في مقابلة نشرتها أسبوعية The Spectator في طبعة عيد الميلاد ، سأل فريزر نلسون وجيمس فورسيث رئيسَ الوزراء البريطاني عمّا إذا كان يَعتبر الآن أن تدخله في ليبيا كان خطأ. ديفيد كاميرون أقر أن الأمور كان يمكن أن تمضي بشكل أفضل منذ سقوط القذافي، لكنه أصر على أن "ما كنا نفعل هو منعُ الإبادة الجماعية". وتبدو تهمة الإبادة الجماعية للقذافي ، مثل أسلحة صدام حسين للدمار الشامل، من وحي الخيال. وما فتئت الحكومة تردد في وسائل الإعلام وتكرر الحديث عن الإبادة الجماعية من أجل كسب التأييد لفرض منطقة حظر جوي في مارس 2011.

في الواقع ، لم يكن هناك أي دليل مقنع عن ذلك. ففي وقت لاحق ذاك الصيف ، خلصت مجموعة الأزمات الدولية إلى أن "هناك أرضية للتشكيك في تقارير قالت إن النظام (في ليبيا) كان يستخدم القوة الجوية لذبح المتظاهرين، ناهيك عن الانخراط عن بعد في حملة للترويج لمصطلح" الإبادة الجماعية".

أيا كان السبب الحقيقي للتدخل الفرنسي البريطاني في ليبيا، ليس هناك شك في أنه أدى إلى كارثة، كما حذرت The Spectator في ذلك الوقت.

عندما وصلت إلى بنغازي الأسبوع الماضي، طلبت أخذي لميدان التحرير، وهو نفس المكان حيث وعد كاميرون الليبيين بأنه "سأقف معكم وأنتم تبنون بلدكم وتبنون ديمقراطيتكم للمستقبل". إلا أنه قيل لي أن هذا لن يكون ممكنا، لأن المنطقة كما كل وسط بنغازي تقريبا، في أيدي المتمردين.

ثلث السكان طُردوا من منازلهم، فيما انهار الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، أما نظام المدارس فهو معطل بينما تجوب فيالق الموت الشوارع. عندما زرت رئيس بلدية بنغازي في مكتب مؤقت له ، قال لي إنه منذ سقوط القذافي: "عشنا أسوأ خمس سنوات من تاريخنا".

حاليا ، تجعل بريطانيا الأمور أسوأ، من خلال عدم دعم الحكومة الليبية التي في مقرها شرق البلاد، وهي المعترف بها دوليا، والمنتخبة ديمقراطيا في ربيع عام 2014. سعت ، بشكل معقول بما فيه الكفاية، إلى السيطرة على مواردها الخاصة والمالية من خلال إنشاء شركة النفط الوطنية والبنك المركزي، ولكن تم منعها بكل شكل من قبل بريطانيا والمجتمع الدولي. وهذا يعني أنه ليس لديها المال لتمويل المدارس والمستشفيات ودعم الخدمات العامة، ناهيك عن محاربة أحدث تهديد ظهر على عتباتها: داعش.

رئيس الوزراء الليبي، عبد الله الثني، كتب قبل شهر لفيليب هاموند يعرض التعاون ضد داعش، وفي مجال تهريب المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عبر البحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا. غير أنه لم يتلق أي رد حتى الآن. بدلا من ذلك، وخلال عيد الميلاد، وافقت بريطانيا على خطوة الأمم المتحدة الإطاحة بالسيد الثني وفرض رئيس وزراء غير منتخب. وبحسب علمي، هذه هو أول مرة تقر الأمم المتحدة خطة للانقلاب على حكومة منتخبة ديمقراطيا. وبشكل متوقع تم رفض هذه المبادرة ، ليس فقط في شرق ليبيا ولكن أيضا في الحكومة المنافسة في طرابلس (حيث من المستحيل لأي شخص أو مؤسسة أن تعمل إلا بدعم من ائتلاف الميليشيات الذي يسيطر تماما على المدينة). وقد ضاعفت الأمم المتحدة تراكمات فشلها بشأن حظر على الأسلحة، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحكومة طبرق للتقدم أمام داعش وهزمه.

هل يوجد كنديون هناك؟.. الرائد البطل أكرم القماطي هو واحد من 800 من رجال الشرطة والمسؤولين المستهدفين بمحاولات وعمليات الاغتيال في بنغازي منذ قدّم ديفيد كاميرون في ميدان التحرير تعهده المختال بالوقوف مع ليبيا. أكرم زحف حيا من سيارته بعد أن تم تفجيرها. للأسف، كما يقول، "لقد تركت ساقي ورائي". في غضون ستة أشهر ، عاد إلى مكتبه، وكان قد رتّب ودفع ثمن ساق جديدة ليتم تركيبها في مستشفى كندي. لكن السلطات ماطلت في منحه التأشيرة. ووعد الرائد أكرم خطيبته بأنه لن يتزوجها حتى اكتمال العملية. أستطيع أن أفكر في حالات أخرى. ربما يمكن لرئيس الوزراء الكندي ترودو تسريع الأمور؟

في قاعدة للجيش تناولت طعام الغداء مع واحد من الرجال القلائل الذين دخلوا القوات الخاصة وفازوا. قائد القوات الخاصة عبدالله الشعافي ، وهو من قدامى المحاربين قضى 40 عاما في الجيش الليبي، روى لي كيف أنه أسر مفرزة من الجنود البريطانيين وضباط مخابرات بريطانيين عندما كانوا في الصحراء في بداية الانتفاضة الليبية في 2011، ثم سلمهم إلى قائم بأعمال المملكة المتحدة القائم. الآن يواجه العقيد الشعافي مشكلة أخرى مع داعش . لواؤه 204 في فريحات، غرب بنغازي، يقاتل داعش والجماعات الإسلامية الأخرى التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المدينة. الضابط الآمر، العقيد مهدي، قال لي إنه يقود قوة من المتطوعين المدنيين، قُتل 100 منهم خلال العام الماضي. ما هو شكل مقاتلي داعش؟". "إنهم أذكياء ولكن يتصرفون مثل الأغبياء" يقول لي العقيد المهدي موضحا إنهم مقاتلون مهرة ولكنهم يفتقرون إلى التأييد بين السكان المحليين". عليك أن تقاتل المقاتل ، وأن تحارب معتقداته".

*كاتب التقرير - بيتر اوبورن