مصراتة هذه المدينة الساحلية الليبية تتحمل العبء الأكبر في الهجوم المستمر لدحر داعش في معقله القريب في سرت. ومع تدفق مئات المقاتلين الجرحى ، تم مؤخرا تجديد المستشفى المركزي الذي يرزح تحت الضغط.

بـ 120 سريرا وغرفتي عمليات، وفي غياب بعض الأطباء الاختصاصيين، يجد مستشفى مصراتة نفسه متجاوزا مع كل موجة جديدة من الجرحى قادمة من أرض المعركة، وهو ما يضطر المستشفى لإخراج المرضى الآخرين الذين هم ليسوا في حالة حرجة.

وفي ظل هذه الظروف القاسية ، الأطباء كما المرضى ، يلهجون على حد سواء بالطلب نفسه: متى يحل "المستشفى الإيطالي". وُعد سكان مصراتة بمستشفى ميداني تديره منظمة إيطالية بفريقها الخاص من الجراحين للتخفيف من حالات الطوارئ، ولكن التأخير المستمر يغذي الاستياء تجاه إيطاليا.

وتدعي مصادر دبلوماسية إيطالية أن المستشفى سيفتح في غضون أسابيع، وأنه سيتم بناؤه في موقع قريب من المطار. وأكد مجلس مدينة مصراتة أيضا أن فريقا من الفنيين الإيطاليين جاءوا قبل أسبوعين لتفقد الموقع، ولكن ليس هناك بعد أي أثر لأعمال بناء في أي مكان من الموقع .

يقول رمضان محمد معيتيق، رئيس المكتب الإعلامي في المدينة :"القرار النهائي في يد رئيس البلدية وحتى ذلك الحين لا يمكن أن يبدأ أي عمل".

يقول الدكتور عبد العزيز عيسى، الذي يعمل في المستشفى المركزي أنه تم جلب حوالي 3000 من الجرحى و 52 قتيلا منذ 5 مايو الماضي. وعندما يصل المرضى إلى غرفة الطوارئ التي تتحمل أكثر من طاقتها، يتم تقسيمهم إلى ثلاث فئات على أساس حالاتهم: خفيفة، متوسطة، ومهددة للحياة.

وعند وصول عدد كبير من الجنود والمدنيين المصابين، يحاول المستشفى "تحرير" ما يمكن من الأسِرّة من خلال إرسال المرضى الذين هم في حالة "خفيفة" إلى منازلهم. أولئك الذين لديهم إصابات خطرة غالبا ما يرسلون إلى الخارج لتلقي العلاج ، إذا تعذر فعل أي شيء بالنسبة لهم هنا. حتى الآن، تم إرسال 26 مريضا إلى إيطاليا.

وعلى الرغم من الغضب بسبب تأخر بناء المستشفى الإيطالي، لا تزال هناك بعض النوايا الحسنة المحلية نحو مستعمر ليبيا السابق بعد إرسال طائرتي سي 130 تحملان إمدادات طبية. تركيا تقدم هي الأخرى مساعدات إلى المدينة، وتساهم بفرق طبية في الجهد الإنساني. وحتى مع هذه المساعدات، لا يزال المستشفى المركزي لمصراتة في أزمة.

ويقدر الدكتور عيسى أن حوالي 150 ممرضة فقط ، معظمهن من السودان، بقين في المستشفى، في حين أن طلاب الطب مثل خالد طيرليب يمدون أيضا يد المساعدة إذا أمكنهم ذلك. يوم السبت الماضي، وصل 30 مريضا جديدا - 21 منهم لا يزالون في المستشفى.

وهم يتحدثون عن حرب من الفخاخ والخدع، مثل السيارة المفخخة التي يغطيها العلم الليبي التي ضربت محمد فرجاني، وهو طالب اقتصاد يبلغ من العمر 22 عاما ومقاتل في ميليشيا محلية. طلبة كلية الطب يكررون نفس الطلب كما رؤساؤهم.

"الشيء الوحيد الذي نفتقده في هذه الحرب هو مساعدة للجرحى"، يقول أحدهم متوسلا : "الرجاء اعطونا المستلزمات الطبية ومستشفى أكبر."

افتقار المستشفى للأسِرّة يعيق جهود الحرب، ما دام أن الأمر يأخذ وقتا أطول لعلاج المقاتلين الجرحى في أفق عودتهم إلى ساحة المعركة. ومن المفارقات، أن هناك منشأة بجانب المستشفى المركزي من شأنها أن تحل هذه المشكلة ، مكتملة بنسبة 85٪ مع 420 سريرا و 8 غرف عمليات - ولكن أعمال البناء توقفت، والمباني غلفها الغبار.

"يمكن الانتهاء من ذلك في غضون ستة أشهر" كما يقول الدكتور عيسى قبل أن يضيف "لكن شركات المقاولات ترفض استئناف العمل قبل الدفع، والحكومة المركزية في طرابلس لن ترسل الأموال." حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، برئاسة رئيس الوزراء فايز السراج، تخوض حاليا في مفاوضات صعبة لتشكيل جهاز تنفيذي جديد، ومن غير المتوقع الاستجابة لاحتياجات مصراتة في الأمد المنظور.

وقد سرت شائعات لمدة شهرين على أن المعركة ضد داعش في سرت تقترب من نهايتها. لكن سكان مصراته المحبطين من عدم بناء المستشفى الإيطالي ، يتساءلون في هذه المرحلة ما الذي سيحل أولا: المستشفى، أم السلام؟.

*النسخة الإنجليزية