بدأ المهاجرون الأفارقة في ليبيا بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. فقد أعادت الكوت ديفوار أكثر من 350 مواطنا من طرابلس يوم الأربعاء، بعد أن ظهرت لقطات فيديو تظهر مزادات للعبيد أثارت احتجاجات عالمية. وتقول الأمم المتحدة إن المزادات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

وصرح أومبرتو بروفازيو المحلل بالمعهد الدولي للدراسات الأمنية في لندن لـ RFI : "لقد صدمت بمشاهدة لقطات تقرير شبكة سي إن إن ، إلا أننى لم أفاجأ".

 وفي اللقطات، يظهر مهاجرون - وهم في الغالب من السود - يعرضون للبيع في مزاد كمزارعين محتملين، وفي بعض الحالات، بأربعمائة دولار لكل واحد منهم.

وأثارت الصور احتجاجات ضد الرق في باريس وفي مدن عبر أنحاء العالم، مما دفع السلطات الليبية إلى بدء تحقيق.

 ويتابع بروفازيو: "إن أسواق الرقيق في ليبيا ليست جديدة"، مذكرا بأن المنظمة الدولية للهجرة قد وثقت لأول مرة في نيسان / أبريل، كيف يتم بيع المهاجرين كعبيد في مدينة سبها في جنوب ليبيا

ومن جهته ، قال جويل ميلمان، المسؤول الصحفي لدى المنظمة الدولية للهجرة، لـ "RFI": "نحن نعرف أن الأسواق تقام عادة في أماكن صغيرة بعيدا عن العاصمة".

وأوضح : "لكن نحن لسنا متأكدين حقا ما إذا كان ذلك مرتبطا بالحصاد الموسمي، أوعندما تجد مجموعات صغيرة من المهاجرين نفسها عالقة ، لمّا ينفد الوقود لشاحنتهم مثلا".

عبودية جديدة

يقول ميلمان: "يأخذ شخص ما المهاجرين إلى سوق حيث تجري المزادات الفعلية: يحتاج الناس إلى عامل زراعي، أو عامل بناء"، مضيفا أن ليبيا، شأنها شأن معظم الاقتصادات النفطية، لا تزال تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية.

وأضاف "ليبيا ، التي يقل فيها عدد السكان تعتمد دائما على قوة عاملة كبيرة للجنوب، وهذا لم يتوقف حتى في كل هذه الأزمة، وهم ما زالوا مقبلين".

إنهم يأتون من بلدان مثل مالي والنيجر وغينيا بحثا عن فرص اقتصادية أفضل في إيطاليا، حيث أن المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى هم الأكثر عرضة لألاعيب للمهربين.

ويتابع ميلمان: "لقد عانوا بشكل رهيب لأنهم معدمون جدا عندما يبدأون رحلتهم، وهم ليسوا مصدرا مهما للدخل بالنسبة للمهربين".

وهكذا يتحول المهربون إلى أسواق الرق لتعويض النقص.

 ويوضح ميلمان: "لم يكن المهربون بحاجة من قَبل إلى اللجوء إلى هذه التكتيكات مع السوريين ، تُحدد سعرا وهم يدفعون، لكنهم أدركوا الآن أنهم يستطيعون استخراج الكثير من المال من هؤلاء الناس البائسين".

الهجرة التي تغذي الرق تفاقم التوترات القبلية

لاتثير أسواق الرق الجديدة الغضب فقط عبر أنحاء العالم، ولكنها أيضا تفاقم التوترات القبلية على الأرض، كما يشرح الناشط الليبي عماد بادي : "نحن مجتمع قبلي جدا ومجتمع حيث معظم العرب يعتبرون أنفسهم متفوقين على من يسمونهم الأفارقة".

ويدعي بادي أن هذا "التمييز" يذكيه تدفق المهاجرين إلى ليبيا، و سياسة الاتحاد الأوروبي التي تستخدم طرابلس "أرضا للتخلص من النفايات".

"تخيل مجتمعا لديه الاستعداد ليكون عنصريا جدا يجد نفسه أمام تدفقات هائلة من المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئه، فيما ترفض بلدان أخرى تحمل مسؤولياتها، وتغلق حدودها .. والحل الذي تعتمده أساسا هو إبقاء المهاجرين في (...) .. من الواضح والطبيعي حينها أن تظهر أعراض العنصرية وانعدام الأمن ".

الاتحاد الأوروبي أمام المحك

بالنسبة لبادي، قد تكون استراتيجية الهجرة التي ينهجها الاتحاد الأوروبي تدعم أسواق الرق في ليبيا. ولذلك "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يركز على عدم محاربة الهجرة من خلال تمويل الميليشيات، مما يخلق مشاكل أخرى".

 والواقع أن الميليشيات المتناحرة، في أيلول / سبتمبر، تطاحنت من أجل السيطرة على مركز الاتجار في ليبيا صبراتة، غرب طرابلس، وبصورة أساسية للوصول إلى الأموال الإيطالية للحد من الهجرة.

وقال أومبرتو بروفازيو: "كانت إيطاليا تسدد للميليشيات في صبراتة لوقف القوارب عن نقل المهاجرين عبر وسط البحر الأبيض المتوسط". "لكن كلفة المعركة كانت مرتفعة جدا". وقد لقي ما لا يقل عن خمسة أشخاص مصرعهم وأصيب العشرات مما أدى إلى القول بأن جهود إيطاليا لوقف الهجرة كان لها تأثير عكسي.

مراكز اعتقال ضررها كبير  

وفي منتصف تشرين الثاني / نوفمبر، انتقدت الأمم المتحدة سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في مساعدة خفر السواحل الليبيين على اعتراض المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط ، ووصفا عملية إعادتهم بـ"غير إنسانية".

وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد رعد الحسين من أن نظام الاعتقال "أصبح معيبا إلى حد لا يمكن الإصلاح".

 طريقة واحدة لمعالجة المشكلة، يذكر جويل ميلمان، هو "تسجيل الناس حالما يتم إنقاذهم حتى يكون لديهم اسم وملف"، وهو ما يقول إنه سيمنعهم من الغرق في سوق الرقيق.

ويضيف: "يجب أن تكون هناك نقطة لقاء مركزية حيث يعرف أحدهم أنه يمكن أن يأتي ويحصل على الطعام، ويدعو عائلته، ويناقش العودة الطوعية إذا كان مهتما بها"، داعيا إلى تجريم مراكز الاحتجاز.

ويخلص إلى أن العالم "بحاجة للتخلص من هذه عقلية مركز الاعتقال والانتقال إلى شيء أكثر إنسانية بكثير".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة