قالت مصادر سياسية إن جماعة الإخوان المسلمين بليبيا سعت إلى إفساد اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذي انتهت أعماله أمس الإثنين بمدينة الحمامات التونسية بالمصادقة على جملة من التوصيات، والقرارات الأمنية والسياسية.

واعتبرت أن العمليات العسكرية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس أمس وأول أمس تحت اسم “فجر ليبيا”، كانت عبارة عن رسالة إلى وزراء خارجية دول الجوار الليبي، ومحاولة لإعادة ترتيب الأوضاع في العاصمة لصالح جماعة الإخوان والتنظيمات والميليشيات الدائرة في فلكها لخلق معادلة جديدة تجعل جماعة الإخوان “لاعبا أساسيا” في أي تحرك عربي أو إفريقي أو دولي.

واندلعت عشية اجتماع تونس لوزراء خارجية دول الجوار الليبي مواجهات عنيفة وسط العاصمة الليبية بين مجموعات مُسلحة، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وذلك في تطور خطير دفع العديد من البعثات الدبلوماسية والعربية إلى مغادرة طرابلس.

ودارت تلك المواجهات في محيط مطار طرابلس الدولي الذي يخضع لسيطرة لواء القعقاع، وكتيبة الصواعق، وعدد من التشكيلات الأخرى التي سبق لها أن أعلنت تأييدها لعملية “كرامة ليبيا” التي يقودها منذ شهرين اللواء خليفة حفتر، وميليشيات مُسلحة موالية لجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة.

وقال عبدالله ناكر رئيس حزب القمة الليبي إن جماعة الإخوان أرادت من تفجير الوضع الأمني وسط العاصمة خلق معادلة جديدة، ولكنها لن تنجح في ذلك لأن القوى الحية في ليبيا ستتصدى لهم.

ولم يتردد ناكر في اتهام علي الصلابي الوجه الإخواني الليبي المعروف بالتشجيع على عملية “فجر ليبيا”، حيث قال في تصريحات تلفزيونية إن اجتماعا عُقد بين كافة الأطراف الفاعلة في العاصمة طرابلس ليلة السبت ـ الأحد، بحضور علي الصلابي، تم خلاله الاتفاق على التهدئة، ولكن صباح الأحد اندلعت المواجهات.

وأضاف أنه اتصل هاتفيا بالصلابي وطلب توضيحا لهذا التطور المخالف للاتفاق، حيث رد قائلا “نريد إنهاء وجود لواء القعقاع، وقطع الطريق عن أي انقلاب عسكري”.

وإعتبر ناكر أن جماعة الإخوان خدعت الجميع، وأكد أنه لن يُسمح لهم بأي شكل من الأشكال السيطرة على طرابلس أو أي جزء من ليبيا، لأن مشروعهم يتنافى مع مبدأ المواطنة، ويسعى إلى إرجاع ليبيا لعهود مضت.

ولفت مراقبون إلى أن تلك المواجهات اندلعت بعد أن مهدت لها حكومة عبدالله الثني، بقرار يتعلق بمحاولة إخراج لواء القعقاع، وكتيبة الصواعق، وبعض التشكيلات الأخرى الموالية لعملية “كرامة ليبيا”، من العاصمة طرابلس بحجة فرض الأمن فيها ضمن إطار خطة تستهدف الحد من سطوة الميليشيات المُسلحة على العاصمة.

غير أن هذه الحجة لم تُقنع غالبية الأطراف السياسية، وقادة التشكيلات العسكرية، وخاصة منها الموالية للواء حفتر، التي اعتبرت أن الحكومة الليبية “تسعى من وراء ذلك إلى التخلص من القوى المؤيدة له، والإبقاء على العاصمة طرابلس تحت سيطرة الميليشيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الأخرى الدائرة في فلكها.

وربطت أوساط سياسية هذه التطورات الميدانية مع تزايد الاتصالات والمشاورات العربية-العربية، وبين دول الجوار الليبي بحثا عن تسوية سلمية للأزمة الليبية، وخاصة منها اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذي انتهت أعماله أمس بمدينة الحمامات التونسية.

وكانت فعاليات هذا الاجتماع قد بدأت في ساعة متأخرة من ليلة الأحدـ الإثنين برئاسة وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي، وبحضور وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، ووزير خارجية السودان علي كرتي، ووزير خارجية النيجر محمد بازوم، ووزير خارجية الأفريقي تشاد، موسى فاكي محمد.

كما شارك مساعد وزير الخارجية المصرية المُكلف بشؤون دول الجوار، محمد بدر الدين زايد، ومفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي، وناصر القدوة المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية إلى ليبيا وممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية في هذا الاجتماع، وديلايتا محمد ديلايتا، المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي إلى ليبيا.

 

واتفق المشاركون في هذا الاجتماع على تشكيل لجنتين أمنية وسياسية لمتابعة تطور الأوضاع في ليبيا، وستهتم اللجنة الأولى بالمسائل الأمنية والعسكرية وقد أسندت رئاستها للجزائر، وهذا يعنى متابعة المسائل الأمنية والعسكرية بما فيها مراقبة الحدود والمساعدة على بلورة تصور محدد فيما يتعلق بتجميع الأسلحة الثقيلة وفق منهج تدريجي يهدف إلى التعامل الجاد مع هذه المسألة التي تهدد الأمن والاستقرار في ليبيا ودول الجوار.

أما اللجنة الثانية فهي سياسية وستُشكل من كبار الموظفين، حيث أسندت رئاستها لمصر التي ستتولى تنسيق أعمالها وخاصة منها الاتصال بالأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني في ليبيا.

وستعمل اللجنتان على إعداد تقارير سيتم رفعها خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري إلى وزير الخارجية التونسي بصفته رئيس اللجنتين، والذي سيقوم بدوره برفع تقرير شامل إلى الاجتماع الوزاري القادم الذي يُنتظر أن يُعقد في العاصمة المصرية خلال النصف الأول من الشهر المقبل.

كما أقر المشاركون في هذا الاجتماع تشكيل لجنة وزارية من دول الجوار لزيارة ليبيا في أقرب وقت لإجراء اتصالات مع الحكومة الليبية والأطراف الفاعلة والمؤثرة على الساحة الليبية لدفعها إلى الحوار الوطني الشامل بين الليبيين.

وشددوا على ضرورة معالجة بؤر الإرهاب في ليبيا باعتبارها مصدر قلق لليبيا ولدول الجوار المباشر وتجفيف منابع، كما المؤسسات والهيئات الدينية الوسطية بدول الجوار للتنسيق فيما بينها وتحمل مسؤولياتها في نشر الخطاب الديني المعتدل.

 

- العرب