يواجه ملف المسلحين الأجانب في ليبيا مخاضا عسيرا في ظل إصرار داخلي وخارجي على إجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد ، مقابل دفاع مستميت من قبل قوى الإسلام السياسي عن رفضهم مغادرة القوات التركية ، في مخالفة واضحة لجهود حكومة الوطنية وقرارات مجلس الأمن
وفيما جدد الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، دعمه الحكومة الليبية في دعوتها إلى خروج المرتزقة من جميع الأراضي الليبية ، وهو ما سيطرح غدا الخميس في اجتماع وزراء دفاع الإتحاد ، تتعرض حكومة عبد الدبيبة الى ضغوط من أطراف داخلية وإقليمية تهدف الى ثنيها عن دعوة القوات التركية للمغادرة ، واعتبار وجودها أمرا حيويا للعملية السياسية وشرعيا كونه ناتجا عن إتفاق سابقا بين أنقرة وحكومة الوفاق السابقة
وكانت وزيرة الخارجية في الحكومة الليبية نجلاء المنقوش دعت الاثنين الماضي ، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها التركي مولود تشاوش أوغلو، أنقرة إلى اتخاذ خطوات لتنفيذ مخرجات برلين حول ليبيا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتعاون معاً في إنهاء تواجد كافة القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد حفاظا على سيادتها.
ودعت الحكومة الليبية تركيا إلى التعاون في هذا المجال خلال محادثات في طرابلس بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ووفد تركي برئاسة وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو الذي رفض مساواة تواجد قوات بلاده في ليبيا بما وصفه بالمجموعات غير الشرعية، مضيفا بأن التعاون في إطار مذكرة التفاهم منع ليبيا من الوقوع في حرب أهلية.
وبدوره ، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال زيارة إلى ليبيا أمس الثلاثاء ،  إن الوجود التركي له أهمية من حيث حماية الحقوق والمصالح في شرق البحر المتوسط ، وأضاف« أن تركيا وليبيا لديهما تاريخ وقيم مشتركة، وأكد أن تواجد الجنود الأتراك في ليبيا يرجع إلى حماية حقوق وقانون إخوانهم ومساعدتهم»
وأشار أكار إلى أن الوجود التركي في ليبيا له أهمية حيوية أيضًا من حيث حماية الحقوق والمصالح في شرق البحر المتوسط، وفق تعبيره ،وأضاف: « نواصل أنشطتنا في شرق البحر المتوسط في إطار اتفاقية التفويض البحري مع ليبيا. ومحاولات اليونان تجاوزها هذا الاتفاق غير مجد.. نحن نؤيد حل المشكلات من خلال القانون الدولي وحسن الجوار والحوار والوسائل السلمية» بحسب تصريحات له
ويرى المراقبون أن الأزمة تتجه الى مزيد التعقيد ، حيث ترفض تركيا بوضوح كامل إجلاء قواتها وآلاف المرتزقة من ليبيا ، وتعتبر وجودهم هناك شرعيا لخدمة مصالحها ، وتجد مساندة واضحة من قبل قوى الإسلام السياسي وأمراء الحرب وقادة الميلشيات المسيطرة على غرب البلاد ، لافتين الى أن مخاضا عسيرا يعرفه الملف ، بالتزامن مع إصرار أمريكي أوروبي أممي ومن الدول العربية والإفريقية على ضرورة إجلاء كافة المسلحين الأجانب عن البلاد ، بما يفتح المجال أمام توحيد المؤسسة العسكرية وتحقيق المصالحة الشاملة بين الليبيين بعد حرب السنوات العشر
وفي السياق توفع “تقييم التهديد السنوي” الصادر عن لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأميركي كأول تقرير في عهد الرئيس جو بايدن ، أن تتعرض حكومة الوحدة الوطنية الى المزيد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الحائلة دون الدفع بعجلة المصالحة ،مرجحًا استمرار عدم الاستقرار في ليبيا وتواصل خطر تجدد القتال واندلاع الحرب هذا العام.
وقال التقرير إن التقدم السياسي والاقتصادي والأمني المحدود لن يحول دون خروج الأوضاع عن السيطرة وامتداد ذلك إلى صراع أوسع نطاقًا، في وقت يكافح فيه الفرقاء الليبيون لحل خلافاتهم ،مستنتجا أن سبب الأزمة هو مواصلة القوى الخارجية نفوذها وتأثيرها في الداخل الليبي، مع تقديمها دعمها المالي والعسكري لوكلائها، ما يعني وجود نقطة اشتعال محتملة، وهو الأمر المرتبط بمدة التزام تركيا وروسيا بوقف إطلاق النار في ليبيا الداعي لرحيل القوات الأجنبية.