من تاجر مخدرات ثم أمير حرب ، تحول عبد الغني الككلي الى مسؤول آول على جهاز سيادي جديد إخترعه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج تحت إسم “جهاز دعم الاستقرار” ، فقد أصدر السراج قرارا بتشكيل الجهاز الجديد . وعيّن على رأسه أحد أبرز أمراء الحرب بطرابلس وهو المتطرف عبد الغني الككلي ،آمر ميلشيا الدعم المركزي أبوسليم ، بمنصب يضاهي منصب مستشار للأمن القومي مع ثلاثة نواب هم:
محمد حسن أبو زريبة أمير ميلشيا أبوصرة بالزاوية ، وأحد العناصر البارزة في مجالات التهريب .
أيوب أبوراس الذي كان تولى قيادة ميلشيا ثوار طرابلس في غياب أمرها هيثم التاجوري لمدة عام قبل عودته في ديسمبر الماضي ،
وموسى ممسوس القائد الميداني لميلشيا « القوة المتحركة » المشكلة من المسلحين الأمازيغ الموالين لحكومة الوفاق.
وكان السراج عين عددا آخر من أمراء الحرب في مراكز سيادية حساسة من بينهم عماد الطرابلسي المنحدر من الزنتان وآمر ميلشيا قوة المهمات الخاصة رئيسا لجهاز المخابرات ،
ولطفي الحراري القائد الميداني في ميلشيا الدعم المركزي المعروفة باسم ميلشيا غنيوة نسبة الى قائدها عبد الغني الككلي ، مديرا لجهاز الأمن الداخلي ،
كما سيق للسراج أن قرر نقل تبعية ميليشيا الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة الى المجلس الرئاسي بدل وزارة الداخلية
وبدا واضحا أن السراج قرر استثناء ميلشيات مصراتة والمدن القريبة منها من أية تعيينات ، في حين وضع كل ثقته في أمراء الحرب بمدينة طرابلس والمدن الغربية مثل الزاوية والجبل الغربي
وأثار تعيين غنيوة الذي لا يحمل أي مؤهل تعليمي أو رتبة عكسرية أو أمنية ولا يجيد الإ اللهجة العامية الليبية ، سخرية بين الأوساط الليبية، وقال حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية الأسبق، بالحكومة الليبية ” إن غنيوة الككلي تحول من آمر ميليشيا يتدخل في شغل الشقق بطريق المطار والخلافات الزوجية وفض المنازعات حول توزيع حجم الأرصفة في سوق بوسليم، إلى أمين الأمن القومي الأول”.
وغنيوة من مواليد مدينة بنغازي، ودخل السجن بسبب تورطه في جرائم جنائية، وبعد الإطاحة بالنظام السابق، شكل ميليشيا مسلحة تعرف بـ"الأمن المركزي"، وأصبح من الشخصيات التي تتمتع بنفوذ واسع في العاصمة طرابلس.
وكان غنيوة قد إنتقل الى طرابلس برفقة عائلته وهو صغير ، وأنقطع عن الدراسة باكرا ،وعمل في صغره مع ابيه في مخبز النصر في ابوسليم قبل أ٫ يلج عالم الإنتحراف وهو مراهق من خلال علاقاته بعصابات بيع المخدرات والخمور المهربة ، وقام إحدى الليالي حدت خصام بينهم وقام أحدهم بطعن أحد الاصدقاء حتى الموت وحكم عليهم بالسجن 14 عاما.
بعد الإطاحة بالنظام السبق ، استغل غنيوة صفته كبلطجي معروف وسجن جنائي سابق مسجل خطر الوضع لتكوين مجلس عسكري وكان هو رئيسه وإدعى انه سيحارب الفساد وتجار المخدرات . وأسس سجنا يشرف عليه بنفسه ويرمي فيه من شاء من أبناء المنطقة وكل من يقع تحت يد ميلشيات الككلي ، وقد تظاهر لتحقيق ذلك بالتدين والاقتداء بالسلف الصالح
وشاركت ميلشيا غنيوة في طرد مسلحي مصراتة من غرغور ، وشاركت مع منظومة فجر ليبيا في طرد الصواعق والقعقاع بالتعاون مع مصراته وبعض الكتائب في طرابلس وقامت المجموعات التابعة له بطرد السكان المنحدرين من قبيلة الزنتان وحرق منازلهم وأقحم مدينة ككله في الحرب
وتورط غنيوة في تصفية عدد من خصومه وتمكن من أن يتحول الى رقم صعب في العاصمة بالاعتماد على بنادق مسلحيه وبسيطرته على أكبر حي شعبي بطرابلس وهو حي بوسليم ، كما عرف عنه القدرة على اللعب على موازين القوى وتقربه من عبد الرؤوف كاره حيث يتميز الرجلان باستغلال جبة الدين لتحقيق أهدافهما في مدّ نفوذهما الأمني والعسكري
وكان غنيوة قد دخل في تحالف السراج ضد وزير داخليته المفوض فتحي باشاغا ، وضد ميلشيات مصراتة ، فيما أشارات مصاطر مطلعة الى أن ميلشيا غنيوة توجد ضمن قائمة الأهداف التي حددها باشاغا لعملية « صيد الأفاعي » التي قال أنها ستنطلق قريبا بدعم خارجي للقضاء على الجماعات الارهابية وشبكات التهريب والإتجار بالبشر والميلشيات المنفلتة
ويدار الجهاز الجديد الذي شكله السراج تحت إسم “جهاز دعم الاستقرار” برئيس وثلاثة نواب يصدر بتسميتهم قرار من المجلس الرئاسي، على أن يكون المقر الرئيسي للجهاز مدينة طرابلس، كما يجوز إنشاء فروع أو مكاتب له بالمدن أو المناطق الأخرى بقرار من رئيس المجلس الرئاسي، بناء على اقتراح من رئيس الجهاز.
ومنح السراج للجهاز جملة من الصلاحيات ، من بينها تعزيز الإجراءات الأمنية الكفيلة بحماية المقرات الرسمية للدولة من أية تهديدات أمنية، وكذلك تعزيز حماية المسؤولين كلما تطلب الأمر ذلك، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة ، والمشاركة في تأمين وحماية الاحتفالات والمناسبات الرسمية، وكذلك النشاطات الشعبية، ونشاط مؤسسات المجتمع المدني المأذون لها من الجهات المختصة ، والمشاركة كلما اقتضت الضرورة في تنفيذ العمليات القتالية، بما في ذلك عمليات الاقتحام والمداهمة والملاحقة الأمنية، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة ، و مكافحة الشغب وفض الاشتباكات التي ينفذها المسلحون الخارجون عن القانون في المدن والقرى الليبية، بالتعاون مع مديريات الأمن والأجهزة المختصة بالمدينة ، و تنفيذ القرارات القانونية، كالمشاركة في عمليات القبض وملاحقة المطلوبين في القضايا التي تهدد الأمن القومي للدولة، بالتنسيق مع الجهات الأمنية والقضائية ، و نشر الوعي الأمني بين شرائح المجتمع وتبني ثقافة عدم الاحتكام للسلاح، وفض المنازعات والخلافات عبر الجهات القضائية والأمنية والاجتماعية، ودعم برامج جمع السلاح غير المرخص ، و التعاون الأمني وتبادل المعلومات مع كافة الأجهزة الأمنية المختصة بشأن مكافحة كل ما يهدد الأمن القومي واستقرار المجتمع ، و المساهمة في مواجهة الأزمات والكوارث الطبيعية ، مع أية مهام أخرى تسند له من قبل المجلس الرئاسي، وفقًا للتشريعات النافذة.
