لا يزال النظام التركي يعمل على إتمام سيناريو « سورنة » ليبيا ، مما يهدد بتوسيع دائرة الفوضى في المنطقة ، ويثير مخاوف جدية من تحويل الأراضي الليبية الى ملجأ للجماعات الإرهابية سواء القادمة من الشمال السوري أو من الصحراء الكبرى ، وكذلك من الخلايا النائمة في عدد من دول شمال أفريقيا.
وأشارت مصادر عسكرية ليبية الى أن عاصر من المخابرات التركية عقدت اجتماعات مع عدد من أمراء الحرب وقادة الميلشيات الإرهابية في مدينة الزاوية ( 50 كلم الى الغرب من طرابلس ) لفتح معسكرات بهدف تدريب مئات من الشباب يجرى العمل على تجنيدهم من دول المغرب العربي ، واستقطابهم من قبل التيارات الإخوانية للقنال الى جانب مرتزقة أردوغان والميلشيات المحلية ضد الجيش الوطني في غرب ليبيا.
وأوضحت المصادر أن المخابرات التركية تنشط بكثافة في دول شمال إفريقيا والساحل والصحراء لاستقطاب وتجنيد أعداد متزايدة من الشباب للقتال في ليبيا ، على غرار ما تم من العام 2012 في سوريا ، وأن الهدف الحقيقي منذ ذلك هو تحويل الأراضي الليبي الى بؤرة الإرهاب تدار من قبل تركيا للمساومة حول أمن واستقرار المنطقة ، واستغلال مقدرات البلاد في ظل بنادق جماعات الإرهابيين والمرتزقة.
ويشير المراقبون الى أن تركيا تتعاون في مشروعها مع قوى الإسلام السياسي في دول عدة ، بهدف تغيير موازين القوى في المنطقة عبر الجماعات الإرهابية التي يخطط أردوغان الى جمعها داخل التراب الليبي بما فيها جماعات تنظيم القاعدة وداعش في مالي والنيجر وبوركينا فاسو ونيجريا ، خصوصا وأن تقارير إعلامية تحدثت عن إتفاق مع مسلحي بوكو حرام لنقلهم الى جنوب ليبيا الخاضع حاليا لسيطرة الجيش الوطني.
وكان النظام التركي قد نقل ما لا يقل عن 11 آلف مرتزق من شمال سوريا الى غرب ليبيا ، من بينهم إرهابيون عرب وأجانب كانوا يقاتلون ضمن تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين ، وذلك وفق ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويهدف أردوغان بذلك الى استبعاد الإرهابيين من المناطق المتاخمة لحدوده المشتركة مع سوريا الى شمال أفريقيا ، والاستفادة منهم في تنفيذ مشروعه التوسعي هناك ، ساعيا في نفس الوقت الى الرفع من أعداد الإرهابيين في ليبيا لتعويض خسارات حلفائه من قوى الإسلام السياسي في مصر والسودان ولطمأنة إخوان تونس والعمل على اختراق دول الساحل والصحراء.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لورديان قال الأربعاء أنه "لا يمكننا أن نتصوّر نزاعاً من هذا النوع: "سورنة" على بُعد 200 كلم من السواحل الأوروبية"، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر يهدّد "أمننا وأمن الجيران، بمن فيهم تونس والجزائر".
وأعربت أطراف أوروبية عن مخاوفها من مخططات أردوغان التي تهدد بتحويل المتوسط الى بحيرة دم ، حيث سيتم تجميع الإرهابيين في ليبيا ، بينما لن يضمن الأوروبيون تأمين حدودهم البحرية من قوارب الهجرة السرية التي قد تنقل إرهابيين الى الضفة الشمالية ، بما يمثله ذلك من خطر حقيقي على الإتحاد الأوروبي.
وجاء في دراسة لمركز العربي للبحوث والدراسات تحت عنوان “التدخل التركي في ليبيا وأثره على الأمن القومي المصري” أن أحد الدوافع الخفية التي جعلت أردوغان يخوض غمار مغامرة خاسرة في ليبيا هو محاولة لاقترابه من الحدود المصرية لتعكير صفو البلاد التي نجحت في التصدي لخطط جماعة الإخوان الخبيثة كما أنه يعتقد أن التدخل في ليبيا سيجعله على مقربة من الحدود المصرية ليكون شوكة في خاصرتها خاصة وأنه يكيد لها العداوة التي تعكس بدورها العداء التاريخي بين الإخوان والجيش المصري.
وفي تونس حذر عدد من السياسيين من مخطط أردوغان لتجميع الإرهابيين في ليبيا ، واعتبروا ذلك خطرا داهما على بلادهم ، خصوصا وأن التدخل التركي لم يرحب به الى حركة النهضة المتحالفة مع نظام أنقرة ، وجدد الوزير السابق والنائب الحالي في البرلمان التونسي مبروك كرشيد، اتهاماته لتركيا بضخ الإرهابيين إلى ليبيا، معتبراً أنها لا تريد الخير لبلاده ، مشيرا الى إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا يريد الخير لتونس وليبيا والجزائر، بعد إغراقه ليبيا بآلاف الإرهابيين.
وتابع أن جمع الإرهابيين في ليبيا هو "وبال شديد على تونس ومصيبة كبيرة على ليبيا والدول المحيطة بها وشعوبها"، لافتا إلى أن "وجود الإرهاب بالقرب من الحدود التونسية مباشرة، "استنزف المالية التونسية العمومية والموارد البشرية، بعد أن أصبحت 15 بالمائة من الميزانية موجهة إلى التسليح والأمن، في حين لم تكن هذه النسبة تتجاوز 3 بالمائة سنة 2010".