مع تنامي التجاذبات المتعلقة بما أفصحت عنه المحكمة العسكرية التونسية في علاقة بملف جرحى وشهداء الثورة، وماترتب عنه من اعتصامات سواء في قبة التأسيسي أو في ساحة حقوق الانسان بالعاصمة تونس، بالإضافة لتصدر هذه المسألة عناوين الملفات الاعلامية ، يتزايد النبش والتدقيق في مجريات أحداث تونس التي سبقت وتزامنت وتلت خروج الرئيس السابق بن علي من تونس.عاد إذا الى اهتمام السياسيين وحتى لدى المواطنين العاديين سؤال الثورة وحيثياتها ، بين الاقرار بثورية ما حدث وبين الذهاب في اتجاه غموض يحتاج الى استقصاء موجع لتسارع احداث فاتحة ما أصبح يسمى بعد ذلك "بالربيع العربي". ضمن هذا المناخ التونسي التقت بوابة افريقيا السيد محمد الكيلاني أمين عام الحزب الاشتراكي والسجين السياسي خلال حقبتي بورقيبة ثم بن علي، سألناه حول قراءته لما حدث في تونس بين 17 ديسمبر و14 جانفي، الفترة التي مثلت منعرجا لتغيير شامل في تونس ، وتغيير في المنطقة العربية بأسرها ، بالاضافة الى أسئلة أخرى طرحناها في مفاصل هذا الحوار.
 *السيد محمد الكيلاني أنت من معارضي النظام السابق وسجنائه . كيف تنظر الآن الى ما حدث في تونس بعد مرور ما يناهز الأربعة سنوات؟
ج: لا أحد ينكر مشروعية الحراك الاجتماعي في تونس الذي كانت بدايته نتيجة لإقدام البعزيزي على احراق جسده. وهو حراك توفرت شروطه بعد استفحال الفساد السياسي والاقتصادي وتنامي التناقضات الاجتماعية. كان الامر منتظرا وموضوعيا ، الشيء الذي وسع من دائرة الاحتجاجات في أنحاء عديدة في مختلف جهات البلاد.لكنه بقي مجرد حراك اجتماعي.

*يعني أن ماحدث بعيد عن مقولة ودلالات الثورة؟

ج: لا يمكن الحديث عن ثورة دون رموز سياسية وقيادة وهدف واضح لهكذا حراك.كل السياسيين كانوا بعيدين بأشكال مختلفة عما كان يحدث في البلاد بما فيهم أنا . صحيح أن تطورات الاحداث كانت توحي بتغير ما قد يحصل، لقد خرجنا جميعا مثلا يوم 14 جانفي ورفعنا ما رفعنا من شعارات ثم عدنا الى بيوتنا سالمين، وفوجئنا بخروج بن علي أمام شاشات التلفاز.يوم 14 جانفي فوجئنا أيضا بفتح أعوان الأمن الطريق أمامنا للاتجاه الى مقر وزارة الخارجية.
*لكن لايمكن لك أن تنفي قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل لهذا الحراك الثوري؟
ج: أولا أنا لا أرى ماحدث حراكا ثوريا، ثانيا اتحاد الشغل ليسا حزبا سياسيا ولا هو حامل لرؤية سياسية. لقد قام بدوره في التأطير وانتهت مهمته هناك. المسألة أعمق من ذلك...
*بما هي المسألة التي تتحدث عنها...فسر لنا ذلك؟
ج: الأمر يحتاج الى قدر من الصراحة والابتعاد عن المكابرة التي تعلقت بالسياسيين وحتى بعض الاعلاميين. من يفسر لي ماأقدم عليه سمير الترهوني عن احتجازه لعائلة الرئيس وأصهاره!من يفسر لنا انسحاب الامن من البلاد عشية 14 جانفي! وأكثر من ذلك من يفسر لنا ظاهرة القناصة قبل وبعد خروج بن علي....أنا أقول أن ماحدث انقلاب تفاعلت فيه أطراف داخلية وخارجية.
*من هي هذه الأطراف بالتحديد؟
ج:أنا بصدد الانتهاء من كتاب أعرض فيه كل مايتعلق بما حدث...لكن أقول لك أن تونس والنظام السابق الذي كنت معارضا له وسجنت من أجل ذلك قد تعرض لانقلاب استثمر الحراك الاجتماعي وقتها ووقع اختراق أجهزته الأمنية بشهادة قيادات أمنية عليا. زد على ذلك تربص قوى دولية من أجل تغيير مبرمج...
*ألا يحرجك أن تنفي الثورة وتعمق جراح أهل الشهداء والجرحى المعتصمين في أماكن عديدة نتيجة ضياع حقوق أبناءهم؟
ج:الشجاعة تتطلب مصارحة الناس بعيدا عن المكابرة التي يصر عليها السياسيون من أجل المزايدة بآلام الناس وأحلامهم. يكفي من هذه الأوهام التي شردت البلاد والعباد. لابد من مواجهة حقيقة ماحدث وأنا لا أقبل هكذا مزايدة...
* نأتي الى موقع حزبك في الواقع السياسي التونسي.يبدو أنكم تتمتعون اليوم بأمان التحالف مع حزب نداء تونس ؟
ج: نحن طرف في الاتحاد من أجل تونس ونلتقي مع مكوناته في قراءة الواقع السياسي الحالي.وهذا الاتحاد سيتوسع قريبا ربما فقائمة الاحزاب التي تود الالتحاق بالاتحاد طويلة.
*حزبكم يرشح الباجي قايد السبسي للرئاسية القادمة، ويبدو أن ذلك شرط السلامة داخل الاتحاد من أجل تونس؟
ج:الأمر ليس بهذه البساطة. نحن نرشح الباجي لما له من رمزية وكفاءة، ولأنه عبر عن نيته خوض الرئاسية، نحن حزب مناضل، وله واقعية في التعاطي مع الواقع السياسي الحالي.
*ماتعليقكم على مسألة السياح الاسرائيليين ومسألة سحب الثقة المطروح من وزيرة السياحة؟
ج:المسألة مجرد ضجيج تمارسه فئة في التأسيسي أصابتها البطالة والبحث عن شرعية غير موجودة. أقول لهؤلاء يكفي من الكذب على الناس، فقد كان بامكانكم تجريم التطبيع في الدستور ولم تفعلوا ذلك.
أجرى الحوار عزالدين بن محمود.