وأسند السراج لرئيس الجهاز جملة من المهام ، من بينها تحديد أماكن تمركز الوحدات التابعة له داخل مدينة طرابلس وخارجها، مع مراعاة المواد الجغرافية والأمنية ، و الإشراف على تنفيذ الخطط اللازمة لقيام الجهاز بالمهام الموكلة إليه ، والإشراف المباشر على أعضاء الجهاز ومتابعتهم في سبيل القيام بتنفيذ اختصاصاته ، و اقتراح الهيكل التنظيمي للجهاز وإعداد الملاك الوظيفي، وإحالته للجهات المختصة لاعتماده، وتحديد احتياجات الجهاز من المطار والأسلحة والذخائر والآليات والمهمات، وكافة التجهيزات المطلوبة لمباشرة المهام والواجبات المُكلّف بها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفيرها وفقًا للتشريعات النافذة ، و إصدار القرارات المتعلقة بالشؤون الوظيفية لأعضاء الجهاز في حدود الصلاحيات الممنوحة له بمقتضى التشريعات النافذة ، و تمثيل الجهاز في علاقاته مع الغير وأمام القضاء، وتكون له صلاحية توقيع العقود التي يكون الجهاز طرفًا فيها وفقًا للتشريعات النافذة ، واقتراح مشروع ميزانية الجهاز، وإعداد التقديرات بشأنها، وإعداد الحساب الختامي ، إضافة الى أية اختصاصات أخرى تسند له وفقًا للتشريعات النافذة.
ونص القرار على أن القوة التابعة للجهاز تتكوّن من منتسبي الجيش والشرطة بمختلف أجهزتها التابعة والمستقلة، وذلك وفقًا لقرار نقل يصدر بالخصوص، كما تتكون من المُعيّنين الجدد بعد اجتيازهم دورة تدريبية تقام بالخصوص، كما يجوز ندب موظفين مدنيين لسد احتياجات الوظائف المطلوبة.
ووفق المادة العاشرة من القرار ، يحدد المجلس الرئاسي أنواع الأسلحة والمعدات والآليات اللازمة لتنفيذ المهام الموكلة للجهاز، كما تسري على منتسبي الجهاز أحكام القانون رقم “1” لعام 2012 بإنشاء جهاز المخابرات الليبية، فيما يتعلق بالترقيات والمرئيات والمزايا المالية والمكافآت والعلاوات المستحقة، والتي تتناسب مع طبيعة عملهم.
كما حدد القرار أن يكون للجهاز ميزانية مستقلة تعد وفقًا لنظم الدولة المالية، وتبدأ السنة المالية للجهاز مع بداية السنة المالية للدولة وتنتهي بانتهائها، وأن يتولى ديوان المحاسبة فحص ومراجعة مصروفات الجهاز وحسابه والعقود التي يكون طرفًا، فيها وفقًا لأحكام قانون النظام المالي للدولة ولائحة الميزانية والحسابات والمخازن ولائحة العقود الإدارية.
ولفت السراج إلى أن يكون للجهاز هيكل تنظيمي يتكون من إدارات ومكاتب تتولى تنفيذ اختصاصاته، ويصدر بشأنه قرار من مجلس الوزراء.
وقالت صحيفة « العرب » اللندنية عن مصادر مطلعة أن هذا القرار في إطار محاولات السراج التحصن بأمراء الحرب والميلشيات التي يتزعمونها في مواجهة وزير داخليته المفوض فتحي باشاغا ، وكذلك للتصدي لأية محاولة لنشكيل سلطات جديدة ضمن مخرجات الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة ، من بينها رئيس جديد للمجلس الرئاسي الذي لا يزال يتولى قيادته منذ خمس سنوات وفق إفاق الصخيرات المبرم في ديسمبر 2015.
ولفتت المصادر الى أن السراج سبق وأن عين عددا آخر من أمراء الحرب في مراكز سيادية حساسة من بينهم عماد الطرابلسي المنحدر من الزنتان وآمر ميلشيا قوة المهمات الخاصة رئيسا لجهاز المخابرات ، ولطفي الحراري القائد الميداني في ميلشيا الدعم المركزي المعروفة باسم ميلشيا غنيوة نسبة الى قائدها عبد الغني الككلي ، مديرا لجهاز الأمن الداخلي ، وأبرزت أن أهم ما يمكن ملاحظته من هذه التعيينات أنها تخلو من أي أمير حرب ينحدر من مصراتة أو من المدن القريبة منها مثل زليتن أو الخمس ، وإنما تشمل فقط قيادات ميلشياوية من طرابلس والمدن الواقعة الى الغرب منها ، وخاصة الزاوية ومناطق الجبل الغربي.
