تواصل حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج الانصياع للأوامر التركية ومواصلة تحشيد المليشيات والمرتزقة الموالين لانقرة للدفع بهم إلى معركة سرت والجفرة تلبية لاطماع أردوغان في السيطرة على الحقول النفطية متجاهلة الدعوات الدولية للتهدئة ووقف إطلاق النار تمهيدا للعودة الى طاولة الحوار والذهاب إلى حلول سياسية تضمن استقرار البلاد وتوحيدها.
وفي إشارة صريحة لاصرارها على الحرب أعلنت قوات حكومة الوفاق وصول تعزيزات عسكرية جديدة إلى عناصرها في محاور القتال حول مدينة سرت الاستراتيجية بوسط البلاد، وبثت وسائل إعلام موالية للحكومة لقطات فيديو تظهر هذه التعزيزات في إطار ما وصفته بالاستعداد لتحرير سرت الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي.
وتأتي هذه التحشيدات بالتزامن مع مواصلة النظام التركي عمليات تجنيد المرتزقة للمشاركة في القتال،وكشف الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي،اللواء أحمد المسماري، صباح اليوم الثلاثاء، عن خطة لمليشيات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، لحشد حوالي 15 ألف مقاتل من المليشيات والمرتزقة السوريين على جبهات سرت والجفرة.
وقال المسماري في بلاغ له على "فيس بوك"، إن فرقة السلطان مراد السورية التابعة لأنقرة، أقامت معسكر تدريب في معسكر اليرموك في العاصمة الليبية طرابلس لاستقبال مقاتلين جدد من المرتزقة السوريين وتدريبهم للقتال.وأكد أن الخطة تهدف لـ"حشد 15 ألفا من المرتزقة السوريبن والذين يعرفون بالاقتحاميين، والقوات الخاصة وقوات النخبة التابعة لجبهة النصرة أو ما يعرف بالانغماسيين".
وأظهر مقطع فيديو،نشره الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، لتدريب مجموعات من المرتزقة تم نقلهم على عجل من سوريا إلى ليبيا دون تدريب كاف،ولفت المسماري إلى أنّ المقاتلين الجدد سيحلون في نقاط الحراسة محل المقاتلين المتمرسين الذين يتم نقلهم وإعدادهم، في إشارة إلى التمركزات القريبة من سرت.
ولم تكتف تركيا بتجنيد أكثر من 16500 مرتزق من الجنسية السورية، في الحرب الليبية، وذلك وفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، بل إتجهت مع حليفتها قطر إلى تجنيد آلاف المرتزقة من الصوماليين.وأكدت تقارير إعلامية، أن أكثر من 2000 صومالي تم نشرهم على خطوط القتال الأمامية في ليبيا.يأتي ذلك مع إعلان أعلنت تركيا عبر مسؤوليها في تصريحات علنية عزمها الهجوم على مدينتي سرت والجفرة للسيطرة على منابع النفط وثروات ليبيا.
وفي المقابل،أعلن الجيش الوطني الليبي جاهزيته للتصدي لاي هجوم تشنه المليشيات والمرتزقة الموالين لتركيا ودحرها على أسوار سرت.وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي التابعة للجيش الوطني،العميد خالد المحجوب، أن التدمير سيطال أي مجموعات مسلحة تقترب من محور سرت-الجفرة الذي حددته القيادة العامة، وذلك في إشارة لاقتراب قوات تابعة لحكومة الوفاق، كانت تتحرك في الأيام الأخيرة نحو سرت.
وقال المحجوب خلال مداخلة له عبر قناة "اليو" التابعة لشبكة أوربت، مساء الاثنين،إن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر أثبت التزامه حتى الآن بمخرجات مبادرة إعلان القاهرة ونبه إلى اختلاف المسائل على جميع المستويات بعد تدخل مصر في الأزمة وموقفها.وأضاف أن تركيا تحاول التخلص من المرتزقة الذين أحضرتهم إلى ليبيا، لأن عودتهم إلى تركيا مسألة خطيرة على الأمن التركي، وأن أنقرة ربما تغامر مغامرة عسكرية محدودة مبيناً أن الجيش الوطني يرصد كل تحركات المرتزقة في ليبيا وأن أعدادهم في طرابلس تجاوزت خمسة آلاف مرتزق.
وكان اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية،أكد في وقت سابق، أن قوات الجيش الليبي جاهزة للتصدي لأي محاولة للهجوم على مواقعها في مدينة سرت، لكنه لفت في المقابل إلى أنها لن تبادر بشن أي هجوم التزاما منها بالتفاهمات الدولية التي أدت إلى وقف إطلاق النار حاليا.
وتتزامن هذه التصريحات مع تحركات ميدانية مع محاولات المليشيات والمرتزقة التقدم نحو سرت.وكان الجيش الليبي قد رصد قبل نحو أسبوعين، حشداً للميليشيات المسلحة التابعة لتركيا في محيط سرت.والأحد الماضي، قصف الجيش الليبي ثلاث دبابات تتبع للميليشيات المدعومة من تركيا، بعد أن حاولت تجاوز الحد الفاصل بينها وبين قوات الجيش الوطني، غرب سرت.
ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري،عن الضابط في الجيش الليبي خالد الهميل، إن قوات الاستطلاع "استطاعت رصد مكان الدبابات غرب مدينة سرت، قبل أن تستهدفها طائرات سلاح الجو التابع للجيش الليبي".وأشار الهميل، إلى أن الدبابات الثلاث تركية الصنع، وتم تدميرها بالكامل، وقتل أغلب طواقمها، كما تم تدمير بعض العربات المسلحة المرافقة لها.
