تجد الجماعة الليبية المسلحة التي تلقت الملايين من روما لوقف اللاجئين نحو إيطاليا في مرمى نيران منافسيها الغيورين.

نيران سيسجلها التاريخ. المعارك التى بدأت يوم الأحد فى صبراتة على بعد 70 كم غرب طرابلس مست المسرح القديم للمدينة وهو أحد المواقع المصنفة تراثا عالميا من قبل اليونسكو. وفي يوم الاربعاء، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. لكن الانقسامات لا تزال قائمة.

أعمال العنف، التي تفرق بين أسر المدينة، استعرت، بسبب إيطاليا. وفي الخلفية، موضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية. ليلة السبت، اندلع القتال بعد مقتل عضو في كتيبة أنس الدباشي - نسبة إلى ابن عم أحمد الدباشي - عند نقطة تفتيش أثناء تبادل لإطلاق النار مع غرفة العمليات، القوة العسكرية الرسمية للمدينة. لم يكن الأمر يتطلب أكثر لبدء حرب بين غرفة العمليات وأحمد الدباشي، المتحالف مع الكتيبة 48 بقيادة أحد إخوته.

وقيل إن خمسة أشخاص قُتلوا. وكان التوتر بين القبيلتين يختمر لعدة أسابيع في صبراتة، كما لاحظت لو فيغارو يوم السبت الماضي. ولكن بعض المزاعم بشأن إبرام إيطاليا اتفاقا ماليا مع أحمد الدباشي "العمو"، لوقف تهريب المهاجرين، غذت العداوات.

تعد صبراتة واحدة من النقاط الرئيسية للمهاجرين إلى أوروبا. ومن بين 800 ألف إلى مليون مهاجر غير شرعي - ومعظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى - الموجودين في ليبيا، ينتظر 15 ألف منهم حاليا في هذه المدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط بانتظار الرحيل إلى أوروبا. لم يكن من الممكن اختيار "العمو" عشوائيا: فهو يعتبر أكبر المهربين في ليبيا.

ورجاله مسؤولون عن أمن موقع مليتة للغاز الذي تديره شركة إيني الإيطالية العملاقة. رسميا، إيطاليا تنفي أي اتفاق. وقد أعلن الحزب الراديكالى الإيطالي يوم الجمعة الماضي أنه قدم شكوى إلى النيابة العامة حول هذا الموضوع. فيما يبدي المسؤولون الليبيون حذرا بهذا الشأن.

وإذا كان الجنرال عمر أبو جليل رئيس غرفة العمليات يرى أن "اتصالات بعض الدول الأوروبية بالمهربين تشكل عقبة في كفاحنا ضد الجريمة"، فإنه يستدرك بسرعة عندما يقتبس من "العمو" : "لا نعرف ما إذا كان الإيطاليون الذين التقوا بالمهربين يرسَلون من قبل حكومتهم".ما يمكنني أن أؤكده لكم هو "أن الجانب الليبي المعني لا يمثل دولتنا. هم مهربون ستتم مقاضاتهم عندما يصبح لدينا دولة قانون". وعمدة المدينة، حسين دوادي، حصل على نفي من السلطات الإيطالية، لكنه أضاف: "رغم ذلك، المهربون يتكلمون". هو يلمح هنا إلى المتحدث باسم "العمو" بشير إبراهيم الذي أكد لوكالة "الأسوشييتد بريس" أنه تم التوصل إلى اتفاق شفهي مع السلطات الإيطالية لوقف عمليات الهجرة. وفي المقابل، تتلقى االكتيبة المال والقوارب والمعدات.

وقال ضابط أمن من صبراتة فضل عدم الكشف عن هويته: "سوف يتلقى "العمو" 5 ملايين يورو كل ثلاثة أشهر. وتم تقديم دفعة أولى قبل شهر. أحمد الدباشي قال إنه إذا توقفت إيطاليا عن الدفع، فسوف يرسل القوارب مرة أخرى. لديه حظائر تقوم بتصنيع قوارب يمكن أن تحمل 600 مهاجر!"

