لقي الاتفاق الليبي الليبي المعلن أول من أمس الجمعة ترحيبا إقليميا ودوليا باعتباره يوفر مخرجا للحل السياسي بعد التنصيص رسميا على وقف إطلاق النار، وفيما تشير مصادر مطلعة الى أن الاتفاق لن يكون ساريا إلا بعد التوقيع عليه في نص موحد غير قابل للتأويلات المتناقضة، وهو ما قد يكون في مؤتمر دولي سينعقد خلال الأيام القادمة في الصخيرات المغربية، فإن أهم ما تم التوصل إليه من خلال البيانين المنفصلين لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج هو التوصل الى وقف إطلاق النار واعتبار سرت منطقة معزولة السلاح وعودة ضخ النفط الى الأسواق العالمية والاتجاه نحو تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية

ويشمل كافة الأراضي الليبية، بما في ذلك منطقة الخط الأحمر سرت الجفرة، ووقد جاء بعد تفاهمات إقليمية ودولية تمهيدا لتطبيق للحل السياسي وسيتم التوافق على جميع تفاصيل ضمن اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة التي تجتمع تحت إشراف الأمم المتحدة وتضم خمسة متفاوضين من الجيش الوطني ومثلهم من حكومة الوفاق، وسيكون هدفها الأول تطبيق مخرجات مؤتمر برلين المنعقد في يناير الماضي، بما في ذلك إعادة نشر الأسلحة الثقيلة والمدفعية والمركبات الجوية وتجميعها، وإنهاء جميع النشاطات العسكرية من قبل أطراف النزاع، أو من خلال دعمهم المباشر لها، في جميع أنحاء ليبيا بدءا من بداية عملية وقف إطلاق النار، واتخاذ تدابير لبناء الثقة (بين أطراف النزاع)، مثل تبادل الأسرى ورفات الضحايا مع الاتجاه إلى عملية شاملة لنزع سلاح الجماعات المسلحة والميليشيات في ليبيا وإدماج الأفراد المناسبين في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية،

ويأتي ذلك تحت غطاء أممي بفرض عقوبات على كل طرف ينتهك وقف إطلاق النار وبحسب موقف البرلمان، فإن « وقف إطلاق النار يقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية أجنبية، وينتهي بإخراج المرتزقة، وتفكيك الميليشيات، ليتحقق استرجاع السيادة الوطنية الكاملة » بينما قال رئيس المجلس الرئاسي إنه و« إذ يبادر بالإعلان عن وقف إطلاق النار يؤكد أن الغاية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة».

وينص الاتفاق على اعتبار سرت وضواحيها منطقة معزولة من السلاح من أبرز النقاط الغامضة الواردة في بيان صالح والسراج، حيث أدت المشاورات الى إمكانيات انسحاب القوات العسكرية وتعويضها بقوات أمنية من مختلف أرجاء البلاد بحيث يشارك فيها ضباط وأفراد شرطة من الأقاليم الثلاثة، ويرى البرلمان أن الأمر مرتبط بإعلان سرت عاصمة مؤقتة تحتضن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية الجديدين، وهو ما سبق أن اقترحته واشنطن وعرضته على الفرقاء عن طريق إيطاليا، وتم الحديث عنه في مناسبات عدة، لتكون سرت عاصمة جامعة لليبيين، وليتم فسح المجال أمام الجهود المحلية والدولية لتفكيك الميلشيات المسيطرة على طرابلس وجمع السلاح وطرد المرتزقة الأجانب.

وقد اقترح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن تقوم قوة شرطية أمنية رسمية من مختلف المناطق بتأمينها، تمهيدا لتوحيد مؤسسات الدولة كمرحلة توافقية أساسية من مراحل البناء، على أن تستكمل الترتيبات العسكرية طبقا للمسار التفاوضي «5+5» برعاية البعثة الأممية والذي تلتزم بمخرجاته فور الاتفاق عليها وإعلانها رسميا، بينما قال رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أن أجهزة شرطية من الجانبين ستشرف على تأمين المدينة.

وبدا واضحا منذ البداية أن قرار تحويل سرت الى منطقة معزولة السلاح قوبل برفض قيادة الجيش ومصر وبعض الدول الأخرى منها روسيا وفرنسا، وذلك خشية أن يؤدي الأمر الى هجوم مباغت عليها من قبل الجانب التركي يحدث تحولا في التوازنات الإستراتيجية، لكن الضمانات الأمريكية والأممية شجعت الجيش وداعميه على قبول القرار من حيث المبدأ في انتظار النظر في مختلف تفاصيل خارطة التنفيذ على أرض الواقع.

وبعد ثمانية أشهر من غلق الحقول والموانئ النفطية، تضمن الاتفاق قرار بإعادة فتحها، والسماح بضخ النفط الى الأسواق العالمية، لكن بشرط سبق أن وضعته قيادة الجيش والبرلمان في صدارة المفاوضات، وهو تحويل الإيرادات المالية الى حساب في مصرف ليبيا الخارجي، وتجميده وعدم التصرف فيه الى حين التوصل الى حل سياسي، والبدء عندئذ في توزيعها على مناطق البلاد وفق مقاييس عادلة.

وقد رحبت المؤسسة الوطنية للنفط بماورد في الاتفاق الذي قالت إنه يدعم مقترحها «باستئناف انتاج وتصدير النفط وتجميد ايرادات البيع في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي حتى يتم التوصل الى ترتيبات سياسية شاملة وفق مخرجات مؤتمر برلين، مع ضرورة توفر الشفافية والحوكمة الفعالة، إضافة لعودة الإدارة الأمنية في المنشآت النفطية تحت الاشراف الحصري للمؤسسة الوطنية للنفط » وأنها «تجدد دعوتها لإخلاء جميع المنشآت النفطية من كافة أشكال التواجد العسكري لضمان أمن وسلامة عامليها لتتمكن من رفع حالة القوة القاهرة والمباشرة في عمليات تصدير النفط.

كما تطرق الطرفان للانتخابات، حيث أعلن السراج عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، تجري خلال شهر مارس القادم، التوافق بين الأطراف الليبية، بينما قال صالح « نسعى إلى تجاوز الماضي وطي صفحات الصراع والاقتتال والتطلع لبناء المستقبل والدولة عبر عملية انتخابية طبقا للدستور وإطلاق مصالحة وطنية شاملة وإقامة مجتمع دولة القانون والتسامح الذي يقر الحق للجميع في المشاركة و التعبير والاختلاف بالوسائل السلمية.

ويعتمد المجلس الرئاسي على مخرجات مؤتمر برلين الذي دعا «جميع الأطراف الليبية على إنهاء المرحلة الانتقالية بانتخابات حرة وشاملة وعادلة، وإنشاء مجلس رئاسي فاعل، وتشكيل حكومة موحدة وشاملة وفعالة معتمدة من مجلس النواب» فيما يرتمز مجلس النواب الى إعلان القاهرة الذي ينص على تشكيل مجلس رئاسي جديدة وحكومة وحدة لقيادة فترة انتقالية بـ18 شهرا قابلة للزيادة بحد أقصى 6 أشهر، يتم خلالها إعادة تنظيم كافة مؤسسات الدولة الليبية خاصة المؤسسات الاقتصادية الرئيسية (المصرف المركزي- المؤسسة الوطنية للنفط - المؤسسة الليبية للاستثمار) وإعادة تشكيل مجالس إدارة المؤسسات الأخيرة بما يضمن فعالية أداء الحكومة الجديدة وتوفير الموارد اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية انتهاء بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية.