ما لم يتم إعطاء لقاحات كورونا للأغلبية الساحقة من السكان، قد يتحور الفيروس إلى سلالة أكثر خطورة من دلتا ومقاومة تماماً للقاحات، بحسب أغلب خبراء الأوبئة حول العالم، فماذا يعني ذلك؟
وعلى الرغم من الحكومات حول العالم قد اتخذت قراراً بتجاوز وباء كورونا والتعايش معه اعتماداً على حملات مكثفة لتلقيح مواطنيها، تزايدت تحذيرات العلماء وخبراء الأوبئة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى كارثة صحية تتمثل في ظهور سلالة جديدة من كورونا أخطر كثيراً من سلالة دلتا الهندية ولا تؤثر فيها اللقاحات.
والآن بعد أكثر نحو عام ونصف من تحول الفيروس القاتل -الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية– إلى جائحة عالمية، نجحت اللقاحات إلى حد كبير في تحجيم الآثار القاتلة للوباء لكنها لم تقض عليها تماماً، ومؤخراً بدأت كثير من دول العالم تسجل ارتفاعات كبيرة في أعداد الإصابات مرة أخرى.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من الدول التي تشهد ارتفاعات كبيرة في أعداد الإصابات بكوفيد-19 مؤخراً وأغلب -إن لم يكن جميع- تلك الإصابات تنتمي لسلالة "دلتا" الأكثر خطورة، على الرغم من توفير اللقاحات لما يقرب من 200 مليون أمريكي، أي أكثر قليلاً من نصف عدد السكان.
قد قالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الأحد 8 أغسطس/آب إن الولايات المتحدة أعطت 351 مليوناً و400930 جرعة من لقاحات كوفيد-19 في البلاد ووزعت 407 ملايين و561705 جرعة، بحسب رويترز.
وقالت المراكز إن 194 مليوناً و866738 شخصاً تلقوا جرعة واحدة على الأقل، بينما تم تطعيم 166 مليوناً و477481 شخصاً بشكل كامل، ويشمل هذا الإحصاء لقاحي موديرنا وفايزر/بيونتك من جرعتين ولقاح جونسون آند جونسون من جرعة واحدة.
لكن الدكتور أنتوني فاوتشي، خبير الأوبئة الأول في البلاد، دق ناقوس الخطر بصورة غير مسبوقة ربما عندما قال في حوار مع مجلة USA Today إن "امتناع بعض الناس عن تلقي اللقاح سيؤدي إلى ظهور سلالة من الفيروس أكثر شراسة وأكثر قدرة على مقاومة اللقاحات بشكل كامل".
وقال فاوتشي إن من يمتنعون عن تلقي اللقاحات والمعتنقين لنظريات المؤامرة بشأن الوباء لا يعرضون أنفسهم فقط لخطر الإصابة والمرض وربما الوفاة، لكنهم أيضا يعرضون جهود مكافحة الوباء نفسها لانتكاسة خطيرة.
وأضاف فاوتشي أن لقاحات كورونا حالياً تحمي أكثر من نصف الأمريكيين -بدرجة أو بأخرى- من متحورات الفيروس المختلفة والتي نعرفها حتى الآن، لكن في حالة عدم تلقيح الغالبية الساحقة من السكان فإن خطر ظهور سلالة أو متحور من الفيروس أكثر خطورة يصبح كبيراً ومحتملاً للغاية.
"وفي هذه الحالة، سنكون جميعاً دون حماية في مواجهة سلالة "زيتا"، عكس حالنا اليوم في مواجهة دلتا"، مشيراً إلى احتمال ظهور سلالة أكثر خطورة من "دلتا" وعلى الأرجح ستكون مقاومة بشكل شبه كامل للقاحات المتاحة حالياً.
وبشكل عام، يرجع خبراء الأوبئة ظهور سلالات متحورة من الفيروس إلى التفشي الكبير للوباء، وهو ما جعل الإجراءات الاحترازية من تباعد اجتماعي وارتداء الكمامات الحل الأكثر نجاحاً لمحاصرة تفشي الوباء. لكن في ظل التداعيات الاقتصادية المدمرة، بدأت الحكومات في تخفيف تلك الإجراءات حول العالم.