تواجه تحركات تركيا ومحاولاتها لغزو ليبيا خسائر كبيرة ومتواصلة على الأرض على يد الجيش الوطنى الليبى، الذى استطاع أن يسقط عددا من الطائرات التركية المسيرة، إضافة إلى عشرات القتلى والجرحى فى صفوف الجنود الأتراك.فيما يواصل النظام التركي اصراره على التكتم عن هذه الخسائر ضمن سياسته لتزييف الأحداث في ليبيا التي يتبعها لتبرير أطماعه وتدخلاته في البلاد.

وفي تصريح جديد،نفى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، سقوط قتلى في صفوف القوات التركية في ليبيا.ووفقا لوكالة "الأناضول"، قال أكار في مقابلة تلفزيونية، إن "القوات المسلحة التركية ستواصل القيام بما يجب القيام به في ليبيا، في إطار دعم الشرعية".وأكد "أنها تتواجد في ليبيا تلبية لدعوة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة".على حد زعمه.


وواصل الوزير التركي مزاعمه قائلا إن "الدور التركي في ليبيا يتمثل في التعاون بمجال التدريب العسكري والاستشاري".وحول وقوع خسائر بصفوف الجيش التركي في ليبيا، أجاب أكار "ما من شهيد أو مصاب أو خسائر في صفوفنا حتى اليوم.. وإننا نتخذ كافة التدابير في هذا الإطار".وأفاد أكار بأن الليبيين حققوا نجاحا كبيرا من حيث الحفاظ على وحدة الصف وسلامة أراضيهم، بعد إطلاق تركيا خدماتها الاستشارية وتدريباتها وتعاونها مع الحكومة الليبية.

تصريحات الوزير التركي تأتي في سياق استمرار تركيا في سياسة التكتم على خسائرها والتي اتضحت بشكل كبير  من خلال حملات النظام التركي ضد الصحفيين الذين حاولوا الكشف عن خسائر الجنود الأتراك في ليبيا.فقد قضت محكمة تركية في إسطنبول،في مارس الماضي، بالقبض على الكاتب الصحفي لصحيفة ينيكا، مراد أيرل، بسبب تقرير عن جنازة جندي تركي رفيع المستوى توفي في ليبيا، وفق ما أفاد موقع تي 24 الإخباري.

وقبل ذلك،اعتقلت السلطات التركية،مدير الأخبار في قناة "أودا تي في" باريش ترك أوغلو، على خلفية تقرير نشرته القناة تناول مراسم تشييع جنازة أحد أفراد جهاز المخابرات التركي الذي قتل في العاصمة الليبية طرابلس.وكانت قناة   "أودا تي في" عرضت اللقطات الخاصة بتشييع الضابط في مقاطعة مانيسا الغربية، قائلة إن "المراسم جرت بصمت، ولم يشارك في التشييع أي مسؤولين رفيعي المستوى، وهي ممارسة شائعة في الآونة الأخيرة".

وسبق أن أكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، قاآن صاليجي، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخفي معلومات عن قتلى الجيش التركي في ليبيا، منتقدًا سياسة التكتم التي يتبعها أردوغان وإخفاءه معلومات عن الشعب التركي بخصوص قتل جنود من جيشه في طرابلس.وطالب صاليجيفي تصريحات صحفية،أردوغان بـ"ضرورة إعطاء معلومات وافية عن ذلك وضرورة سحب قواته من ليبيا تفادياً لإراقة دماء الأتراك هناك".

وتصاعدت وتيرة الخسائر في صفوف الجنود الأتراك خلال الأسابيع الماضية،وأكد الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي أحمد المسماري،في تصريحات لوكالة "سبوتينك" الروسية، تواجد القوات التركية على الأرض وتحديدا المشاة، مضيفا: "قتلنا منهم الكثير في طرابلس من ضباطهم  وجنودهم وكل سلاحهم في طرابلس".

وفي تعليقه على التهديدات الصادرة مؤخرا عن وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو باعتبار قوات الجيش الليبي أهدافا للجيش التركي، رأى المسماري، أن هذا البيان هو تهديد باستخدام نوع آخر من السلاح. قد يكون استخدام بوارج بحرية واستخدام طائرات مقاتلة حربية وتطوير المعدات العسكرية، مردفاً: "المتغير قد يحدث في القوات الجوية باستخدام الطائرات المقاتلة، وعندها لكل حادث حديث".

وحرصت تركيا على إرسال دفعات كبيرة من المرتزقة السوريين إلى ليبيا، بحسب ما كشفه المرصد السوري لحقوق الإنسان، لكن حظ مرتزقة أردوغان لم يكن أحسن من حظ جنوده وطائراته حيث تتالى وصول جثثهم الى سوريا وآخرها ما أوردته وكالة ستيب السورية،بوصول دفعة قتلى جديدة إلى معبر حوار كلس العسكري شمال حلب قادمة من ليبيا. 


وبحسب الوكالة فإن الدفعة تضم 21 جثة ترجع لمرتزقة فصائل لواء السمرقند و لواء صقور الشمال وفرقة السلطان مراد ولواء السلطان سليمان شاه العمشات.ويقدر المرصد السوري -في آخر إحصائياته- تعداد المرتزقة الذين وصلوا إلى ليبيا حتى الآن، بنحو 8250 مجندا، بينهم مرتزقة غير سوريين، أما عدد المرتزقة في المعسكرات التركية -تحت التدريب استعدادا للزج بهم في المعارك الليبية- فقد بلغ حوالي 3800 متدرب.

ومُنيت الفصائل السورية الموالية لتركيا،بهزائم متتالية ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق، مقتل 11 من مرتزقة تركيا خلال الساعات والأيام القليلة الفائتة على محاور عدة في ليبيا.وقال المرصد في تقرير له:"بلغت حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا 279 مقاتل بينهم 13 طفل دون سن الـ18".

وتثير الخسائر المتتالية في ليبيا مخاوف النظام التركي من تأليب الراي العام المحلي عليه خاصة في ظل الأزمات التي تعيشها تركيا والتي يأتي في مقدمتها استمرار انهيار الليرة وشح النقد الأجنبي، ما دفع البنك المركزي التركي للتفاوض مع نظرائه في بريطانيا واليابان والصين والولايات المتحدة، لتقديم المساعدة في مسألة إنقاذ الليرة المتراجعة منذ عام 2018،وفق تقارير اعلامية.

وأكد نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم للشؤون الخارجية، جودت يلمظ، إن تركيا تسعى لاتفاقات مبادلة، قائلا: "نجري مفاوضات مع بنوك مركزية مختلفة بخصوص فرص المبادلات.. ليست الولايات المتحدة فحسب، بل هناك دول أخرى أيضا"، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.يأتي ذلك بعد أن سجلت الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا الأسبوع الماضي، مما يحد من قدرة أنقرة على معالجة بواعث القلق حيال احتياطياتها الأجنبية الآخذة بالتناقص، وعبء ديونها الضخم.

وإذا عجزت تركيا عن تدبير تمويل بعشرات المليارات من الدولارات، يقول المحللون إنها ستواجه خطر انهيار في سعر صرف العملة على غرار ما حدث في 2018، عندما فقدت الليرة لبعض الوقت نصف قيمتها، في أزمة هزت الأسواق الناشئة.وخسرت الليرة نحو 18% من قيمتها منذ بداية العام الجاري في ظل ضغط من فيروس كورونا المستجد، لتهبط إلى 7.259 ليرة للدولار، وهو أضعف مستوى لها على الإطلاق.


وكشف أردوغان أخيرا عن سر دعمه لحكومة الوفاق،حيث قدمت شركة البترول التركية "تباو"، طلبا إلى حكومة فايز السراج في العاصمة الليبية طرابلس للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية، الخميس.ونقلت الوكالة عن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز قوله، إن أعمال الاستكشاف ستبدأ "فور الانتهاء من العملية.

واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، سعيد امغيب، أن طلب تركيا بالتنقيب عن النفط الليبي هو الدافع الحقيقي لتوقيع الاتفاقية غير الشرعية بين تركيا وحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.ولفت امغيب في تصريحات لصحيفة "العرب" اللندنية،أن هذا الطلب يوضح حقيقة الأطماع التركية في ليبيا وطبيعة التدخل التركي وإثارة الفتنة وتغذية الحرب في البلاد.

ورغم خسائره الكبيرة في ليبيا، يمعن أردوغان في جر بلاده إلى حرب بعيدة عن بلاده لأجل خدمة أجندته التوسعية، من خلال الرهان على التقارب الإيديلوجي مع الحركات المتشددة واستغلال الفوضى طمعا في الثروات.ويرى مراقبون أن تركيا ستدفع ثمنا باهضا جراء سياسات أردوغان العدوانية وأحلامه المريضة وارتباطاته المشبوهة بالتنظيمات الإرهابية.