علمت صحيفة The Telegraph أنه يجري حاليا تجنيد الأنصار السابقين للعقيد القذافي للانضمام إلى المعركة المدعومة من الغرب لطرد تنظيم داعش من ليبيا.

وقد وقّع القادة الذين قاتلوا إلى جانب القذافي خلال الثورة في عام 2011 بالمشاركة في ائتلاف يسعى إلى دحر التنظيم الإرهابي خارج سرت.

القادة - وبعضهم فر من ليبيا بعد الثورة - يعتبرون الخطوة على أنها فرصة لـ "تخليص" أنفسهم في نظر مواطنيهم.

وبانضماهم إلى التحالف ضد داعش، والذي يتشكل من ميليشيات ليبية مختلفة، سوف يكونون على نفس جانب القوات العسكرية البريطانية التي أرسلت سرا للمساعدة في المعركة ضد داعش. وقد قضت قوات خاصة بريطانية وأمريكية بالفعل عدة أشهر في عمليات جمع معلومات استخبارية حول سرت، التي يُخشى أن يكون داعش يخطط انطلاقا منها لشن هجمات على الأراضي الأوروبية.

لكن الجماعات المسلحة المتناحرة في ليبيا مالت إلى العمل فقط منذ تشكيل حكومة جديدة الشهر الماضي بعد عامين من الحرب الأهلية. وتحفز هؤلاء جزئيا الرغبة في منع ليبيا من أن تصبح فرعا آخر لما يسمى بـ "خلافة داعش" ، وجزئيا لمعرفتهم بأن من يستعيد سرت من داعش سيحظى بهيبة في المشهد السياسي الجديد.

ويقول جمعة القماطي السياسي الليبي المطلع على تشكيل الحكومة الجديدة: "الرهانات عالية جدا، وقد تكون سرت أم المعارك في ليبيا".

وقالت الحكومة يوم الجمعة إنها بصدد إنشاء مركز قيادة وطني جديد للإشراف على العملية، بينما بدأت قوات من الفصائل المسلحة الليبية المختلفة في تطويق سرت من مسافة بعيدة.

إلى الغرب، يتجمع رجال ميليشيا قتالية من مصراتة - شحذوا مهاراتهم خلال "ستالينغراد" ضد قوات القذافي في عام 2011 - في أبوقرين، مفترق طرق الصحراء.

وفي الوقت نفسه، إلى الشرق من سرت، حول مدينة جدابيا النفطية الباهتة، تحتشد قوات تحت قيادة الجنرال خليفة حفتر المنشق في عهد القذافي، إلى الولايات المتحدة في عام 1980 قبل أن يعود إلى الانضمام إلى المتمردين في عام 2011.

حقيقة أن معسكري حفتر ومصراتة حاربا معا للإطاحة القذافي في عام 2011 لا تجعلهما حليفين طبيعيين.

منذ ذلك الحين، كانا لاعبين رئيسيين في الصراع على السلطة الذي مزق ليبيا ، فالمصراتيون ينظرون إلى حفتر كديكتاتور آخر في الانتظار ، فيما يتهم حفتر مصراتة بأنها مرتع للمتشددين الاسلاميين.

وفيما يفتقر كل وصف إلى الدقة الكاملة ، ساهمت المناوشات بين المجموعتين بشكل مباشر في فراغ السلطة الذي سمح لداعش بإيجاد موطئ قدم في ليبيا العام الماضي، وترهيب سكانها بنظام لقطع الرؤوس، والصلب والجلد.

في أماكن أخرى من التحالف المناهض لداعش، هناك شركاء آخرون. في جنوب ليبيا ضم الشهر الماضي، قائد مهاب الجانب من الذين قاتلوا إلى جانب القذافي ضم يده إلى معسكر حفتر المناوىء لداعش. الجنرال علي كنة وهو أحد مقاتلي الطوارق الذين جندهم القذافي نظرا لمهارتهم في معارك الصحراء، فر إلى النيجر المجاورة مع أتباع له بعد سقوط طرابلس في أغسطس 2011.

وهو الآن يسعى إلى "التخلص" من ذلك الماضي من خلال الانضمام إلى المعركة ضد داعش ، وفقا لماتيا توالدو، وهو خبير في ملف ليبيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ، والذي يضيف "يأمل بعض الناس في حقبة القذافي أن يتمكنوا من تخليص أنفسهم من خلال الانضمام إلى المعركة ضد داعش". إلا أن "الخلاص" قد يأتي بكلفة عالية جدا. إذ يُعتقد أن سرت الآن هي موطن لحوالي 6،000 مسلح من داعش، ومن كبار قادة التنظيم في العراق وسوريا، وهم يستعدون لما قد يكون معركة دامية جدا .

