هاجمت نقابة العاملين في وزارة الشؤون الدينية من أئمة ووعاظ وباحثين ما أسمته استغلال بعض الأطراف للدين بهدف الوصول إلى غايات سياسية، في إشارة إلى بيان أصدره رجال دين مقربون من حركة النهضة أفتوا فيه بضرورة انتخاب من “يخاف الله” في حث جلي على انتخاب الحركة التي ينتمون إليها.

وكانت مجموعة من “العلماء” والجامعيين من بينهم مختار الجبالي ورضا الجوادي ونور الدين الخادمي، وزير الشؤون الدينية في عهد حكومتي النهضة، قد أصدرت بيانا حثت فيه على المشاركة في الانتخابات.

وحذّر بيان نقابة العاملين بالوزارة، من “الذين يرفعون شعارات إسلامية من أجل غايات ومكاسب سياسية”… و”الذين يتاجرون باسم الدين في دنيا السياسة والمطامع الدنيوية”، متهما إياهم بأنهم “يحاولون إعادة التونسيين إلى عصور الاستبداد تحت غطاء شرعي مزيف”.

وحمل البيان، وإنْ بشكل مبطن، فترة حكم النهضة مسؤولية توسع أنشطة المجموعات الإرهابية، حيث أرجع “ما شهدته تونس من عمليات إرهابية شملت المدنيين والعسكريين والأمنيين وراح ضحيتها العشرات من شهداء تونس الأبرار” إلى “غطاء ديني مفخخ بالأفكار المتطرفة التي جرى تسريبها على ألسنة رموز الفتنة والمتاجرين بالدين الذين قدموا من خارج تونس سواء عبر استغلالهم وسائل الإعلام الحديثة أو عبر خطابهم المباشر مع الجمهور بأسلوب المحاضرات والندوات”، في إشارة إلى شيوخ الشرق الذين سمحت بقدومهم “النهضة” واحتفت بهم وفتحت أمامهم أبواب المساجد، وبعضهم يحقّر من شأن المرأة، والآخر يحرض على الجهاد في سوريا ويكفّر المختلفين في الرأي.

وكان مراقبون ورجال دين وشخصيات سياسية قد حذّروا من استمرار توظيف حركة النهضة للمساجد خاصة بعد تخصيص أئمة الجمعة الخطبة منذ أسبوع للحديث عن الانتخابات وضرورة المشاركة فيها، واعتبار من يتأخر عنها لغير عذر آثما ومقصّرا.

واعتبر المراقبون أن العملية كانت منظمة وموجهة وهو ما يؤكد وجود جهة تولت التنسيق، موجهين أصابع الاتهام إلى الوزير السابق الخادمي الذي سبق أن اتهمه أئمة ووعاظ بأنه أغرق الوزارة بالمنتسبين إلى حركة النهضة من خريجي جامعة الزيتونة التي يدرس فيها.

وكان الخادمي قد تعرض إلى نقد شديد في فترة توليه الوزارة بسبب الخطب التي لا يزال يلقيها في جامع الفتح بقلب العاصمة، والتي حث فيها على “الجهاد في سوريا”، وهي فتوى اعتبرها خبراء أحد مبررات التحاق شبان تونسيين بجماعات متشددة في ليبيا وسوريا مثل “أنصار الشريعة” و”داعش”.

ويؤاخذ الخادمي، الذي قدمته “النهضة” في حكومتها كشخصية مستقلة، على تحريضه على مصر، وتحويل خطب الجمعة إلى فضاء لتصفية حسابات سياسية مع ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بالرئيس الإخواني محمد مرسي، فقد أصدر وقتها بيانا طالب فيه من أئمة المساجد مساندة الإخوان.

وتزعم وزير الشؤون الدينية السابق الذي تصفه “النهضة” بالمستقل حملة في الفترة الأخيرة للدعوة إلى الانتخابات والبحث عن أدلة شرعية تحض على المشاركة واختيار من يحقق المصلحة بالمفهوم الشرعي والديني.

واعتبر المراقبون أن حركة “النهضة” هي التي تقف وراء بيان “العلماء” في محاولة منها لاستثمار الجانب الديني والعاطفي لدى جمهور المساجد ومن يثق بعلم وفصاحة بعض الأئمة، وهو ما كانت قامت به في حملتها الانتخابية لسنة 2011 بالتركيز على تطبيق الشريعة مما مكنها من ضمان أصوات المتدينين وخاصة أنصار المجموعات المتشددة، حسب العرب.