وتابعت المصادر أن التعيينات الأمنية الأخيرة أحدثت جدلا واسعا داخل المؤسسات السيادية في طرابلس ، وتم تصنيفها على أنها رقصة الديك المذبوح من قبل السراج الذي يحاول البقاء في منصبه ، ويجد رفضا دوليا وإقليميا لذلك ، بالتزامن مع اتساع حظوظ منافسه فتحي باشاغا ، مشيرة الى وجود انقسام حاد داخل سلطات الوفاق بين معسكر مصراتة ، ومعسكر طرابلس والمناطق المتحالفة معها ، معتبرة أن تعيينات السراج الأخيرة تمثل حربا معلنة على مصراتة وباشاغا.
وأردفت أن السراج الذي كان نقل في ديسمبر الماضي تبعية ميلشيا الردع الخاصة ، أكبر ميلشيات غرب البلاد وأكثرها عددا وسلاحا ، الى رئاسة المجلس الرئاسي بدل وزارة الداخلية ، ودفعه بعدد من قادة الميلشيات الى مناصب أمنية حساسة ، يدخل يضمن الاستعداد لأية مواجهة قادمة مع ميلشيات مصراتة ، أو مع أي طرف يحاول فرض حل سياسي لا يرضي السراج وحلفاءه
ويرى المراقبون أن السراج لا يسعى فقط الى التحصن بأمراء الحرب ، وإنما يعمل على مساندة ميلشياتهم أمام مخططات وزير الداخلية المفوض ، الذي أعلن قبل أيام عن الإعداد لإطلاق عملية تحمل اسم « صيد الأفاعي » تستهدف الجماعات المسلحة المنفلتة وعصابات التهريب والتجار بالبشر والعناصر الارهابية ، فيما أشارت لائحة مسربة لقائمة أهداف العملية الى أنها تشمل ميلشيات مقربة من السراج ووزير دفاعه صلاح الدين النمروش الذي أكد موقفه المناوئ للعملية.
ويضيف المراقبون أن ميلشيا الدعم السريع أبوسليم توجد ضمن قائمة أهداف صيد الأفاعي ، ما جعل السراج يعين قائدها عبد الغني الككلي رئيسا لجهاز دعم الاستقرار المعلن عن تشيله أمس، ونائبه لطفي الحراري مدير لجهاز الأمن الداخلي ، مرجحين أن يعلن خلال أيام عن تحويل الميلشيا بكاملها الى نواة للجهاز الجديد ،
ويشير متابعون الى أن السراج ينسق مع أمراء الحرب وقادة الميلشيات بعد فشل زيارته الأخيرة الى روما والتي طلب خلالها من المسؤولين الإيطاليين دعم مقترحه بالبقاء رئيسا للمجلس الرئاسي مقابل تخليه عن رئاسة الحكومة لشخصية يتم اختيارها من شرق البلاد وتحظى بدعم قيادة الجيش ، مؤكدين أنه وبالمقابل ، يقوم باشاغا بالتنسيق مع قوى إقليمية ودولية مؤثرة في الشأن الليبي وفي مسارات البعثة الأممية
ويؤكد المتابعون أن الحرب باتت معلنة سواء ما بين السراج باشاغا ، أو ما بين مليشيات طرابلس وحلفائها ومصراتة وحلفائها ، وهرو ما ينذر بإنفجار قريب داخل معكسر الوفاق المتآكل بسبب التجاذبات السياسية المتجاوزة لطموحات الحل ، والفساد الذي بات يزكم الأنوف ويدور تحت بنادق المسلحين برعاية رسمية من المجلس الرئآسي.