من المعلوم أن فرنسا قد أرسلت في وقت سابق جزءا مهمّا من جيشها إلى منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، من أجل التصدي للخطر الارهابي الذي ظهر في شمال مالي ثم انتشر في كامل المنطقة. اليوم تغيّرت الظروف بحيث ظهر تهديد جديد في المنطقة وهو تهديد بوكو حرام، التنظيم الذي لم يعد يكتفي بالأراضي النيجيرية، وصار يهدد دولا تتمركز فيها قوات فرنسية. إذن، ورغم أن دور فرنسا المعلن هو دعم دول المنطقة في حربها ضد الجماعات الارهابية، فإن فرنسا هي جزء بالضرورة من الحرب على بوكو حرام.

في البدء، كانت عملية برخان التي تخوضها في فرنسا في افريقيا، وهي أوسع انتشار للجيش الفرنسي خارج ترابه، كانت موجهة لدعم دول مالي، التشاد، النيجر، بوركينا فاسو وموريطانيا في حربها على الجماعات الارهابية التي كان من المتوقع ان تتحرك في هذه الاتجاهات بعد الضربات التي وجهتها لها القوات الفرنسية في شمال مالي.

غير أن تطور الأحداث جعل من الجيش الفرنسي في قلب حرب تخوضها كل المنطقة ضد التيارات الجهادية، ولعل أبرزها على الإطلاق، باعتبار حدة العمليات وتواترها، هو تنظيم بوكو حرام. وقد بدأت دول تتداخل مع فرنسا في عملية برخان مثل التشاد والنيجر في حرب برية مباشرة مع التنظيم بداية من الشهر الجاري.

لازال الجيش الفرنسي، تماما كالديبلوماسية الفرنسية، يعتبر أن الحرب المباشرة قرار سابق لأوانه. ورغم أن الدولة الفرنسية في خطابها الرسمي لا تتورع في كشف تدهور الوضع الا أنها لا تشير إلى احتمال توجيه جنودها إلى ميادين القتال على الحدود النيجيرية.

وحسب مصادر عسكرية فرنسية، فإن أولوية الجيش الفرنسي هو حماية ظهر الجيشين النيجري والتشادي خلال حربهما على بوكو حرام. وتعتقد القيادة العسكرية الفرنسية أن الجيش التشادي قادر، نظرا لاحترافيته وقدراته القتالية العالية، على صد محاولة التوسع التي تقدم عليها جماعة بوكو حرام. من هنا فدور الجيش الفرنسي هو تأمين الامدادات لهذه الجيوش، وخاصة على مستوى تزويد للطائرات الحربية التشادية. كما إن فرنسا تقوم بدور استخباراتي كبير لصالح هذه الجيوش بسبب علو كعب التكنولوجيات التي يستعملها الجيش الفرنسي.

الخارجية الفرنسية، كثيرا ما تشير باللوم إلى الجانب النيجيري، إذ تعتبر فرنسا أن نيجيريا غير مهيأة اليوم لتلقي مساعدات عسكرية مباشرة، حتى أن مصدرا ديبلوماسيا فرنسيا أشار أن "بلاده دعت الدول الأوروبية لدعم نيجيريا منذ سنوات، غير أن الرد النيجيري الايجابي والجاد لم يصل بعد". رغم ذلك لازالت الديبلوماسية الفرنسية تعتقد أن حل معضلة بوكو حرام لا يمكن أن لا يمر من العاصمة النيجيرية أبوجا.