مع تصاعد حدة المعارك على تخوم العاصمة الليبية وإحراز الجيش الليبي تقدما سريعا في المواجهات مع المليشيات المسلحة في غرب البلاد،وتصاعد الحديث عن قرب حسم معركة تحرير المدينة،تتكشف بالتزامن مع ذلك التحالفات المشبوهة التي أقامتها القوات الموالية لحكومة الوفاق مع المليشيات والعناصر المطلوبة لمواجهة القوات المسلحة الليبية.

الى ذلك،قال آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أسامة الجويلي إنهم بحاجة للمطلوب من قبل مجلس الأمن والمدرج على قائمة العقوبات الأميركية صلاح بادي والمجموعة المسلحة التي يقودها ومجموعات أخرى كونهم يقاتلون معهم في طرابلس من أجل نفس القضية..

وقالت صحيفة "العرب" اللندنية،أن الجويلي أكد في تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن حكومة الوفاق لم تجند صلاح بادي في المعركة في إشارة منه إلى أنه انخرط في معركة التصدي للجيش دون تلقي الأوامر من الجهاز العسكري التابع لهم.

وأكد الجويلي أنهم جميعا يقاتلون "ضد حفتر" متهما الأخير بتلقي دعم من فرنسا وعدد من الدول الإقليمية التي قال إنها تنتهك حظر تصدير الأسلحة وهي الاتهامات التي تلقي بها حكومة الوفاق، رغم غياب أدلة تؤكد اتهاماتهم على عكس الدعم التركي للميليشيات والإرهابيين الذي أصبح على الملأ في تحد صارخ لقرار مجلس الأمن بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.

وتعتبر تصريحات الجويلي اعترافا واضحا بالتحالفات المشبوهة التي أقامتها حكومة السراج في طرابلس مع عدد من المطلوبين دوليا ومحليا والعناصر الارهابية والعصابات والمرتزقة بهدف التصدي للجيش الوطني الليبي ومنع دخوله للعاصمة الليبية وانهاء فوضى المليشيات المنتفشية فيها منذ سنوات.

ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،على غرار قوات أبو عبيدة الزاوية، والتي تتمركز بشكل أساسي في مدينة الزاوية الليبية، ويقودها شعبان هدية المكني بأبو عبيدة الزاوي، والذي سبق أن اعتقل في القاهرة لانتمائه لتيارات جهادية وعلى إثر ذلك اختطف 5 دبلوماسيين مصريين تمت مقايضتهم به، وينسب لهذه المليشيات حرق 10 طائرات بمطار طرابلس قبل سنوات.

كما انضم "لواء الصمود" بقيادة الإخواني صلاح بادي، للقتال ضد الجيش الليبي. ويعتبر صلاح بادي أحد أبرز قيادات عملية "فجر ليبيا"، ويحمل رقم 71، ضمن قائمة الإرهاب، التي أعلنها مجلس النواب، وشملت أكثر من 75 إرهابيا متورطين في جرائم حرب داخل ليبيا.اضافة الى قوات ما يسمى "سرايا الدفاع عن بنغازي" المصنفة عربياً على لوائح التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا والتي أعلنت إنضمامها لقوات حكومة الوفاق في طرابلس والمنطقة الغربية.

جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت في تقرير لها 13 أبريل/نيسان الماضي أن من ضمن المليشيات الموجودة في طرابلس "جماعة أنصار الشريعة" التي بايعت تنظيم داعش.وظهرت أعلام تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في عدد من المناطق في طرابلس أثناء المعركة معلقة على جسور المدينة (جسر السواني) ومرسومة على الحوائط،بل شاركت المليشيات صورا لمتطرفين مقتولين تصفهم بالشهداء، تظهر في خلفيتها أعلام وشعارات تنظيم داعش.

وكشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الارهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف المليشيات ضد الجيش الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية وبقايا تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب.وخلال الأشهر الماضية تتالى سقوط العديد من العناصر الارهابية في صفوف قوات الوفاق. 

وعبّرت دول كبرى عدة ومنظمات دولية عن قلقها من صدور تقارير إعلامية تشير إلى انضواء بعض الإرهابيين والمطلوبين للعدالة بصفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي في العاصمة طرابلس.وأصدر الاتحاد الأوروبي بياناً عبّر فيه عن قلق الأعضاء من تورط عناصر إرهابية وإجرامية في القتال، بمن في ذلك الأفراد المدرجون في قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في إشارة إلى المهربين الذين يقاتلون في صفوف الوفاق مثل عبد الرحمن الميلادي "البيدجا" وصلاح بادي وإبراهيم الجضران وغيرهم.

وتصاعدت مؤخرا التحذيرات من انتقال عناصر ارهابية الى ليبيا عن طريق دول تسعى لمنع سقوط المليشيات الموالية لها في العاصمة طرابلس.وكشفت تقارير اعلامية أن تركيا الداعم الرئيس لحكومة السراج،كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة.وأكّد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي،خلال مؤتمر صحفي على وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".

