أعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي ، محمد المنفي، رسميا عن انطلاق مشروع المصالحة الوطنية في ليبيا، فيما اتسعت دائرة التفاؤل بإمكانية طي صفحة سنوات الصراعات والانقسامات الأليمة التي عرفتها البلاد منذ العام 2011 ، وذلك على إثر الإفراج عن عدد من رموز النظام السابق ، والاعلان عن قرب الإفراج عن آخرين ، إضافة الى توجيه قائد الجيش المشير خليفة حفتر بتسريح كافة المحتجزين لدى قواته من أبناء وسط وغرب البلاد
وهنأ المنفي أبناء الشعب الليبي، بإطلاق مشروع المصالحة ، وقال إنه يثمّن كافة الجهود التي بذلت في سبيل تحقيق ما تم التوصل إليه خلال اليومين الماضيين ، في إشارة إلى الإفراج على السجناء الموقوفين على ذمة قضايا مختلفة، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي، أن القرارات التي اتخذت ما كان لها أن تتخذ، لولا الرغبة الحقيقية والجادة، لدى الشعب الليبي من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الفرقة، وإيقاف نزيف الدماء، ووضع حد لمعاناته ،داعياً الليبيين للالتفاف حول الوطن وبناء دولة المواطنة والقانون، للعمل معاً من أجل بناء وطن واحد، ترفرف عليه راية السلام.
كما نوّه عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي عن إقليم طرابلس ، بكافة الجهود التي أثمرت عن إطلاق سراح عدد من السجناء، في عدد من المناطق وبعمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وإشرافها المباشر، وسعيها المتواصل من أجل الإفراج على جميع المعتقلين من كل الأطراف، وصولًا بالبلاد إلى بر الأمان.
وأعلنت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من الإفراجات عمن صدرت بحقهم أحكام قضائية بالإفراج عنهم في كافة أنحاء ليبيا .
وأكدت وهيبة خلال مؤتمر صحفي أن العمل على هذا الملف من قبل المجلس الرئاسي، بدأ من عدة أشهر، بالتزامن مع جهوده في ملف المصالحة الوطنية، والذي تضمن التوصية بضرورة الإفراج عن جميع المسجونين، ممن صدرت في حقهم أحكام بالإفراج، كجزء من عمل الرئاسي لإطلاق مشروع مصالحة حقيقية وفاعلة تقوم على الإنصاف للجميع.
وتابعت وهيبة أن المجلس شدّد على أهمية إطلاق سراح المسجونين قسرًا، والذين ليس لديهم أي قضايا، وإحالة الموقوفين على ذمة أي قضايا، إلى القضاء في أسرع وقت ممكن، تأسيسًا لمصالحة تقوم على احترام حقوق الإنسان وعدم الإقصاء.
ومن جانبها ،جددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعواتها للسلطات الليبية للإفراج الفوري عن آلاف الأشخاص الذين ما زالوا محتجزين بشكل تعسفي في مرافق الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا ،وأبرزت بعثة في بيان لها أنها أحيطت علما بالإفراج عن الساعدي القذافي نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، الأحد الماضي، ومدير مكتب الزعيم الراحل أحمد رمضان وستة مسؤولين آخرين في النظام السابق كانوا قد احتُجزوا لمدة سبع سنوات أو أكثر ، مؤكدة أن الإفراج عن الساعدي يأتي امتثالاً لأمر قانوني صدر عقب تبرئته من محكمة ليبية في عام 2019.
وبينت البعثة الأممية أن عمليات الإفراج هذه تعد خطوة مهمة نحو احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، وتعد تطوراً إيجابياً يمكن أن يسهم في تحقيق عملية مصالحة وطنية قائمة على الحقوق وفي تعزيز الوحدة الوطنية بشكل أكبر.
وقالت أوساط ليبية مطلعة ، أن عمليات الإفراج عن السجناء والأسرى والمحتجزين ستتواصل خلال الأيام القادمة بما يساعد على ترميم النسيج الاجتماعي الذي مزقته الصراعات والانقسامات السياسية وكادت أن تعصف به مؤامرات الإخوان والجماعات المسلحة الساعية لتنفيذ مشروع الانفراد بالدولة ومقدراتها ، وأضافت أن الليبيين أدركوا مؤخرا أن لا حل للأزمة المتفاقمة منذ سنوات ، إلا بالمصالحة الوطنية والحوار ورص الصفوف وراء مشروع وطني واحد
وتابعت الأوساط أن اجتماعات على مستوي زعماء ووجهاء وأعيان القبائل والمناطق ، انعقدت مؤخرا في مدن ليبية عدة من بينها العاصمة طرابلس ومصراتة ، توصل المشاركون فيها الى ضرورة الدخول الفوري في مصالحة اجتماعية شاملة تكون منطلقا لتشكيل رؤية وطنية للمستقبل تقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية ومؤامرات العابثين بمقدرات البلاد داخليا وخارجيا
واعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ، إن مثل المبادرات التي تفضي إلى إطلاق سراح سجناء النظام السابق وتسوية ومعالجة أوضاع السجناء والمحتجزين الذين لم تصدر أحكام قضائية ضدهم وكذلك ، الذين انتهت مدة محكوميتهم، أو الذين لم تتم إدانتهم قضائياً ، سيسهم بشكل كبير في دعم جهود المصالحة الوطنية الشاملة والتوافق الاجتماعي والوطني وطي صفحة الماضي ،
وأعلنت اللجنة أنها ستواصل عملها في إطار رسالتها الإنسانية والحقوقية والقانونية ، من أجل ضمان تعزيز وبسط سيادة القانون والعدالة ، وبما يكفل حماية الحقوق والحريات ، وكذلك بما يسهم في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، من خلال مواصلة الجهود والتنسيق لأجل الإفراج عن باقي السجناء والمحتجزين الذين لم تصدر أحكام قضائية ضدهم ، وإطلاق سراح جميع المسجونين قسرًا، والذين ليس لديهم أي قضايا، وإحالة كل الموقوفين على ذمة قضايا، إلى القضاء في أسرع وقت ممكن.
وينتظر أن تتواصل خلال الأيام القادمة عمليات الإفراج عن الأسرى والموقوفين لدى الجيش الوطني في شرق البلاد بعد أن دعا الى ذلك المشير خليفة حفتر ، مؤكدا أن كل المحتجزين من غير الإرهابيين ، سيعودون الى ديارهم ، تأكيدا على مبدأ المصالحة وطي صفحة الصراع الدامي