يوم الخميس الماضي، شن مقاتلو داعش هجوما مزدوجا بالأسلحة وبانتحاري على نقطة تفتيش في أبو قرين، مما أسفر عن مقتل اثنين من رجال الشرطة وأجبر قادة مصراتة على إغراق المنطقة بقوات احتياطية.

وقد زُرعت الطرق داخل سرت بالألغام والعبوات الناسفة. وعلى مشارف المدينة، يقوم المقاتلون ببناء حواجز رملية عملاقة. وفضلا عن تجنيده انتحاريين، يُخشى أن التنظيم يخطط أيضا لاستخدام السكان المحليين دروعا بشرية.

ويمكن لأي قوة غازية أن تتوقع على أقل تقدير جولة إعادة من القتال في المناطق الحضرية في سرت خلال الصيف الماضي، عندما دفع داعش بميليشيات من مصراتة المجاورة مزاوجا بين العراك الشرس والتعصب المطلق.

وكما قال أحد مقاتلي مصراتة لـ "تلغراف" في وقت سابق من هذا العام: "قتال أنصار القذافي خلال الحرب كان صعبا بما فيه الكفاية، ولكن قتال أناس داعش أشرس، بل هي أشد ضراوة ونحن لم نر مثيلا له من قبل."

في صالح التحالف المناهض لداعش، العدد الأكبر والعتاد الأفضل.

يتوفر الجنرال حفتر على حوالي 7000 جندي، فضلا عن قوات جوية. لديه أيضا عربات مدرعة جديدة أعطيت له من قبل مصر، التي ترى فيه حليفا مفيدا وسط حالة الفوضى في ليبيا.

ويُعتقد أن معسكر حفتر هو الذي جلب الجنرال كنة ، وذلك كجزء من استراتيجية لمهادنة عناصر القذافي السابقين. وفي بادرة مصالحة أخرى، تم السماح لأرملة القذافي، صفية فركاش، بالعودة من المنفى إلى مسقط رأسها في شرق ليبيا.

عامل آخر رئيسي ستلعبه القوات الغربية، التي تعهدت بدعم الحكومة الليبية الجديدة بأي مساعدات تحتاجها للإطاحة بداعش.

ويبدو أن خطط إرسال ما يصل الى 1000 جندي بريطاني إلى طرابلس كجزء من مهمة تدريبية مشتركة بريطانية إيطالية باتت جاهزة، وسط مخاوف من أن تظهر الحكومة الجديدة مثل دمية في يد قوة احتلال.

بدلا من ذلك، يبقى الوجود الغربي متسترا على شكل مجموعة سرية من القوات الخاصة، مهمتها الأساسية إجراء اتصالات مع الميليشيات المحلية، وبناء صورة المخابرات في سرت للمساعدة في الضربات الجوية. ولكن حتى مع مساعدة الخارج، فإنه يتعين أن نرى ما إذا كانت الحملة سوف توحد الفصائل الليبية المختلفة معا مرة أخرى أو ببساطة ستدفعها أبعد عن بعضهما البعض.

وهناك أصلا مخاوف من أن الفصائل المختلفة تتنافس بدلا من التنسيق مع بعضها البعض، مما دفع الحكومة الجديدة إلى التحذير الأسبوع الماضي من أن "غياب قيادة موحدة" يمكن أن يؤدي إلى "مواجهة بين تلك القوات المسلحة." وناشدت جميع الأطراف الخضوع إلى "القيادة المشتركة" الجديدة تحت قيادة الحكومة.

في أفضل الأوقات ، تختزل الميليشيات في ليبيا القوانين في حد ذاتها ، وفي مصراتة، هناك قلق متزايد من أن قوات العقيد حفتر قد تكون تخطط ليس فقط للسيطرة على سرت ولكن أيضا على حقول النفط القيمة جنوب وشرق المدينة.

ويحذر القماطي: "الناس قلقون من أنه إذا لم يتم التعامل مع العملية سرت بشكل صحيح، فهذا يمكن أن يكون بداية لحرب أهلية واسعة النطاق".