تجلس السيدة إيمان مجدي على أريكة في منزلها البسيط بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، لمتابعة البرامج التلفزيونية السياسية التي لا تتحدث سوى عن الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم وغدا.

لكن هذا الاهتمام المختلط بارتياح ظهر على تعبيرات وجه ربة المنزل ذات السبعة والأربعين عاما، يختلف عما كان عليه الأمر قبل عامين، عندما كان يفصلها عن التصويت في انتخابات الرئاسة أيضا مجرد ساعات.

وتحكي السيدة إيمان لـ"سكاي نيوز عربية" أنها "كمسيحية، كانت في غاية التوتر" في انتخابات الرئاسة الماضية في 2012، عندما كان عليها أن تختار بين مرشحين فقط في الجولة الثانية، أحدهما ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي لاقت دعما كبيرا وقتها من الجماعات الإسلامية المعتدلة منها والمتشددة، وهو محمد مرسي، والآخر ينتمي لعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهو أحمد شفيق.

وتقول: "هناك فرق بين انتخابات 2012 وانتخابات 2014.. ففي الأولى كان هناك تخوف شديد من وصول الإخوان للحكم لذا ذهبنا للتصويت لشفيق".

ووصل مرسي إلى الحكم ومكث فيه أقل من عام، كان صعبا على الأقباط الذين رأوا أن حكم الإخوان "لا يمثلهم"، خاصة بعد الزج بهم في توترات طائفية وفتاوى متضاربة من دعاة مؤيدين للحكم بشأن كيفية معاملة المسيحيين.

وأطاح الجيش بحكم مرسي بعد احتجاجات واسعة على طريقة إدارته للبلاد في 3 يوليو 2013، لتدخل البلاد مرحلة انتقالية لمدة عام، تجرى بها انتخابات رئاسية جديدة يتنافس فيها وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، والسياسي اليساري حمدين صباحي.

وتقول إيمان إنها تشعر "باطمئنان في هذه الانتخابات لأن كلا المرشحين معتدل وغير محسوب على تيار ديني. لذا سأصوت دون خوف. وأولا وأخيرا الأمل في ربنا أيا كان من سيحكم".

ويتفق ابنها أنطون الذي يعمل محاسب في شركة إنشاءات مع والدته، في أنه لا يوجد توتر لديه أو خوف كما كان موجودا في الانتخابات السابقة، لكنه لم يعط صوته حينها لشفيق بل لجأ إلى إبطال صوته.

وقال لـ"سكاي نيوز عربية": "أبطلت صوتي حينها لأنني كنت ما بين أن أصوت لتاجر دين أو آخر من نظام مبارك البائد"، حسب رأيه.

ويتجه أنطون إلى إعطاء صوته للمرشح الرئاسي حمدين صباحي، لأنه على حد تعبيره" يمثل قيم الثورة".

لكن الأمر مختلف لدى أخته ماريان، فهي غير مقتنعة بكلا المرشحين، لذا لن تذهب للاقتراع بسبب اطمئنانها إلى أن "السيسي سيفوز على أي حال".

وأوضحت ماريان "أشعر بارتياح هذه المرة. لا يهم أن أصوت أم لا، فالسيسي لديه تأييد واسع. وحتى إذا فاز حمدين فلن تكون كارثة".

وتوضح ماريان أنها أعطت صوتها لشفيق في الانتخابات الماضية دون أن تعرف عنه شيئا، لأنها كانت "خائفة من أن يعمل من وصول مرسي للحكم والعمل على أخونة البلاد".

وتؤكد الكنيسة الأرثوذكسية التي يتبعها أقباط مصر، أنها تترك حرية الاختيار للمواطنين دون توجيه، لكنها حثتهم على النزول للمشاركة في الانتخابات.

ويقول الكاتب والناشط القبطي سليمان شفيق إن الأقباط أصبحوا "أكثر حماسة لعودة الأمور إلى طبيعتها، وهو دافع لهم للمشاركة".

ويضيف أن مشاركتهم في انتخابات 2012 كان خلفها فزع من احتمال وصول الإخوان للسلطة، وهو ما تحقق بالفعل.

وفي 30 يونيو، تحركت مظاهرات كبيرة من المصريين لمطالبة مرسي بالتنحي، وكانت مشاركة المسيحيين بها كثيفة "لأنهم تعبوا من حكم الإخوان والتيارات المتشددة التي ساندته".

ويرى الكاتب أن المصريين بشكل عام سيصوتون بكثافة بلا خوف "لأنهم يبحثون عن الأمان"، واستدرك بالقول: "لكن بالنسبة للمسيحيين بشكل خاص فإنهم يبحثون عن الأمان والحياة بعدما واجهوا تهديدات حقيقية في عهد الإخوان".