بدويّ صرخة "أولادنا وين" انطلقت مؤخرا بولاية المنستير بالجمهورية التونسية أشغال الدورة الثالثة للمنتدى الاجتماعي مغرب مشرق للهجرة.

هذه الصرخة تعبر لوحدها عن معاناة العائلات أمام إحدى المآسي الكبرى للأزمنة الحديثة والمتمثلة في فقدان آلاف الشباب في مياه المتوسط وفي عرض الصحراء هذا البحر الذي يعتبر مهدا للحضارات الإنسانية تحول في القرن الحادي والعشرين وتحت أنظارنا الى مقبرة بحرية كبرى، هذا النزيف البشري ليس وليد الصدفة انه نتاج لسياسات الهجرة المتبعة من طرف أوروبا بتواطؤ دول و حكومات جنوب المتوسط، إنها سياسة أمنية لا إنسانية وضعت جدرانا مرئية وخفيّة عوض أن تبني جسورا للتواصل بين شعوب الضفتين.

هذه السياسة المتعلقة بالهجرة التمييزية المتبعة من طرف بلدان الشمال تأخذ بعدا أكثر خطورة عبر مواقف حكومات الجنوب المتميزة بعدم قدرتها على سن سياسة للهجرة مستقلة وقادرة على مواجهة مصالح المتوحشة قد أبدى المشاركون والمشاركات تخوفهم من واقع منطقة المشرق وحالة الهجرة و اللجوء الجديدة في اتجاه أوروبا والتي تعرض أرواح الشباب والأطفال والنساء إلى الغرق في المتوسط بالإضافة لواقع المهاجرين في منطقة الخليج.

إن إحدى المعطيات الأساسية لتطور ظاهرة الهجرة تتميز بكون البلدان المغاربية لم تعد فقط بلدانا مصدرة للهجرة بل أصبحت كذلك مستقبلة للهجرة حيث إنها تستقبل مهاجرين من جنوب الصحراء و من مناطق أخرى من العالم دون تمتعهم بأدنى الحقوق وذلك في وضعية هشة وخرق سافر لأدنى حقوق الإنسان.

هؤلاء الرجال و النساء هم مدعوون للعيش والشغل في المجتمعات المغاربية. هذا النسيج البشري يعتبر جد ايجابي بالنسبة للمغرب الكبير، في حين أن السياسات المتبعة الحالية تسير في الاتجاه المعاكس للتاريخ من خلال الميز والعنصرية "التقليدية" وعلى وجه الخصوص العنصرية داخل المؤسسات بمختلف أشكالها والتي يعاني منها أساسا مهاجرون من جنوب الصحراء (كالإقامة، السكن، الشغل، التعليم، الصحة...)

لقد أصبح من المستعجل أن يكون لنا تصور بعيد المدى في قضايا الهجرة قادرا على تحرير الطاقات من أجل تنمية تضامنية ومن أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

إن حرية التنقل والإقامة داخل الفضاء المغاربي هي شرط أساسي من أجل انعتاق الطاقات الشابة المغاربية وطاقات المهاجرين الذين يعيشون فوق التراب المغاربي وسائر المنطقة.

إن ثمن غياب الاندماج المغاربي يمثل عرقلة أساسية لتنمية هذه المنطقة التي تحتوي على ثروات بشرية و طبيعية هائلة، أمام هذه الوضعية يؤكد المشاركون و المشاركات في الدورة الثالثة لمنتدى الهجرة تشبثهم بـ:

- فضاء مغاربي منفتح على المشرق و إفريقيا جنوب الصحراء ديمقراطي متضامن يحترم حقوق الإنسان و يسمح بتعايش متناغم غني بمختلف مكوناته العربية، الأمازيغية والافريقية.

- حرية التنقل والإقامة لجميع المواطنين والقاطنين بالمغرب الكبير.

- إلغاء اتفاقية " الشراكة من أجل التنقل" الموقعة بين الاتحاد الأوروبي و المغرب من جهة والاتحاد الأوروبي وتونس من جهة أخرى.

- وضع حد للخروقات الجسيمة والمس بحقوق المهاجرين بما فيها حقوق النساء المهاجرات ضحايا مختلف أشكال العنف.

و من جهة أخرى يوجه المشاركون و المشاركات نداء الى المجتمع المدني العالمي للضغط على حكومات الشمال و الجنوب لمعرفة الحقيقة حول مصير المختفين في عرض المتوسط و عبر الصحراء و كذا مصير اللاجئين في المنطقة المغاربية المشرقية.

-النضال من أجل وضع حد لتنامي العنصرية التي بدأت تنخر مجتمعاتنا عبر وضع قوانين مناهضة للعنصرية و التمييز.

ومن أجل المساهمة في تطبيق هذا التوجه قرر المشاركون و المشاركات في الدورة الثالثة لمنتدى الهجرة خلق مرصد للمهاجرين لدق ناقوس الخطر ضد مختلف الانتهاكات لحقوق المهاجرين و من أجل الترافع تجاه العالم.