أعلن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز،يومالسبت إدخال، تعديلات على حكومته، وقد أعفى، من خلالها، وزيرة الخارجية التي تعرضت لانتقادات واسعة على خلفية أزمة نشبت مع المغرب. ولا يمس التعديل الحكومي بالتحالف القائم بين الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وحزب بوديموس الأصغر حجما، إذ يحتفظ هذا الطرف اليساري المتشدد بخمس حقائب وزارية.

وهذا أول تعديل حكومي واسع النطاق يقدم عليه سانشيز منذ تولت حكومته الحكم في كانون الثاني/يناير 2020، وذلك مع استثناء اختيار وزيرين خلال العام الحالي ليحلا مكان آخرَين استقالا.ووزير الخارجية الجديد في إسبانياخوسي مانويل ألباريس، كان كبير مستشاري رئيس الحكومة، وهو دبلوماسي محنك عمل سفيرا في عدة دول، كان آخرها فرنسا.

واعتبرت الأوساط السياسية والإعلامية في المغرب، "الإطاحة"  بأرانشا غونزاليس لايا، استجابة لضغوط المغرب، من أجل إعادة فتح ملف الأزمة الديبلوماسية مع الجارة الشمالية.وتعليقا على هذا التعديل، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية إدريس لكريني، في تصريح للأسبوع المغاربي: "أن التعديل الوزاري، ولاسيما إعفاء وزيرة الخارجية يترجم الرغبة الإسبانية في تجاوز تداعيات الأزمة الخطيرة التي تفجرت بين البلدين إثر الاستقبال الإسباني لزعيم البوليساريو وما ترتب عن ذلك من استفزازات كانت وراءها وزيرة الخارجية، حول ملف الهجرة والمدينتين السليبتين سبتة ومليلية".

وأضاف: "هي إشارة إيجابية من إسبانيا تجاه المغرب" معتبرا "السياسة الخارجية الإسبانية لا تسائل شخصا بعينه بقدر ما تسائل مضامين سياسة بكاملها". وقد تساءل الأستاذ لكريني: "هل تغيير الأشخاص سيتيح سياسة خارجية تسمح ببلورة علاقة متوازنة بصورة تضمن مصالح البلدين في إطار حسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي؟ وهل استوعبت إسبانيا حقيقة الخطأ الذي وقعت فيه حكومتها؟ وهل ستكون توجهات نحو تجاوز تبعات هذه الأزمة؟. أما بخصوص استقبال المغرب لهذا التعديل، يقول لكريني: "أن هذا التعديل سيتيح للمغرب إعادة ترتيب سياسته من خلال مراقبته للوضع ورده بالطرق اللائقة على ما يحمله الوضع الجديد من رسائل ومؤشرات من الجانب الاسباني، وذلك من خلال تقييم السلوك الاسباني اتجاه القضايا المشتركة وغير من القضايا".

وكانت الوزيرة الاسبانية أرانشا غونزاليس لايا، قد أكدت على موقف بلادها بخصوص مسألة الصحراء، والتي تمثل صلب الخلافات بين بلادها والمغرب، قائلة بأن: "موقف إسبانيا من نزاع الصحراء لم يتغير مع هذه الحكومة الائتلافية التي يقودها بيدرو سانشيز ولن يتغير في المستقبل"، معتبرة هذا الموقف: "سياسة دولة، ولهذا فهو ثابت، وهذه الحكومة لم تغيره، وبصراحة لن تغيره؛ لأنها ترتكز على مبادئ غير قابلة للتجزئة، مثل الدفاع عن التعددية واحترام الشرعية الدولية، وهما ركيزتا العمل الدبلوماسي".

