نظمت جمعية البحث في تاريخ وتراث الشرق المغربي، يوم 12 يناير الجاري، ندوة فكرية عن بعد، حول موضوع رأس السنة الأمازيغية والتي يطلق عليها أيضا في شمال أفريقيا السنة الفلاحية، وتعرف اصطلاحا بـ "اناير" أو "حاكوز" تحت شعار "إض انــّــاير" / حاﯕـوزا" : تجليات ممارسة اجتماعية متجذرة في الزمان و المكان و رهانات الاستيراث"
وجرت الندوة بالتعاون ودعم بشري و فني ولوجستي من جمعية "تزوري للثقافة و التنمية"، و دعم من المنصة الرقمية لجمعية "عابرون - فن و تنمية "،وفق البيان الذي تسلمت البوابة الإفريقية نسخة منه.
وكانت هذه الندوة، هي الرابعة من سلسلة الندوات التي نظمتها الجمعية عن بعد، حيث نظمت الأولى بعد اعتراف منظمة اليونيسكو بالجمعية، كمنظمة غير حكومية معتمدة في مجال التراث الثقافي اللامادي سنة 2020 طبقا لمقتضيات الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي لسنة 2003 .
وكان هذا اللقاء الفكري الذي دام ثلاث ساعات، مناسبة للتلاقي الفكري بين مجموعة من الأكاديميين الباحثين في مجال التراث والتاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا واللسانيات وعلم الاجتماع والأدب، من المغرب والجزائر ومصر، باعتبار أن الممارسة الاحتفالية التي تتطابق مع التقويم الشمسي الفلاحي واليولياني (أو اليوليوسي) تتضمن دلالات الارتباط الشديد بالأرض لدى شعوب شمال إفريقيا، و يجعل منها ممارسة متجذرة في هذا الفضاء الجيو-ثقافي الذي يتميز بمستوى كبير من التجانس.
وتجلت أهمية الندوة في الإحاطة بالموضوع من زوايا متعددة في نقاش أكاديمي متزن ورصين ساهمت فيه أسماء وازنة في الفكر ذي الصلة مع الحقول المعرفية المذكورة. و كان تنظيم هذه الندوة فرصة لتبادل الأفكار والنقاش وطرح الإشكاليات الملائمة للدفع بالموضوع نحو تحقيق تراكم معرفي ورسملة معرفة تتجاوز الإيديولوجيات و الأفكار السلبية إزاء ممارسة احتفالية لا دينية، لا يزال يدور حولها تجاذب فكري رغم ارتباطها كقيمة مجتمعية بالأرض التي هي وعاء للوجود و العيش و التعايش بحيث تتجاوز وتسمو على كل الخلافات و الاختلافات العقائدية.
وجاءت الندوة في سياق الاهتمام المتزايد بهذه المناسبة من قبل المجتمع المدني المغربي - بل الفاعلين السياسيين أيضا- الذي أخرجها من الدائرة الأسرية و العائلية للفضاء العام و الفضاءات المشتركة، وجعل منها مادة إعلامية و موضوعا للنقاش العمومي، للدفع بها لتتخذ موضعا في المشهد الثقافي الاحتفالي، ويتم الاعتراف بها مؤسساتيا في ظل المطالب المتزايدة بجعل السنة الأمازيغية أو الفلاحية يوم عطلة رسمية، ليتسنى للعائلات والأسر الاحتفال بها كما كان الشأن في الماضي خصوصا بعد دسترة ومأسسة الطابع الأمازيغي للمجتمع المغربي، وانخراط الدولة في المنظومة الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ولا سيما الحقوق الثقافية للشعوب الأصيلة .
للإشارة، الندوة، التي أشرف على تسييرها الأستاذ حسن أوزكري، ساهم في تأطيرها عدد من الباحثين من ضمنهم كل من السادة: محمد المدلاوي، محمد شابير، مولاي أحمد الكامون من مدينة وجدة، وأحمد عصيد من الرباط وسعيد هادف من وهران.