الإعلام صناعة، واستثمار مادي وتقني، ورقي الاعلام يساهم في رقي المجتمع والتنمية وبناء الثقة في الذات، فردا وجماعات، في الحوار الحصري لبوابة افريقيا الاخبارية مع الكاتب الصحفي المغربي عبد النبي الشراط ومدير المركز المغربي للتطوير والتدريب ودار الوطن للطباعة والنشر، نلقي الضوء على الاعلام المغاربي ودوره في بناء الوحدة المنشودة ووقف" التراشقات" المحبطة، وكيف نساهم بإعلام يعيد الثقة للمواطن في مؤسساته.

نص الحوار:

* تلعب المعلومة اليوم دورا رئيسيا في التوجيه وفي التنمية وفي استدامة الاستقرار في أي بلد، هل تدرك نخبنا ذلك في رأيك؟

** في بداية هذا الحديث أود أن أتقدم منكم وعبركم لمنبركم الإعلامي بالشكر والتقدير لهذه الاستضافة.

حقيقة، المعلومة والحصول عليها من مصدرها الحقيقي، لا شك تساهم في تقدم المجتمعات وتطورها، لأن الحصول على هذه المعلومة يضع حدا للإشاعة وتناقل الأخبار المغلوطة والكاذبة..لكن مع الأسف الشديد، في بلداننا العربية وبالرغم من وجود قوانين تبيح الحصول على المعلومة واستغلالها (حالة المغرب مثلا) فإنه يصعب عن الباحث عنها أن يتلقاها من مصدرها..والسبب الرئيس أن القائمين على شؤوننا والذين بيدهم هذه المعلومة/ المعلومات يتعمدون إخفاءها عن الذين يسعون لنشرها بين الناس، لأنهم أصلا لا يملكون معلومة صحيحة وسليمة، لأنهم بدورهم ينتظرون أوامر من رؤاسهم للكشف عنها وبالتالي فإن وجود قوانين تسمح للمعنيين بالأمر بالحصول عليها لا تقدم ولا تؤخر لأن مجتمعنا تربى على البيروقراطية في كل شيء..كل شيء، حتى الحصول على المعلومة نفسها.

ولذلك نشهد هذه الفوضى المتمثلة في إنتاج معلومة بدل أخذها من مصدرها..


* نلاحظ في بلدان المغرب العربي أن المواطن المغاربي مستقطب من قبل إعلام يمكن وصفه" بغير المحلي" غربيه وشرقيه، ما هو السبب في رأيك؟

** هذا الأمر ينطبق على كافة أقطارنا العربية وليس المغرب العربي فقط، ولهذا السؤال ارتباط بسابقه، لأننا بكل بساطة لا نرغب في الاستقلال التام عن الغرب والشرق، بل نسعى دوما لتكريس التبعية التامة لغيرنا.. وهذا حاصل في جميع مناحي حياتنا وليس في الإعلام وحسب، نحن ما زلنا نفتخر بامتلاكنا القدرة على التحدث بلغة الاستعمار مع بعضنا البعض، ومن هنا فإن المأساة ستستمر ما دمنا غير قادرين على التخلص من إرث ثقيل ورثناه عن أجدادنا وآبائنا وهو الاستعمار بكافة مكوناته.


* ضعف الإعلام العمومي المغاربي، أنتج مواطن لا يثق في مؤسساته، هل هذا صحيح؟

** نحن لا نملك إعلام جيد حتى يكون لدينا مواطن جيد، والمواطن بدوره تعود على التبعية، حتى في حالة توفر إعلام جيد فإن المواطن المغاربي سيفضل الإعلام الغربي على الإعلام الوطني.. وتلك مأساة أخرى..مأساة وجود مواطن أيضا..


* ماهي الأسباب الحقيقية لضعف إعلامنا العمومي؟

** لا يمكن بالمطلق اختزال المشكلة في سبب أو سببين، لأن المرض مستشري ويصعب علاجه إلا بواسطة هزة عنيفة تعيد لنا ثقتنا بأنفسنا أولا ثم ثقتنا بمن حولنا ثانيا..

الثقة بالنفس عملة نادرة جدا، فما بالك بالثقة بالآخرين؟ ولكي يكون الجواب بقدر السؤال فإننا لا نملك إعلاما كي نجبر أنفسنا على الثقة به..


*لماذا لم نستطع الاستثمار في إعلام مرئي وسمعي عمومي و خاص يعيد الثقة  للمواطن؟ 

**الإعلام صناعة، ونحن لا نتوفر على الإمكانيات التي تؤهلنا لهذه الصناعة الإعلامية.. أما الاستثمار في الإعلام فأنا أرى أن البعض اتجه لهذه اللعبة، لكنها لعبة تنقصها الدينامية والجرأة والشجاعة، وحيث لا نملك هذه (الأقانيم) الثلاث فإن الاستثمار في الإعلام ييقى مجرد لعبة ناقصة وغير مكتملة الأركان.


 *هل يمكن أن يلعب الإعلام دورا إيجابيا في تحقيق حلم توحيد الاتحاد المغاربي؟

** الإعلام يستطيع كل شيء إذا كان القائمون عليه يريدون.. نحن نملك حين نريد، وما دمنا لا نريد فإننا لن نستطيع تغيير أي شيء.


* من يغذي التراشق الإعلامي البيني وماهي مخاطر ذلك ؟

**هناك مصلحة متبادلة بين بين كل الأطراف وبين كل الدول وبين كل التنظيمات في استمرار وتغذية ما سميته بالتراشق .. لأن المسألة كلها مؤسسة على الصراعات واختلاقها حين تنعدم، ولأننا أيضا لم نحسن ولم نجيد إستعمال الديموقراطية في الإعلام وفي نشر الأفكار الحرة، وفي التعامل مع مخالفينا في الرأي.. خذ مثلا السياسة الإعلامية بين المغرب والجزائر فالإعلام بين البلدين يهدأ حين نسمع تصريحا لبقا من طرف مسئول في أي من البلدين، ونصبح دولتان جارتان شقيقتان تربطنا اللغة والدين والقرابة والمصاهرة الخ.. لكن بمجرد أن يغير ذات المسئول (في البلدين طبعا) لهجته حتى ينقلب الإعلام رأسا على عقب، بل يجتهد الإعلاميون أكثر فنصبح أعداء ألداء لا تربطنا أية روابط.. وقس على هذا..