وشدد الجنرال عمر أبو جليل على المخاطر الأمنية: "من المهم أن نعرف أن المهربين ليس لديهم مشكلة في مساعدة مهاجر أو إرهابي على عبور البحر الأبيض المتوسط. بالنسبة لهم، لا فرق. "

في أغسطس ، اعتقلت غرفة العمليات شخصين ينتميان إلى بوكو حرام كانا يتأهبان للمغادرة إلى أوروبا، بفضل كتيبية أنس الدباشي. كما يوجد تنظيم داعش في صبراتة. حتى عام 2016، كانت لديه معسكرات التدريب. وكان قائد داعش على المستوى المحلي هو أحد "الدباشيين".

وقد قتل في أبريل الماضي. لكن روابط الدم لا يمكن أن تفسر كل شيء، ولا تبرر كل شيء. أيمن الدباشي دليل على ذلك. العسكري هو ابن عم أحمد الدباشي، الذي يحاربه اليوم: "حاولت إبعاده من عمليات التهريب. لم أنجح. إنه ليس متعلما. استطاع أن يكسب الكثير من المال من التهريب وهناك بعض الكبار المتنفذين الذين يحمونه".

أيمن غاضب. وبينما هو الذي ينتمي إلى الجيش، ليس لديه سوى زورق مطاطي واحد لمراقبة البحر الأبيض المتوسط، يمتلك ابن عمه قاربين من طراز "سيلينغر"، جديدين تقريبا ومسروقين من البحرية الليبية، فضلا عن دبابات.

بالنسبة لليبيين، فإن إيطاليا ستراهن على القوة من خلال وضع المبادئ جانبا. إذا كان هذا هو الحال، فإن النتائج قابلة للنقاش. ويقول باسم الغرابلي، ممثل مكتب مكافحة الهجرة غير الشرعية في صبراتة: "أحمد الدباشي يعيق المهربين المنافسين، ولكنه يواصل إرسال زبائنه".

وكدليل على ذلك، يسوق الرجل موضوع آلاف المهاجرين الذين تم اعتراضهم في البحر، الجمعة 15 سبتمبر. في الواقع، أسباب مختلفة تفسر الانخفاض بنسبة 22٪ في عدد القادمين إلى إيطاليا منذ بداية العام مقارنة بعام 2016، والانخفاض بأكثر من 80٪ في عدد الذين تم إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط في أغسطس. أولا، كانت الأرقام لعام 2016 مرتفعة بشكل استثنائي.

"حرب القرد" في سبها، أعمال العنف القبلي التي اندلعت بعد أن قفز حيوان مستأنس على تلميذة شابة في نوفمبر2016، قد تكون حدّت من تدفق الرجال من جنوب ليبيا على سواحل البحر الأبيض المتوسط.

وفي وقت لاحق، أدخلت إيطاليا تدابير مختلفة، مثل تدريب خفر السواحل الليبيين، في حين انسحبت قوارب المنظمات غير الحكومية الدولية التي اتُهمت بخدمة مصالح المهربين عن غير قصد. وقامت المنظمة الدولية للهجرة بدورها بتسريع عملية إعادة المهاجرين إلى أوطانهم الأصلية.

وأخيرا، فإن "الصحافة السيئة"، التي تسهب في عرض الموتى في البحر الأبيض المتوسط، عملت على تثبيط المرشحين في البداية. ثم إن أولئك الذين يواصلون، على الرغم من كل شيء، حلم الهجرة ، فقد بدأوا تدريجيا ينظمون أنفسهم: العديد منهم بات يطالب الآن بـ"ضمانات" من المهربين. ويمكن أن يكون ذلك "مرافقة" مسلحة إلى المياه الدولية، أو تأجيل الدفع عند الوصول. وهو ما يمكن أن يعقد عمل المهربين.

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة