مشهد صار معتادا في عاصمة كوت ديفوار.. مئات الأسر على أرصفة أبيدجان يعرضون قطع من الأثاث وبعضا من الممتلكات الصغيرة متناثرة هنا و هناك، على إثر   تدمير السلطات لشبه الأسقف التي كانت تأويهم في حي "ما تحت الجسر"، بمنطقة "أتوبا"، عند ضواحي العاصمة الإيفوراية.

 فيضانات موسم الأمطار تكفلت في مرحلة أولى بتقويض بيوتهم وتحويلها إلى بقايا بنيان يداهمه خطر الانهيار، تلاها فيما بعد قرار السلطات بتدمير ما كان يأويهم، على بؤسه،    بشكل كامل.

"سوري ساكو" كان يعيش بالحي منذ 20 سنة خلت، يقول للأناضول في حنق لم تجد معه نفعا محاولته إخفائه: "لقد دمروا الساحة التي كانت تأويني، أتت آلة كبيرة وتكفلت                بالأمر...".  ويضيف: "الأسرهنا في هذا الحي تعد بالمئات بانتظار نجدة قد تأتي وقد لا تأتي، في الأثناء يبيعون ما يملكون للحصول على ما ندر من المال لسد الرمق".

"نومبري دجينيبا" كانت تقطن بالحي منذ سنوات عدة تشعر باليأس: "ماذا تريدون مني أن أفعل؟ لا يسعني الذهاب إلى أي مكان ولست متأكدة من أني سوف أنام تحت سقف الليلة،         ماذا سأفعل بجميع هذه الأشياء؟ سأقوم ببيعها للحصول على بعض المال على الأقل".

الأمر لا يقف عند هذا الحد، فمأساة هذه الأسر، تجد من يؤجج نارها ثم يجلس على التل يستمتع بالمشهد. هم بعض "المشترون" الذين لا يتورعون عن استغلال حاجة هؤلاء إلى           المال لعرض أسعار بخسة لا تساوي نصف قيمة الأغراض الحقيقية.

"دجينيبا"، تروي بكل مرارة كيف أن أحدهم عرض عليها مبلغ 2500 فرنك إفريقي (5 دولارات) مقابل خزانة قيمتها 50 ألف فرنك إفريقي (98 دولار).

أمام دار الشباب في "أتيكوبا"، تتراكم الأمتعة على الأرض، بعض العائلات انتبذت لها مكانا في بهو الفضاء، مُطرقة البال تفكر في مصيرها.

"سيديبي نوهو" من بين هؤلاء، تروي للأناضول: "منزلي تعرض للتدمير، سأمكث هنا بعض الوقت إلى حين أجد من يأويني بانتظار العثور على بيت جديد، وفي الأثناء سأبيع جميع ممتلكاتي قبل أن تسرق مني".

بعض المارة الذين هالهم حال هؤلاء يتوقفون لبرهة، يرمقونهم بكل عجز الدنيا، ولا يملكون سوى إطلاق تساؤلات بائسة حول جدوى القيام بـ "عمليات إخلاء، قبل تحضير مخطط         لإعادة إيواء هؤلاء..ظاهرة تتكرر في دول العالم الثالث وضحاياها ساكنو الأحياء العشوائية..

وينتمي الحي إلى قائمة حكومية تشمل 52 موقعا في أبيدجان "ينبغي عليهم الاختفاء من إقليم أبيدجان، درأً للحوادث التي من المحتمل أن تحصل خلال موسم الأمطار"، بحسب رئيس بلدية "دانهو بولان".

 وكان الأخير قد أعلن مؤخرا عن مخطط حكومي تحت إشراف "منظمة النجدة" (أورساك) للتجديد الحضري وإعادة هيكلة وأحياء "أتيكوبي" المهمشة.

ويمتد هذا المخطط على 3 مراحل، أولها جعل هذه الأحياء قابلة للعيش من خلال إعادة تشييد منازلها وهو ما لم يتم الانتهاء منه بعد، فيما تتمثل ثاني مراحل البرنامج في ربط هذه المناطق بالطرقات، وإيصال الكهرباء والماء الصالح للشراب إليها، ثم كمرحلة ثالثة، إعادة إيواء السكان مؤقتا في مناطق أخرى مهيئة.

في انتظار انجاز كل ذلك، المشهد محزن في أبيدجان، منذ ما يزيد عن شهر، مئات من العائلات ظلت دون مأوى...