الشباب في الجزائر أصبحوا يكفرون بالعمل السياسي والتخندق الحزبي... حقيقة لا يمكن لأحد إخفائها فرجال السياسة والتنظيمات الحزبية في الجزائر سواء الموالية للسلطة أو المعارضة عجزت عن استقطاب هذه  الشريحة التي تمثل 70 بالمائة من المجتمع الجزائري لصفها إلا أن مغني راب باستطاعته فعل ما عجز رجال السياسة عليه لأنه وبكل بساطة يحاكي آلام الجزائريين بلغتهم لغة بسيطة بعيدة عن لغة الخشب التي يستعملها الساسة والتي أصبحت سلعة مستهلكة وخطابات أكل عليها الدهر وشرب، فالشاب الجزائري أصبح يجد في غناء الراب متنفسا له من أوضاع إجتماعية واقتصادية مزرية زادتها  مشكلة البطالة تفاقما  عند كثير من الشباب  من خرجي الجامعات ومراكز التكوين.

وفي ظل انتخابات رئاسية لم تغري برامجها الكثير من الشباب الجزائري أطل مغني الراب الجزائري المعروف لطفي دوبل كانون على جمهوره بأغنية جديدة تنتقد النظام الحاكم وتتحدث عن قضايا الفاسد وتبذير المال العام التي عرفتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة ، لتتحول هذه الأغنية بمثابة الحدث الأبرز في الجزائر وعلى  مدار الأسبوعين وتحقق نسبة مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي فاقت كل التصورات .أكثر من مليوني مشاهدة في غضون 3 أيام،

ويعتبر هذا المثال البسيط وغيره أ كثر دليل على شعبية الراب في الجزائر كنوع من المعارضة خاصة عند الشباب ذكورا وإناث.

  ويستطيع مغني الراب  في الجزائر تعبئة الملايين من الجمهور عكس الأحزاب السياسة التي لم تستطع ملء قاعات ب100 شخص خلال تجمعاتها الشعبية المصاحبة للحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أبريل 2014، ما دفع بالكثير من عشاق الفنان دوبل كانون إلى مطالبته بالترشح للانتخابات الرئاسية ملتزمين بالتصويت عليه حتى وإن كان لا يفقه من السياسة سوى الكلمات.

 وقبل سنوات قليلة مضت شكّل المغني لطفي دوبل كانون، ظاهرة فنية على الساحة الوطنية، على اعتبار الحشود الكبيرة من الشباب المعجب بموسيقي الراب التي يقدمها نوع ...موسيقي أسالت الكثير من الحبر انتقادا له قبل أن يفرض نفسه ويؤكد مصداقيته، ويصبح لهذا النوع من الغناء تيارا ثقافيا واجتماعيا لا يتوانى الكثيرون  في اعتباره سياسيةنضالية وواقعا ثقافيا ، على خلفية أن كل المعتقدين به ينتهجون نظرة منتقدة لما يحيط بهم من أوضاع وسياسيات ونظام قائم. وهو ما جعل السلطة في الجزائر تستنجد بتيار مناقض للتيار الأول فظهر على الساحة خلال فترة الرئاسيات من ينتقد لطفي دوبل كانون بدوره وكل المتمردين على النظام بنفس الطريقة وبنفس نوع الغناء وطبيعة اللباس. ليطفوا على السطح صراع شبيه بصراع الأحزاب السياسة الموالية وتلك المعارضة للنظام الجزائري لكن في موسيقي الراب. ما أعطى الطابع الغنائي الكثير  من الحركية وكذلك البعد الديمقراطي فمن يريد أن ينتقد الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في الجزائر في ميكروفونه له ذلك ومن يريد أن ينتقد من ينتقد هو الأخر حر وهي معادلة لم تنجح السياسة في الجزائر على تحقيقها.

وتؤكد أغلب فرق الراب في الجزائر أن هذا الطبع الغنائي الغربي  لا يزال يحتفظ بشعبيته رغم التجاهل من قبل  الإعلام بكل وسائله لهذا النوع الموسيقي الذي يمارس طريقته الخاصة بالتعبير في مكانه الأصلي الشارع.  فالمجتمع الجزائري قد تقبّل في الفترة الأخيرة حقيقة وجود الراب، ولم تعد النظرة السيئة تلازمه وسط الأسر الجزائرية.

ولممارسي ومحبي ثقافة الهيب هوب طرقهم الخاصة في العمل وممارسة نشاطهم، من خلال الحفلات والمهرجانات المحلية والأشرطة للتعبير عن آرائهم بطرقهم الخاصة، من أجل فرض وجودهم ولعل سر شعبية هذا النوع من الغناء هو أنه يترجم اهتمامات الشباب  من حيث الكلمات أو الموسيقى أو حتى الرقص، كما أن أغلب مغني الراب يؤكدون أن لهم رسالة يريدون إيصالها من خلال الكلمة النقية والموسيقى الهادفة وهو ما جعل الراب كغيره من الأنواع الموسيقية الأخرى جزءا لا يتجزأ من الثقافة في الجزائر.