" يقف وخلفه ( أبو الهول ) التمثال الأشهر في العالم ".. هذه واحده من أشهر صور بسام الشماع كاتب علم المصريات الشهير وأحد أقدم المرشدين السياحيين في مصر ، وأقربها إلى قلبه، ذلك لأن بطلها واحد من أشهر تماثيل العالم وأقدمها، ولكنه يتساءل مستنكرا: هل الصين تستكثر علينا هذا الفخر والاعتزاز، فتريد أن تقلد حتى أبو الهول؟.
وجاء تساؤل الشماع بعد أن نشرت النسخة الإلكترونية من صحيفة "الديلي ميل" البريطانية أمس الثلاثاء تقريرا عن تمثال لأبو الهول تم بنائه في قرية صينية، بنفس أبعاد حجم التمثال الأصلي في أهرامات الجيزة.
وبني التمثال بمدينة " شيجياتشوانج " بمقاطعة خبي الصينية بنفس حجم التمثال الأصلي، وهو طول حوالي 60 مترا، و ارتفاع 20 مترا، كما روعي عند الاستنساخ أن يظهر بأنف مبتوره مثل التمثال الأصلي الذي بترت أنفه قبل 100 عام بفعل عوامل التعرية والرياح، ولكن استخدم الصينيون عند بناء النسخة الصينية "الخرسانة المسلحة"، بينما استخدم في التمثال الأصلي "الحجر الجيري"، وفق الصحيفة.
ويعد استنساخ تمثال "أبو الهول" حلقة ضمن سلسلة طويلة من استنساخ الآثار المصرية في الصين، وسبق وطالب الأثريون بأن يتم ذلك بعد موافقة وزارة الآثار المصرية، وتحت إشرافها تجنبا لأي تشويه قد يحدث لملامح الأثر عند استنساخه، وهو ما ظهر في كل المستنسخات الصينية، وامتد إلى تمثال أبو الهول، بحسب الشماع.
وتظهر الشخصيات المصرية في مستنسخات الآثار الصينية بالهيئة الصينية ضيقة العيون، وهو ما ظهر - أيضا - في هيئة تمثال أبو الهول المستنسخ في الصين، والذي يختلف عن الأصلي في عدة أمور منها إلى جانب العين، شكل الفم، كما يقول الشماع.
وأضاف في تصريحات لوكالة الأناضول اليوم الأربعاء:" في التمثال الأصلي بمنطقة أهرامات الجيزة تبدو الشفاه سميكة، وهي تشبه بذلك شفاه الانسان المصري الجنوبي في منطقة النوبة، بينما تبدو في التمثال المستنسخ غير ذلك".
فرق ثالث بين الأصلي والمستنسخ يشير إليه الشماع وهو وجود بوابة بين اليدين الأماميتين لأبو الهول في الأثر المستنسخ، بينما توجد في التمثال الأصلي بنفس المنطقة لوحة أثرية تسمى " لوحة الحلم ".
وتحكي اللوحة قصة بناء تمثال أبو الهول، حيث رآه في منامه الملك "دجحوتي مس" والمعروف خطئا بـ " تحتمس الرابع " (حكم خلال الفترة من 1401 إلى 1391 ق.م )، وكان يقول له " حررني من الرمال"، فقرر بناء التمثال.
ويتساءل الشماع: وهل يمكن أن نحرر أنفسنا من هذه السرقة، كما حرر "دجحوتي مس" أبو الهول من الرمال؟. يرى كاتب علم المصريات أن ذلك ممكنا ويحتاج إلى بذل مزيد من الجهد، ولكن على مصر أن تأخذ خطوة للأمام، لأنه مع "الصمت" لا نستبعد أن تخرج علينا الصين قريبا باستنساخ هرم خوفو.
وعن هذه الخطوة يقول: " أولا يجب أن ترسل الحكومة المصرية إلى نظيرتها الصينية تطالبها بمقابل مادي ضخم عملا بحقوق الملكية الفكرية، فإن رفضت وهذا متوقع، علينا أن نلجأ للخطوة الثانية وهي ( تدويل القضية) أمام المحاكم الدولية حفاظا على حقوقنا التراثية والثقافية قبل المادية".
وأشار الشماع إلى خطورة الصمت عن ذلك، بموقف حدث له قبل عام في أحد المراكز التجارية في القاهرة، عندما ذهب لشراء " تي شيرت " فكان مطبوعا عليه الأهرامات، وعبارة " أهرامات لاس فيجاس". وأضاف: " لم تعد الأهرامات وفق المصنع منتج (التي شيرت) مصرية، لكن أصبحت مرتبطة بـ (لاس فيجاس) ".
وأهرامات "لاس فيجاس" هي جزء من مشروع ضخم لفندق يسمى " الأقصر لاس فيجاس"، ويضم إلى جانبها مسلات فرعونية ومستنسخ لتمثال أبو الهول بنفس الحجم الأصلي، وكتابات هيروغوفية " الكتابة المصرية القديمة " على الحوائط. ويتساءل الشماع: " ما الذي يدفع سائح لزيارة مصر، ومواجهة التحديات الأمنية، في الوقت الذي يمكنه مشاهدة مستنسخات في (لاس فيجاس)؟
وسألت صحيفة "الديلي ميل" نفس السؤال في تقريرها عن "أبو الهول الصيني"، حيث قالت: "هل سيسافر السائح الصيني إلى مصر لمشاهدة أبو الهول بعد أن أصبح لديها نسخة منه؟ يجيب كاتب علم المصريات: " أغلب الظن لا .. وقد نفاجئ قريبا في ظل الصمت الحكومي باستنساخ تمثال لهرم خوفو".