وليد كبير، وهو ناشط سياسي جزائري ورئيس الجمعية المغاربية للسلام والتعاون والتنمية       ، في تصريحه للأسبوع المغاربي: رأى "أن التغيير الحكومي الذي شهدته إسبانيا كان متوقعا بالنظر أساسا إلى تداعيات الأزمة الدبلوماسية التي حدثت مؤخرا مع المغرب وتعيين سفير اسبانيا بباريس وزيرا جديدا للخارجية خلفا لأرناشا لايا غونزاليس مرده بحث حكومة مدريد على مخرج لها من هذه الأزمة التي يبدو أن تأثيرها كان قويا على العلاقات خصوصا الاقتصادية والخسائر التي تشهدها القطاعات التي كانت تستفيد من عملية عبور الجالية المغربية بأوروبا عبر اسبانيا"، وأضاف: "لكن يبقى تغيير رأس الدبلوماسية الاسبانية غير كاف لحل هذه الأزمة، فدخول العلاقات بين البلدين لم يكن وليد أزمة ابراهيم غالي، بل يعود إلى بداية حكم بيدرو سانشيز الذي كسر التقليد المتعاهد عليه وهو زيارة المغرب كأول خرجة يقوم بها رئيس الحكومة الاسبانية الجديدخارج اسبانيا طبعا".

ولاحظ وليد كبير: "أن تعيين بيدرو سانشيز مدير ديوان جديد له وهو أوسكار لوباز المقرب من رئيس الحكومة الاسبانية السابق زاباثيرو والمعروف بعلاقاته الجيدة مع المغرب،لكن رغم ما حدث تبقى الأزمة عميقة جدا بين البلدين خصوصا وأن المغرب يريد موقفا واضحا من قضيته الأولى وأن كل شيء أضحى له ارتباط بها، فالشراكة القوية يجب أن تراعى فيها مصالح البلدين الحيوية".

وفي موضوع ذي صلة، فقد سبق قبيل التغيير الوزاري، أن عبّر وزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان، يوم الجمعة، في مؤتمر صحفي بمدريد مع نظيرته الإسبانية، ارانشا جونزاليث لايا، عن ثقته في أن المغرب واسبانيا سيتغلبان على خلافاتهما بطريقة "هادئة"  وعبر"حوار إيجابي"، نافيا مسؤولية بلاده عن التوسط بين البلدين.وأضاف لودريان: "نحن واثقون من جودة العلاقات بين إسبانيا والمغرب وتجاوز هذه الفترة الصعبة بأسلوب هادئ وأن يتم التغلب على الصعوبات بحوار إيجابي".وطالب  لو دريان، الاتحاد الأوروبي بدعم التوصل لاتفاق في مجال الهجرة".

وبحسب تقرير منظمة "كاميناندو فرونتيرا"، فإن 2087 شخصا لقوا مصرعهم أو اختفوا في النصف الأول من العام الجاري في قوارب أو زوارق متجهة إلى إسبانيا، وهو ما يعادل السنة الماضية بالكامل (2170)، مما يجعل هذه السنة “الأكثر دراماتيكية” في تاريخ الهجرة من إفريقيا نحو أوروبا.

واعتبرت المنظمة المعروفة بالدفاع عن حقوق المهاجرين  "أن الأزمة الدبلوماسية بين إسبانيا والمغرب تقتل الناس على طريق الكناري"، فخلال الأشهر الستة من السنة الجارية كان هناك أكثر من 300 ضحية باستثناء شهر مارس، حيث سجل التقرير 326 في يناير، و324 في فبراير، و132 في مارس، و422 في أبريل، و418 في مايو، و465 في يونيو، وأشارت إلى أنه في 96 حالة على الأقل تم توثيق قتلى ومفقودين من الأطفال، و364 من النساء و1645 من الرجال.

ووفقا لمعطيات تقرير منظمة "كاميناندو فرونتيرا"، فإنه  ما لا يقل عن 1922 شخصًا لقوا حتفهم أو اختفوا في 57 حطام سفينة وثقتها المنظمة بين يناير ويونيو من هذا العام، ومن بين هذه الجثث تم العثور على 61 جثة فقط، على الرغم من أن معظمها لا يزال مجهول الهوية في الجزر، مشيرا إلى أنه "في يناير اختفت خمس سفن كاملة مما أدى إلى فقدان 259 شخصا".

وكشف التقرير، أن  الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا،  "أثرت في زيادة عدد المآسي المسجلة في الأشهر الأولى من العام في ظل غياب التنسيق بين البلدين لإنقاذ الأرواح المعرضة للخطر في البحر”.