ارتفعت وتيرة الخلافات المكتومة بين قادة "حكومة الوفاق" لدرجة خروجها إلى السطح على شكل بيانات متتالية، منذ الخميس الماضي، تنتقد تفرّد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بقرارات الحكومة، تزامناً مع دعوات واسعة لإطلاق احتجاجات شعبية ضد التردي الخدماتي الذي يعيشه المواطن.
إذ كشفت الدعوات التي شهدتها ليبيا للتظاهر، يوم الجمعة الماضي، عن حجم التصدع والانقسام داخل حكومة طرابلس؛ إذ وجَّه أحمد معتيق؛ نائب رئيس الحكومة، انتقادات حادة إلى حكومة السراج، ووصفها بسلطة الفرد المطلقة، وأنها اتخذت قرارات تسببت في الفساد وتدنِّي الخدمات الأساسية، داعياً الليبيين إلى التظاهر؛ للتعبير عن غضبهم من مستوى أدائها.
ويعد الصراع الأخير؛ بين معتيق والسراج، امتداداً للصراع على الصلاحيات داخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا ما بين رئيس الحكومة فايز السراج، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، والتي اندلعت في أواخر يونيو 2020؛ حيث طالب السراج حينها "الوزراء ورؤساء الأجهزة والمؤسسات والهيئات والمصالح والشركات العامة، وما في حكمها"بعدم تنفيذ قرار وزير الداخلية، بخصوص الحصول على إذن هبوط وإقلاع وعبور الطيران الخاص منه، والذي كان باشاغا يهدف من خلاله إلى فرض سيطرته على وزراء حكومة الوفاق، وقادة ميليشيات طرابلس التي بدأت تبدي امتعاضاً متزايداً من تغوُّل ميليشيات مصراتة على حسابها.
وشدد السراج على أن دور وزارة الداخلية يقتصر فقط على طلب أسماء الركاب، أما منح أوامر الهبوط والإقلاع فهو من اختصاص رئيس الحكومة فقط، وليس من اختصاص وزارة الداخلية.
في ذات انتشرت دعوات عديدة الجمعة 7 أغسطس 2020، عبر مواقع التواصل الاجتماعي للخروج والانتفاض ضد حكومة الوفاق وجميع ممثليها، كما دعت بعض الأصوات إلى الإطاحة بها، بسبب تردي حالة الخدمات الأساسية للمواطنين، علاوة على انتشار القمامة في الشوارع وارتفاع أسعار مختلف السلع.
وعلى نفس الصعيد أشعلت صلاحيات المؤسسة الليبية للاستثمار فتيل الخلاف، إذ أوضح "عبد السلام سعد کاجمان"، نائب "فايز السراج"، في بيان له الخميس 6 أغسطس 2020، إنه وفقًا للاتفاق السياسي يستوجب أن تكون رئاسة مجلس أمناء المؤسسة متمثلة في رئاسة مجلس الوزراء، ورئيس ونواب ووزراء الدولة وليس الرئيس منفردًا.
وطالب "کاجمان"، بتصحيح الوضع؛ بإيقاف العمل بقرار الحكومة رقم 12 لسنة 2017 لحين تعديله بما يتفق مع الاتفاق السياسي الليبي والإعلان الدستوري والقوانين ذات العلاقة النافذة، وأيضًا بعقد اجتماعات مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار إلى حين إجراء التعديلات اللازمة على القرار رقم ( 12 ) لسنة 2017.
كما أشار البيان، إلى تأجيل اجتماع مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار الذى كان من المقرر عقده الخميس 6 أغسطس لحين إعادة تشكيل مجلس أمناء المؤسسة، وأيضًا التنسيق لعقد اجتماع لمجلس رئاسة الوزراء لمناقشة الموضوع والاتفاق على آلية حضور مجلس رئاسة الوزراء رئيس مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار لاجتماعات المجلس وآلية اتخاذ القرارات ذات العلاقة.
ومن جانب فريق السراج شن عبدالباسط مروان آمر ما تعرف بالمنطقة العسكرية فى طرابلس التابعة للمجلس الرئاسي، هجومًا عنيفًا على كاجمان ومعيتيق، واصفًا إياهما بـ"الفئة المعطلة والمُحبِّطة".
من ذلك،يرى مراقبون أن تحوّل كاجمان ومعيتيق من حلفاء للسراج إلى خصوم له، خاصة نائبه أحمد معيتيق الذي يمثل مدينة مصراته ذات الثقل السياسي والعسكري غرب ليبيا الداعمة للسراج، من شأنه أن يحدّ من سلطة السراج السياسية والتنفيذية داخل المجلس الرئاسي ويجعله ضعيف الصلاحيات.
حيث تبدو الخيارات المتاحة أمام السراج ضيقة جدا، إما الإذعان للإخوان المسلمين والميليشيات الموالية لهم من مصراتة، وإما المحافظة على توازن الردع القائم حالياً، عبر الاستناد إلى حلفائه من ميليشيات طرابلس في مواجهة ميليشيات مصراتة الداعمة للإخوان.
غير أن مواصلة أنقرة إرسالها السلاح والعتاد إلى ليبيا يكشف عن إمكانية اتجاهها للتأثير بصورة مباشرة على التوازن القائم بين الميليشيات لصالح تلك الموالية للإخوان المسلمين، بما قد يزيد من حجم الصراع والاقتتال الداخلي، وينذر بتهميش السراج تماماً لصالح قوى الإخوان المسلمين.