رمضان هو شهر الكرم والتفاني وفرصة لبعض العائلات للالتقاء والتجمع أثناء الإفطار أو في المساء. وفي كل الدول توفر بعض الأماكن أجواء فريدة وأصيلة لا يمكن حضورها والتعرف عليها إلا خلال الشهر الكريم، وتونس من بين الدول التي تكون لرمضان فيها أجواء فريدة ويحتفل المواطنون كل بطريقتهم سواء داخل المنازل أو في الأسواق خاصة التي بها مدن عتيقة.

إذا زرت العاصمة التونسية في شهر رمضان وكان الطقس حارا فإنك تحتاج الخروج للسهر نحو المناطق البحرية مثل حلق الوادي وسيدي بوسعيد وقرطاج وهي من القرى القديمة تاريخيا بطابعها الخاص وبعادات أهلها المتأثرة بشكل كبير بالثقافة الغربية وببعض الموروث العثماني، وعلى هذا يلبس الشيوخ والنساء لباسا يدل على نوع من التباهي والاعتزاز بالمنطقة أو بما يميّزها، وهي عادة موجودة حتى في بعض المدن التاريخية مثل القيروان أو توزر وغيرهما باعتبار تميز الجانب الروحي فيها جميعا.

أما في أوقات رمضان الباردة فعادة ما تكون وجهة الناس المدن العتيقة ذات الشوارع الضيقة والمقاهي الدافئة. وأغلب المقاهي تنظم حفلات ليلية للموسيقى التونسية الممزوجة بين المالوف المغاربي والطبوع التونسية التي تنتهي عادة بأجواء خاصة يحبذها التونسيون للرقص والاستمتاع. وهذه الأجواء تنتشر أساسا في العاصمة سواء داخل المدينة العتيقة خصوصا أو في الأبواب المجاورة لها والمتفرعة عنها، خاصة منطقتي الحلفاوين وباب سويقة اللتين كانتا تاريخيا مركزا للفرق الموسيقية وللمناسبات فيهما أجواء خاصة موروثة من أيام الاستعمار حيث كانت إلى وقت قريب "الكافيشانطة" وهي عروض فنية مخصصة للشباب والكهول باعتبارها تتضمن وصلات للرقص يقدّمها محترفون أو هواة خاصة من الفتيات، بالإضافة إلى الحضرة و"السهرات الفنية والطربية وكانت تقام ألعاب شعبية ومسابقات وعروض سحرية وفرجوية" التي تحضرها العائلات وأطفالها إلى ساعات الفجر الأولى.

في بقية المدن يتم الاحتفال أيضا بشهر رمضان وإن بحركية أقل. فأغلب الناس خاصة جيل الشباب يتوجهون بعد الإفطار إما إلى المساجد لأداء صلاة التراويح أو إلى المقاهي أين تنتشر ألعاب الورق ويلتقي الأصدقاء لتمضية أكثر وقت من الليل في نقاشات مختلفة لا تخلو حتى مما هو سياسي خاصة في السنوات الأخيرة التي أصبح الأمر فيها متاح لمثل هذه المواضيع.

أما الشيء الجامع بين أغلب المناطق خلال الشهر الكريم، فهو تقديم الحلويا. فالعائلات التي تفضل البقاء في منازلها تختار أن تضع أكثر ما يمكن من المرطبات على طاولات الأكل ويتم تناولها مع الشاي الأخضر أو القهوة التركية (القهوة العربي). كما تقدّم أيضا للضيوف باعتبار أن التزاور من العادات التي مازالت قائمة إلى اليوم في الأسر التونسية.