بدأت السبت الدورة الثامنة عشرة لقمة الفرنكوفونية في جزيرة جربة التونسية بمشاركة نحو تسعين وفدا و31 من كبار القادة للتأكيد أن بإمكان المنظمة الدولية للفرنكوفونية أداء "دور مهمّ" على النطاق الدولي لحلّ الأزمات الراهنة.
وأكدت الأمينة العامة للمنظمة، الرواندية لويز موشيكيوابو أن بامكان المنظمة أن يكون لها "تأثير في عالم ممزق" بأزمات متعددة.
وتابعت في كلمة الافتتاح "يجب أن تظل الفرنكوفونية حلقة وصل للحد من تحول التوترات إلى نزاعات".
وذكرت الأمينة العامة بالعديد من "العواصف" التي اجتاحت العالم وخصوصا وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تأجيل قمة 2020.
يناقش المشاركون مدى يومين "المجال الرقمي كمحرك للتنمية" فضلا عن ملفات دولية تتعلق خصوصا بالحرب في أوكرانيا.
ويأتي انعقاد اللقاء مع استمرار قمة المناخ في مصر واجتماع مجموعة العشرين في اندونيسيا الذي طغت على جدول أعماله الحرب في أوكرانيا، البلد الذي يحمل صفة مراقب في منظمة الفرنكوفونية.
لم تتطرق الأمينة العامة للأزمة الروسية الأوكرانية في كلمتها بينما كان هذا الملف محور محادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء آخرين خلال القمة، على ما أفادت مصادر مقربة.
ويحضر القمة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فضلا عن رؤساء دول إفريقية.
وتعبر دول إفريقية عدة عن استيائها لعدم تضامن الدول الغربية مع القارة التي تواجه أزمات متعددة ومتواصلة بينما كان اهتمامها مركزا على مساعدة أوكرانيا.
وعبّر الرئيس التونسي قيس سعيّد عن أمله في أن تخلص القمة إلى "نتائج ملموسة وحقيقية" لمواجهة "التقلبات التي يشهدها العالم".
- "تراجع" -
وشدد الرئيس الفرنسي خلال لقائه مجموعة من الشباب على هامش القمة على ضرورة "استرداد" اللغة الفرنسية مكانتها في بعض الدول الفرنكوفونية بعد أن سجلت "تراجعا حقيقيا".
ودعا ماكرون إلى أن تكون الفرنكوفونية "فضاء حيّا وفضاء للصمود ... وليس فضاء مؤسساتيا".
ومنحت فرنسا السبت قرضا بقيمة 200 مليون يورو لتونس لمواجهة ازمتها الاقتصادية كما وقع الرئيس التونسي والفرنسي على "مخطط طموح لتعزيز مهارات اللغة الفرنسية للمعلمين والطلاب في التعليم"، وفقا لبيان أصدره الإليزيه.
تحتفل المنظمة الفرنكوفونية التي تضم 88 عضوا بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وكانت تونس من الدول المؤسسة للمنظمة في العام 1972 إلى جانب السنغال ونيجيريا وكمبوديا.
وتشارك دول غير منضوية في الفرنكوفونية في أعمال القمة على غرار مولدافيا والإمارات العربية المتحدة وصربيا.
ومن المتوقع إعادة انتخاب الأمينة العامة على رأس المنظمة لأربع سنوات جديدة، وهي المرشحة الوحيدة لهذا المنصب.
يشمل الفضاء الفرنكوفوني 321 مليون ناطق باللغة الفرنسية يتوقع أن يتضاعف عددهم بنهاية العام 2050 بفضل انتشار اللغة الفرنسية في القارة الإفريقية.
وأكدت الأمينة العامة في مقابلة سابقة مع فرانس برس أن المنظمة "أكثر أهمية من أي وقت مضى"، وذلك ردا على تصاعد الانتقادات الموجهة إليها ومن بينها ما كتبه الكاتب السنغالي أمادو لمين صال في مقال، أن الفرنكوفونية "لا تُرى" و"لا تُسمع" على النطاق الدولي.
وبحسب مسؤول كبير في كندا، فإن المنظمة "يمكن أن تكون قوّة إيجابية" في القضايا العالمية مثل "تعزيز السلام والازدهار الاقتصادي وترسيخ الديموقراطية".
ويبدي مسؤولون كنديون آخرون "مخاوف" بشأن "المشاركة الديموقراطية" في تونس منذ أن قرّر سعيّد في 25 تموز/يوليو الفائت احتكار السلطات في البلاد، مشددين على أن كندا ستثير هذا الموضوع خلال اجتماعات القمة.
وتستضيف تونس القمة بعد تأجيلها مرتين، الأولى في العام 2020 بسبب كوفيد-19، ثم في خريف 2021، بعد الإجراءات التي اتخذها سعيّد ويُنظر اليها على نطاق واسع على أنها تنهي تجربة ديموقراطية رائدة في العالم العربي.
- "أزمة سياسية" -
من جهتها، اعتبرت المعارضة التونسية أن تنظيم القمة "استغلال من قبل سلطات الانقلاب للتسويق للانقلاب".
وقالت سميرة الشواشي العضو في "جبهة الخلاص"، وهي تكتل أحزاب معارضة في مقدمها حزب النهضة، في مؤتمر صحافي السبت بالعاصمة تونس "نتمنى ان يكون حضور الوفود في قمة الفرنكوفونية في تونس دعما لمسارها الديموقراطي".
رأى الخبير السياسي الفرنسي فينسان جيسار أن انعقاد القمة يعدّ "نجاحًا" لسعيّد لأنه "سيخرجه من عزلته موقتا على الأقل".
واضاف "إنه نوع من التقاط أنفاس وتهدئة في علاقاته مع شركائه الغربيين الرئيسيين... سيوظّف هذا الحدث لإضفاء الشرعية على تحوّل سلطوي يُنتقد بشدة" من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية والأحزاب السياسية المعارضة.
وقال المنسق العام للقمة محمد الطرابلسي إن هذه الاجتماعات تمثل "اعترافا بدور تونس في العالم الناطق بالفرنسية وبدبلوماسيتها على المستويين الإقليمي والدولي"، وهي فرصة "لتعزيز التعاون الاقتصادي".