الضربات التي تلقتها جماعة أنصار الشريعة منذ انطلاقة عملية الكرامة في ليبيا،أدت إلى مبايعة ما تبقى من عناصر التنظيم و قياداته،جماعة الدولة الإسلامية –داعش-.فقد خسر التنظيم قائده محمد الزهاوي المكنى بـ"أبي مصعب" في يناير الماضي في مواجهات مع الجيش الليبي،و خسر مراكز تموقعه و معسكراته في مدينة بنغازي خاصة في أحياء الليثي و بوعطني،الأمر إلى دفع بقيته للالتحاق بداعش.و بذلك يصبح تنظيم الدولة الإسلامية،قائدا للتيار الجهادي في ليبيا بعد أن ضم داخله أغلب الجماعات الجهادية كتنظيم مجلس شورى شباب الإسلام و جيش تحكيم الشريعة و أنصار الشريعة.و تشهد الساحة العسكرية فرزا جديدا بين ثلاثة قوى رئيسية هي :الجيش الوطني الليبي،قوات فجر ليبيا،تنظيم الدولة الإسلامية التي تريد أن تبسط سيطرتها على كامل البلاد و التوغل في شمال إفريقيا عموما،ففي يوليو الماضي نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية خريطة تعود لأنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" يظهر فيها حدودها التي تسعى داعش إلى تأسيسها خلال السنوات القليلة القادمة.وتظهر الخريطة الخطة التي يتبناها التنظيم فيظهر فيها توغل في الشرق الأوسط في شمال إفريقيا من مصر إلى موريتانيا.

 

من القاعدة إلى داعش

 

"نريد تطبيق شرع الله"،ذلك ما صرح به محمد علي الزهاوي قائد "كتيبة أنصار الشريعة"، كبرى الكتائب الإسلامية المسلحة في ليبيا لتلفزيون " بي بي سي"و كانت أنصار الشريعة في بنغازي قد أعلنت عن نفسها للمرة الأولى في شهر فبراير/شباط 2012 ،كما نظمت مؤتمرها التأسيسي في يونيو/حزيران من نفس السنة و حضره ما يقرب من ألف. و تأسست كتيبة أنصار الشريعة بعد الإنفصال عن "سرايا راف الله السحاتي" التي شاركت في تأسيسها.هذا و اتهمت الجماعة بالهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي في شهر سبتمبر الماضي التي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين و أعلن آنذاك تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في بيان أن الهجوم جاء انتقاما لمقتل الشيخ أبو يحيى الليبي أحد قادتها في غارة جوية بطائرة بدون طيار في يونيو/حزيران 2012. إلا أن الجماعة قد نفت ذلك و قالت على لسان المتحدث باسمها هاني المنصوري " الجماعة لم تشارك في الهجوم الذي استهدف مقر القنصلية الأميركية في خضم الاحتجاجات على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة."

و في ذات سياق الاعتداء على البعثات الدبلوماسية الخارجية كانت الجماعة قد هددت بذبح سفير بورما خلال مظاهرة في شهر أغسطس /أب 2012 خلال مظاهرة لمساندة المسلمين في بورما و ما يتعرضون له و قال أحد المتحدثين باسم أنصار الشريعة إن الجماعة "ستذبح السفير البورمي إن لم تتوقف عمليات الإبادة ضد المسلمين".و في تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى في سبتمبر /أيلول 2012،قال الباحث هارون زيلين "ان في ليبيا تستخدم عدد من الجماعات مجموعة متنوعة من اسم "أنصار الشريعة". وثمة اثنتان من أبرز الجماعات هما "كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي" التي يُنظر إليها على أنها المشتبه بها الرئيسي في الهجوم الأخير على القنصلية وأخرى أقل بروزاً وهي "أنصار الشريعة في درنة" بقيادة سجين غوانتانامو السابق أبو سفيان بن قومو. وكلتا الجماعتين قد تم تأسيسهما عقب موت الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لكنهما غير مرتبطتين ببعضهما البعض. وقد أعلنت "أنصار الشريعة في بنغازي" عن نفسها للمرة الأولى في شباط/فبراير 2012 بقيادة محمد الزهاوي الذي كان في السابق سجيناً في سجن سيئ الصيت يدعى "أبو سليم" في زمن القذافي. وقد استضافت الجماعة ما تمنت أن يكون أول مؤتمر سنوي في حزيران/يونيو حضره ما يقرب من ألف شخص من بينهم عدد من الميليشيات الأصغر كلهم يدعون الدولة الليبية إلى تطبيق الشريعة. والأرجح أن بضعة مئات من أولئك المشاركين كانوا من أعضاء "أنصار الشريعة في بنغازي".

و يضيف التقرير :"ومثل "أنصار الشريعة التونسيين" كان "أنصار الشريعة في بنغازي" يقدمون أيضاً خدمات اجتماعية حيث قام أفرادها بتنظيف الطرق وإصلاحها وقدموا صدقات خلال شهر رمضان وكانوا مؤخراً يساعدون في توفير الأمن في مستشفى بنغازي. ورغم أن الجماعة تقر بأنها هدمت الأضرحة والمقابر الصوفية في بنغازي إلا أنها حاولت أن تصوغ لنفسها توصيفاً محلياً بأنها مدافعة عن تفسير صارم للإسلام مع المساعدة في ذات الوقت على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع. وبناءاً على تصريحاتها - التي تطورت من تأكيدات أن أفراداً منها كانوا متورطين بشكل فردي في الهجوم إلى إنكار صريح لأي تورط - يبدو أن تنظيم "أنصار الشريعة في بنغازي" قد فهم أنه تخطى الحدود ولذا فهو يحاول إنقاذ سمعته".

و يعتقد خبراء أن جماعة أنصار الشريعة الليبية هي الوجه الجديد للقاعدة، و يشير الباحث التونسي توفيق المديني الى "أن الشك نشأ بعد اكتشاف وثائق جمعتها القوات الخاصة الأمريكية في أبوت آباد شمال باكستان (المكان الأخير الذي كان يسكن فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن) رسائل البريد الإلكتروني لزعيم "القاعدة"، يتساءل فيها عن إمكان تبديل اسم منظمته. وفي القائمة الطويلة التي وضعها اسامة بن لادن اسما "أنصار الشريعة" و "أنصار الدين"، فهناك شواهد تؤكد الروابط بين "أنصار الشريعة" وتنظيم "القاعدة".و أشارت تقارير اعلامية محلية الى "وجود فرعين لأنصار الشريعة خارج مدينة بنغازي هما "أنصار الشريعة في سرت" و"أنصار الشريعة في اجدابيا". تأسس فرع سرت في 28 يونيو 2013 في مدينة سرت بعد إلغاء اللجنه الأمنية وانضمامها لأنصار الشريعة وتغيير إسمها إلى (أنصار الشريعه سرت) وكان آمر الفرع وقتها أحمد علي التير المكنى "أبو علي". فيما الشيخ فوزي العياط هو المتحدث الرسمي باسم أنصار الشريعة - سرت وهو أيضا عضو في مكتب أوقاف سرت. فيما تأسس فرع أنصار الشريعة - اجدابيا في 4 أغسطس 2013."