وبالرغم من كل ذلك تمسكت حكومة الوفاق بنفي وجود عناصر مطلوبة ضمن قواتها،وأكد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج،في ابريل الماضي عدم وجود مقاتلين ينتمون لتنظيمات إرهابية بين صفوف القوات التابعة له، مؤكدا أن حكومة الوفاق كانت ولا زالت تحارب الإرهاب وتلاحق فلوله.وفق قوله.

وجاءت تصريحات السراج حينئذ ردا على ما ذكرته المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آنييس فان دور مول، في سياق نفيها تعطيل فرنسا قرارا أوروبيا يدين معركة الجيش لتحرير طرابلس، وأن بلادها طالبت بتعزيز نص القرار بالحديث عن "تورط مجموعات وأشخاص موضوعين على لائحة الأمم المتحدة للعقوبات بأعمال القتال".

لكن تصريحات الجويلي الأخيرة تضع حكومة السراج في حرج كبير حيث تعتبر اعترافا واضحا بماهية القوات التابعة لها.فبعد أن كانت تحاول اقناع المجتمع الدولي بأن لها قوات نظامية بات واضحا بأنها تعتمد على مجموعة من المليشيات ذات الولاءات المختلفة جمع بينها الرغبة في الدفاع عن مصالحها ووجودها الذي يعتمد على بقاء الفوضى وغياب الدولة.

وبالاضافة الى ارتهانها للمليشيات،باتت حكومة الوفاق تحت النفوذ التركي الذي كشفت المعارك في طرابلس أنه بات أكثر حضورا حيث تقوذ أنقرة الحرب ضد الجيش الليبي.وتتدفق شحنات السلاح من تركيا نحو المليشيات في طرابلس رغم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ العام 2011.وأكد الرئيس التركي أردوغان بشكل صريح أن بلاده توفّر أسلحة لحكومة الوفاق الوطني بموجب "اتفاق تعاون عسكري" بين أنقرة وطرابلس.وهو ما اعتبره مراقبون تأكيدا جديدا لارتهان حكومة السراج لأجندات تركية قطرية تسعى لتسهيل سيطرة تيار الاسلام السياسي الموالي لها على ليبيا. 

ويرى مراقبون، إن حكومة الوفاق تواصل توريط نفسها مع الميليشيات والتنظيمات الارهابية.ويؤكد هؤلاء أن الخناق بدأ يضيق على هذه الجماعات المسلحة في محيط العاصمة الليبية خاصة بعد نجاح الجيش الليبي في التقدم على جميع المحاور والجبهات،وتزايد الخسائر في صفوف المليشيات،وهو ما يؤكد اقتراب الحسم في معركة الدفاع عن سيادة الدولة واستقرار البلاد وأمن المواطن.

وأكد مسؤول المكتب الإعلامي للواء 73 مشاة المنذر الخرطوش، في تصريح خص "بوابة أفريقيا الإخبارية" بنسخة منه، أن قوات الجيش أحرزت تقدما في نقاط جديدة، لافتا إلى أن الاشتباكات مستمرة منذ ساعات الفجر الأولى لليوم الثلاثاء.وقال الخرطوش، إن "وحدات اللواء 73 مشاة والكتيبة 127 مشاة تقوم بتضييق الخناق أكثر على تمركزات العدو خلف النقلية وتمركز بالقرب من طريق لاصفاح مع استهداف آليات وغنم 3 آليات وأسير بين أيدي أفراد القوات المسلحة.

وأعلن الجيش الليبي عن انطلاق المرحلة الأخيرة من معركة تحرير العاصمة الليبية،وجاء ذلك اصدار آمر غرفة العمليات المتقدمة في الجيش الليبي، اللواء صالح عبودة، أمرًا لكافة القوات التابعة للجيش الليبي، والمتواجدة بمحاور طرابلس، بالتقدم لتنفيذ المهمة الأخيرة لتحرير العاصمة طرابلس.وكان المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني الليبي، قد وجه السبت الماضي، تعليمات لأهالي العاصمة الليبية طرابلس للاستعداد لساعة الصفر لاقتحام العاصمة.

ويمكن القول أن صورة حكومة الوفاق التي تعتبر رهينة للميليشيات والتنظيمات الارهابية التي تتلقى الدعم التركي في محاولة لعرقلة تحرير العاصمة طرابلس،باتت أكثر وضوحا مع تواصل الدلائل والمؤشرات التي ساهم ارتباك حكومة السراج في خروجها للعلن.وتشى التطورات الميدانية الى قرب انهيار التحالفات المشبوهة في طرابلس مع اصرار الجيش الليبي على انهاء نفوذ المليشيات المتطرفة وهو ما سيكون ضربة للمشروع التركي-القطري،ونقطة انطلا نحو بناء دولة موحدة ادرة على استعادة أمنها واستقرارها.