دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الوزراء الجدد الذين نالوا الثقة في التحوير الوزاري الأخير والذين تحوم حولهم شبهات فساد أو تضارب مصالح إلى الاعتذار عن الخطط المسندة إليهم لحل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري, في تصريح إعلامي اليوم الجمعة, إن الوزراء الجدد الذين تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح مدعوون إلى الاعتذار عن الخطط المسندة إليهم لإنهاء الأزمة الدستورية.
واعتبر الطاهري أنه "ليس عيبا أن يتم التراجع عن الخطط الوزارية المسندة إليهم من أجل إنقاذ البلاد من أزمة حادة يمكن الوقوع فيها".
وأكد سامي الطاهري أن الوضع السياسي الذي تشهده البلاد حرج خاصة في ظل رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد قبول هؤلاء الوزراء لأداء اليمين الدستوري وإمضاء الأمر الرئاسي بالتعيين.
وأوضح أن هذا المأزق الدستوري يمكن أن يضرب ويعرقل أداء الحكومة ولذا يستوجب أخذ القرارات المناسبة من أجل الصالح العام.
كما قال الطاهري إن الاتحاد كان قد طلب من رئيس الحكومة هشام المشيشي التريث وإرجاء عرض التحوير الوزاري على أنظار البرلمان لنيل الثقة إلا أن طلبه جوبه بالرفض ونال التعديل الحكومي ثقة البرلمان.
يشار إلى أن تونس تشهد أزمة سياسية حادة بعد رفض رئيس الجمهورية قبول عدد من الوزراء الجدد الذين تمت تسميتهم في التحوير الوزاري المعلن مؤخرا والذين تم منحهم الثقة من البرلمان لأداء اليمين الدستورية وإمضاء الأمر الرئاسي بتعيينهم, وذلك بسبب ما تم تداوله بخصوص شبهات فساد وتضارب مصالح تعلقت بهم.
في المقابل, عبر أغلب رؤساء الكتل البرلمانية الداعمة للحكومة, خلال اجتماع مع المشيشي أمس الخميس, عن تأييدهم للتحوير الوزاري ودعمهم لرئيس الحكومة ولسلامة موقفه الدستوري والقانوني.
وفي هذا الإطار, دعا المكتب التنفيذي لحركة النهضة، في بيان له الخميس، إلى استكمال مسار التحوير الوزاري الذي صادق عليه البرلمان الأسبوع الماضي وتمكين الوزراء الجدد من مباشرة مهامهم، وذلك لـ"مواجهة التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد لاستعادة الدورة الاقتصادية ومعالجة الاشكاليات الاجتماعية وكسب المعركة ضد الوباء، وحسن إدارة المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وكسب ثقة الشركاء الاقتصاديين للبلاد", وفق نص البيان.
وأكد المكتب التنفيذي لحركة النهضة دعمه الكامل لحكومة هشام المشيشي.
وقال الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري, اليوم الجمعة, إن أغلبية الكتل المشكلة الحزام السياسي لرئيس الحكومة هشام المشيشي اعتبرت خلال اجتماع معه أمس الخميس أن التحوير الوزاري الأخير استوفى كل الشروط الدستورية والقانونية.
وشدد الخميري على ضرورة عدم إحداث أي أزمة بين مؤسسات الدولة وعلى الإسراع بتطويق الخلاف.
وأشار إلى أن أعلى خبراء القانون الدستوري أكدوا أن صلاحيات رئيس الجمهورية في علاقة بالدعوة لأداء اليمين الدستورية "مقيدة".
أما حزب قلب تونس, فجدد بدوره دعمه لرئيس الحكومة هشام المشيشي, وذلك خلال لقاء معه اليوم الجمعة.
وعبر قلب تونس عن رغبته في أن تنتهي الأزمة القائمة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية في أقرب وقت حتى يتمكن الوزراء الجدد من مباشرة مهامهم, مؤكدا في الأثناء قناعته بأن الأزمة الحالية ليست من طرف الحكومة وأن الدستور واضح.
في الأثناء, أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن الساعات القادمة ستحمل حلا لأزمة التحوير الوزاري بعد أن ظهر صوت الحكمة والعقل وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الخاصة من خلال تدخل بعض العقلاء.
وأضاف الطبوبي أن تسجيل النقاط السياسية أمام الوضع الصعب الذي تشهده البلاد ليس تصرفا لرجال الدولة ولا يمكن القبول به, مشيرا إلى أن الدولة يجب أن تستمر.
وأفادت مصادر مطلعة مقربة من كواليس قصر القصبة ل "بوابة افريقيا الإخبارية" بأن رئيس الحكومة هشام المشيشي طلب من رئيس الجمهورية مده قائمة اسمية في الوزراء الذين يعترض على تعيينهم, إلا أنه لم يتلق أي إجابة في الغرض من قصر قرطاج, علما وأن سعيد لم يقدم للمشيشي طيلة الفترة الماضية أي اسم من الأسماء المحترز عليها ضمن قائمة الوزراء المقترحين لتولي الحقائب الوزارية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن المشيشي طلب تعيين جلسة مع سعيد اليوم الجمعة للحوار حول أزمة اليمين الدستورية, إلا أنه إلى حدود الساعة لم يتلق إجابة رسمية في هذا الخصوص.
وبحسب المصادر ذاتها, يبدو أن المشيشي في طريقه إلى استشارة المحكمة الإدارية في موضوع تسمية الوزراء الجدد وبالتالي اتخاذ قرار ما يسمى ب "الإجراء المستحيل" في حال تمسك سعيد بموقفه وفشلت بعض الوساطات الجارية حاليا لتطويق الخلاف.
جدير بالذكر أن أساتذة القانون الدستوري في تونس انقسموا بين مؤيد لموقف رئيس الجمهورية ومؤيد لموقف رئيس الحكومة.
فقد اعتبر أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور أن رئيس الجمهورية ليس له السلطة التقديرية ويجب عليه قبول أداء يمين الوزراء الجدد في حكومة هشام المشيشي.
وقال بن عاشور, في تصريح إعلامي الخميس, ''إذا رفض قيس سعيد أداء اليمين فإن هذا الأمر يعتبر خطأ جسيما ويمكن بذلك إعفاؤه بسبب ارتكابه لخطأ جسيم ضد الدستور".
وأوضح بن عاشور أنه في صورة رفض رئيس الجمهورية قبول الوزراء الجدد لأداء اليمين يمكن توظيف نظرية الإجراء المستحيل ومباشرة الوزراء الجدد لمهامهم.
في المقابل, أكد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أن أداء الوزراء لليمين أمام رئيس الجمهورية "ليس إجراء شكليا بل هو إجراء جوهري".
ولاحظ محفوظ أنه بإمكان رئيس الجمهورية أن يجتهد وأن يصرح إنه غير ملزمٍ بتسمية بعض الوزراء الجدد وقبول أداء اليمين منهم.
وقال محفوظ إن تقلد منصب وزاري يمر بالضرورة عبر ثلاث مراحل وهي نيل الثقة في البرلمان ثم التسمية من قبل رئيس الجمهورية وأخيرا أداء اليمين أمامه، مؤكدا أنه إذا لم تتم هذه المراحل فإنه لا يمكن للشخصية المقترحة أن تمارس مهامها الوزارية.