يقوده أبوعبيدة الزاوي خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
وأضاف المبروك، أن القياديين الطيب البوش و محمود الهنقاري، قتلا في مواجهات ضد الجيش الليبي بمحور الكازيرما القريب من مركز العاصمة الليبية طرابلس. وبحسب المبروك فإن القيادي محمد المغربي قتل أيضا في هذه المواجهات وهو يتبع لمليشيا "الجمهورية" وهي مليشيا تعود تبعيتها لجماعة الإخوان في مدينة مصراته.
ويأتي سقوط قيادات مليشياوية بالتزامن مع سقوط أحد أبرز قيادات تنظيم "داعش" الارهابي الموالي لتركيا السوري محمد الرويضاني، في قبضة الجيش الليبي. ووصف اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، الرويضاني المكنى "أبوبكر"، بأنه هو أحد أخطر عناصر داعش في سوريا، وانتقل إلى ليبيا برعاية المخابرات التركية كأمير لما يعرف بـ"فيلق الشام".
وأشار إلى أن القيادي الداعشي ألقي القبض عليه وهو يقاتل مع مليشيات السراج التي يقودها ضباط أتراك، وشدد على أنه يعد دليلا آخر على العلاقة بين الرئيس التركي رجب أردوغان وتنظيم داعش الإرهابي. وتم القبض على المرتزق الداعشي من قبل القوات المسلحة الليبية خلال المواجهات ضد عناصر الحشد المليشاوي والمرتزقة السوريين في كمين تم نصبه بمعسكر اليرموك مساء السبت.
والرويضاني من سكان منطقة باب عمرو في محافظة حمص بسوريا، وهو مرتزق تابع لمليشيا "فيلق الشام" تحت إمرة المدعو صلاح العراقي الموالي إلى تركيا. ويملك الداعشي السوري سجلا حافلا من الإجرام من عمليات النهب والسرقة والاغتصاب وعمليات أخرى مثل التعذيب، خصوصا في مدينة عفرين.
ويفضح القبض على الرويضاني نوعية التحالفات التي عقدتها حكومة السراج مع التنظيمات الارهابية وعلى رأسها "داعش" برعاية تركيا التي تواصل انتهاكاتها للقرارات الدولية بحظر توريد السلاح إلى ليبيا وتجاوزها لإرادة المجتمع الدولي التي تبلورت في مخرجات مؤتمر برلين، وهي: تعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، وتسريح ونزع سلاح المليشيات وفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة.
وبدا واضحا أن الضربات الأخيرة للجيش الليبي أيقظت حكومة السراج من نشوة الانتصارات الوهمية للتصاعد أصوات مؤيديها ومسؤوليها مجددا لمزيد جلب الغزو التركي الذي سرع بدوره عمليات نقل المرتزقة حيث أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إن عشرات السماسرة يتواجدون في محافظتي إدلب وحلب بسوريا مهمتهم الترويج للقتال في ليبيا.
وأوضح أن ذلك يتم عبر إغراء السوريين بالمرتبات الشهرية في استغلال لحالة الفقر التي يعيشونها، تارة وإقناعهم بفتاوى منسوبة لعلماء مسلمين تشرع الوقوف مع تركيا تارة أخرى. وأضافت المصادر أن السمسار يحصل على 100 دولار أمريكي من كل مقاتل، إضافة إلى عمولة لم تحدد قيمتها من "مكاتب استقطاب المرتزقة" التابعة للفصائل الموالية لتركيا في شمال حلب.
وبحسب المصادر، يتم تطويع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، شريطة أن يكون الطفل متدربا على القتال وسبق أن شارك في المعارك. ووثق المرصد السوري ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا، إلى 318 مقاتلا بينهم 18 طفلا دون سن 18 عاما، كما أن من ضمن القتلى قادة مجموعات من تلك الفصائل.
وذكر المرصد السوري أن القتلى من فصائل "لواء المعتصم" و"فرقة السلطان مراد" و"لواء صقور الشمال" و"الحمزات" و"سليمان شاه". ولقي هؤلاء حتفهم خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.
مشهد آخر كشف مدى الخسائر التي مني بها حلف الوفاق وتركيا، تمثل في استخدام قوات الوفاق لطائرات انتحارية، وفق ما كشف عنه آمر محور عين زارة بالجيش الليبي، اللواء فوزي المنصوري. وأوضح المنصوري، في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، أن "دلالة ذلك على المعركة هو محاولة أبعاد الجيش عن تحرير العاصمة، وبكل الطرق المتاحة حيث تم جلب عديد الأسلحة والمدرعات واستخدام التشويش والتصنت ولكن ذلك لم يأتي بنتائج لأن القوات المسلحة عازمة علي استكمال المهمة وهي تحرير العاصمة".
وعرض المنصوري في فيديو ما تبقى من الطائرة، مشيرا الى أنها طائرة مسيرة تكتيكية انتحارية من طراز (ألباغو) ذات الجناح الثابت المعروفة باسم (الكاميكاز)، والتي تعمل على تفجير نفسها حال اقترابها من الهدف، والمصنعة من قبل شركة (إس تي إم) التركية للصناعات الدفاعية، وهي نفس الطائرة التي استخدمها الحوثيون في اليمن".
وتتميز مسيرة "ألباغو" بصغر حجمها وخفة وزنها، إذ يمكن لجندي واحد نقلها من مكان إلى آخر، ويتم إطلاقها بعد تثبيتها على الأرض، واستخدامها في مهاجمة الأهداف الثابتة والمتحركة في الليل والنهار. ويصل أقصى مدى لهذه الطائرة التركية الانتحارية 5 كيلو مترات، ويمكن تجهيزها للإطلاق في وقت قصير لا يتعدى 45 ثانية، وهي تحلق على ارتفاع 400 متر، وتصل سرعتها إلى 80 كيلومتر في الساعة.
ومنذ إطلاق العملية العسكرية لتحرير العاصمة من الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في الرابع من نيسان/أبريل الماضي، تمكنت دفاعات الجيش الليبي من إسقاط العشرات من الطائرات التركية المسيرة، التي كانت تستخدم في توفير غطاء جوي لتقدم قوات الوفاق، كما نجحت قوات الجيش في تدمير العديد من غرف التحكم الرئيسية بالطائرات المسيرة في مطارات معيتيقة ومصراتة ومناطق أخرى.
تركيا التي حولت ليبيا الى ساحة لتجربة طائراتها ومدرعاتها، لم تتوانى في جلب الارهابيين من سوريا إلى الأراضي الليبية لتوسيع رقعة الفوضى والأعمال الإرهابية التي يحاول الجيش الوطني الليبي القضاء عليها معولة في ذلك على تواطئ حكومة السراج التي يسيطر عليها جماعة "الاخوان" والمليشيات المتطرفة التي تسعى بدعم من المحور التركي-القطري لمنع سقوط آخر معاقلها في العاصمة الليبية.