وفي غضون ذلك،تواصل مصر تحركاتها لاحتمال تدخل عسكري مباشر لصد العدوان التركي على الأراضي الليبية،حيث أعلنت القوات المسلحة المصرية، الإثنين، بدءها "إجراءات الاصطفاف والاستعداد القتالي" لأفرادها على حدود البلاد الغربية،بحضور الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وأفاد بيان عسكري مصري،بأن الفريق محمد فريد،شهد "إجراءات الاصطفاف، والاستعداد القتالي لقوات الجيش، والذي يأتي في إطار خطة القيادة العامة لمتابعة التدابير والإجراءات المشددة لحماية حدود الدولة وأمنها القومي على كافة الاتجاهات الاستراتيجية براً وبحراً وجواً بالتعاون بين كافة الأفرع الرئيسية والتشكيلات التعبوية للقوات المسلحة".
واستمع رئيس أركان الجيش المصري، إلى "الإجراءات المتخذة لرفع درجات الاستعداد القتالي، وعرض قرارات القادة على المستويات كافة لتنظيم التعاون بين كافة عناصر تشكيل العملية الاستراتيجية للقوات البرية والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة بما يضمن تنفيذ العناصر للمهام بكل دقة وفي التوقيتات المحددة، كما ناقش مع عدد من القادة والضباط أسلوب تنفيذ المهام المخططة، وكيفية مجابهة التغيرات الحادة والسريعة أثناء سير أعمال القتال".
وياتي هذا التحرك المصري بعد أسبوع على موافقة البرلمان المصري على إرسال قوات الجيش في مهمات قتالية إلى ليبيا.وجاء ذلك بعد أن حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من تقدم الميليشيات المسلحة صوب خط "سرت الجفرة" ووصفه بالخط الأحمر، مشددا على أنّ تقدم الميليشيات سيستدعي التدخل العسكري المصري في ليبيا.
والتقى الرئيس المصري،بمشايخ وأعيان القبائل الليبية،الذين أكدوا تفويضهم للقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة.وقبل ذلك دعا مجلس النواب الليبي رسميا القوات المسلحة المصرية للتدخل العسكري في ليبيا دعما لليبيين في حربهم ضد الاحتلال التركي الذي يسعى للسيطرة على الحقول النفطية ونهب ثروات البلاد دعما لاقتصاد أنقرة المتداعي.
ويطرح التدخل المصري في حالة حدوثه تساؤلا كبيرا حول مدى قدرة القوات المسلحة المصرية على تغيير موازين القوى في ليبيا؟وهو تساؤل أجاب عليه الرئيس المصري خلال لقائه الأخير مع مشائخ وأعيان القبائل الليبية حين أكد أنه "إذا تدخلت مصر في ليبيا ستغيّر المشهد العسكري بشكل سريع"،مضيفا بالقول "لدينا أقوى الجيوش في المنطقة وأفريقيا".
وتثير هذه التطورات مخاوف كبيرة من اندلاع حرب اقليمية في الاراضي الليبية ستكون لها انعكاسات كبيرة تتجاوز حدود ليبيا لتشكل خطرا اقليميا ودوليا.ويرى متابعون للشأن الليبي أن أطماع أردوغان في السيطرة علة مدينة سرت كونها مفتاح السيطرة على منطقة "الهلال النفطي" في ليبيا ، والتي تساهم بنسبة 60٪ من صادرات النفط الليبية،قد تجر المنطقة عموما الى ما لا تحمد عقباه خاصة في ظل انتشار الىلاف من الارهابيين الذين أرسلتهم أنقرة الى ليبيا.
وتتجاهل أنقرة الدعوات الدولية الممتالية لوقف التصعيد في ليبيا وإنهاء التدخلات الخارجية في البلاد والتي كان آخرها،مطالبة الولايات المتحدة عبر سفارتها في ليبيا بضرورة مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة البلاد التي مزقتها الصراعات والتدخلات التركية.وقالت السفارة، في بيان لها، الثلاثاء، إن القائم بأعمالها جوشوا هاريس أكد استعداده للعمل مع مجموعة شاملة من الشخصيات الليبية من جميع أنحاء البلاد التي ترفض التدخل الأجنبي.
وشددت السفارة على الحاجة الملحة لمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة للأراضي الليبية.والإثنين التقى هاريس قيادات من حكومة فايز السراج في مدينة مصراتة وأكد استعداد بلاده للتشاور مع من سماهم القادة الليبيين لإحباط التصعيد العسكري في مدينتي سرت والجفرة، وإعادة فتح قطاع الطاقة في ليبيا.
ولا تعير تركيا وزنا للإتفاقات الدولية والدعوات المتواصلة الى احترام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد،حيث يصر الرئيس التركي على خرق كل الالتزامات الدولية طمعا في السيطرة على ثروات ليبيا. وشهدت المدن الليبية مظاهرات شعبية تنديدا بالغزو التركي كما أكدت القبائل الليبية في بياناتها الوقوف ضد محاولات أردوغان تحويل ليبيا لايالة تركية. ويؤكد متابعون للشأن الليبي أن العبث التركي ينذر بتحويل ليبيا إلى ساحة حرب إقليمية قد تمتد تأثيراتها لتشكل خطرا عالميا.