دفن الإيرانيون ذويهم الذين لقوا حتفهم بعد إسقاط جيشهم طائرة أوكرانية بينما حددت السلطات الأربعاء، هويات كثيرين من ضحايا الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي وعددهم 176 شخصاً والذي أثار غضباً دام أياماً من حكام إيران في أعقاب حملة للشرطة.
وساد الغضب الشديد خلال دفن ضحايا إسقاط الطائرة في 8 يناير (كانون الثاني) الجاري. وظهر في تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي أقارب أحد الضحايا، يمزقون العلم الإيراني الذي لُف به نعش القتيل، ووالدته تصرخ "مزقوه".
وخرج المحتجون إلى الشوارع لأربعة أيام بعدما اعترفت القوات المسلحة السبت الماضي، بإسقاطها الطائرة بعد أيام من الإنكار. وردت الشرطة بضراوة على المتظاهرين في بعض المدن.
ودعا الإيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء، إلى مظاهرات جديدة لكن لم تظهر بعد علامة على تجمعات حاشدة مثل التي شهدتها الأيام الماضية.
وظهرت في المقاطع المصورة بدل ذلك قوات الأمن تحتشد خارج الجامعات، مركز المظاهرات.
وفي مقاطع مصورة لاحتجاجات سابقة، ظهرت الشرطة تضرب محتجين، وُسمع دوي أعيرة نارية، وقنابل الغاز المسيل للدموع، وشوهدت دماء على الأرض.
ومن الصعب تقدير نطاق الاحتجاجات والاضطرابات بسبب القيود على التغطية الإعلامية المستقلة.
ونفت الشرطة إطلاق النار على المتظاهرين، وقالت إن الضباط تلقوا تعليمات بضبط النفس.
وقال مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز: "الحكومة ترى نفسها تحت حصار من كل الاتجاهات، ولن تسمح بتحول أي احتجاج إلى حركة في أنحاء البلاد".
وتقاتل إيران على جبهات عدة. فقد اندلعت أزمة دولية جديدة بسبب برنامجها النووي، واقتصادها يترنح تحت وطأة العقوبات الأمريكية، ومواجهة مستمرة منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة، والتي باتت لفترة وجيزة صراعاً مفتوحاً.
وأسقطت الدفاعات الجوية الإيرانية الطائرة الأوكرانية بعد استنفار القوات المسلحة تحسباً لرد واشنطن على شن طهران ضربات صاروخية على أهداف أمريكية في العراق، جاءت هي الأخرى رداً على ضربة بطائرة أمريكية دون طيار، أودت بحياة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني في 3 يناير (كانون الثاني) الجاري.
خطأ لا يغتفر
وأغلب ضحايا رحلة الطائرة الأوكرانية 752، والتي كانت متجهة إلى كييف، من الإيرانيين أو أصحاب الجنسية المزدوجة، وكثير منهم طلاب كانوا عائدين لمواصلة دراساتهم في الخارج بعد زيارة أسرهم في العطلة.
وذكرت وكالة العمال للأنباء، أن رئيس مكتب الطب الشرعي في طهران، أعلن التعرف على هويات 123 من 176 ضحية.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن العديد من الضحايا دفنوا في مقبرة جنة الزهراء جنوبي طهران، في حين سينقل آخرون للخارج.
وكانت أوكرانيا أعلنت الثلاثاء، أنها وكندا، وبريطانيا ودولا أخرى، لها مواطنون على متن الطائرة ستجتمع الخميس، في لندن لبحث التحرك القانون ضد إيران.
واعتذر الجيش وكبار المسؤولين بشدة عن إسقاط الطائرة الذي وصفوه بـ "خطأ لا يغتفر" وقالوا إنهم سيحاكمون المسؤولين عنه، في محاولة لتهدئة الغضب العام.
لكن الحكومة سعت كذلك لتحفيز أنصارها في الداخل، وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن هيئة تراعها الدولة دعت إلى تجمعات حاشدة يوم الجمعة، لحشد الدعم للقيادة ولتأبين "ضحايا" كارثة الطائرة.
وتواجه إيران كذلك ضغوطا دولية بسبب طموحاتها النووية.
ورفض الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء، فكرة التفاوض على اتفاق جديد لحل الخلاف النووي وهو ما اقترحه نظيره الأمريكي دونالد ترامب، ووصفه رئيس الوزراء البريطاني بـ "اتفاق ترامب".
وقال روحاني إن ترامب، الذي انسحب في 2018 من الاتفاق النووي القائم، لم يف بعهوده.
وقالت إيران مراراً إنها لن تجري محادثات في ظل العقوبات الأمريكية، التي عاودت واشنطن فرضها في إطار حملة "الضغوط القصوى" التي تشنها على إيران لحملها على قبول اتفاق جديد يضع قيوداً أكثر صرامة على أنشطتها النووية، ويحد من برنامجها الصاروخي، ويُنهي دورها في الصراعات الإقليمية.
وكان سليماني الذي قتل في الضربة الأمريكية، مسؤولاً عن بناء جماعات مسلحة إرهابية تعمل بالوكالة عن إيران في الخارج، ما أعطى لطهران مجالاً واسعاً من النفوذ في أنحاء الشرق الأوسط.