قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أنه يوجد اختلاف أمريكي أوروبي حول معالجة فوضى ليبيا وسلطت الصحيفة الضوء على التدريب الذي يخضع له مقاتلون تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية في مناطق نائية في ليبيا، الأمر الذي يزيد من مخاوف الإدارة الأمريكية بشأن البلد الذي تجاهله المسؤولون الأمريكيين بشكل كبير منذ ثورة 2011. وأضافت الصحيفة أنه تم رصد معسكر التدريب تأوي عدة مئات من مقاتلي تنظيم داعش في عدة مناطق شرقي ليبيا، حيث تشير تقارير الاستخبارات الأمريكية إلى أن المسلحين الإسلاميين بات لهم حضور جديد بالقرب من العاصمة طرابلس في غرب الدولة. وأوضحت الصحيفة أنه رغم عدم إشارة المسؤولين الأمريكيين إلى عزم الإدارة الأمريكية توجيه عمل عسكري تجاه داعش في ليبيا، إلى أن ظهور تلك المعسكرات يجدد الزخم بشأن الجدل حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستضطر في النهاية إلى توسيع نطاق حملتها ضد الدولة الإسلامية لتتعدى الأهداف المعلن عنها في سوريا والعراق. وأشارت الصحيفة إلى ما صرح به السيناتور ماركو ربيون أن تنظيم الدولة الإسلامية «يستغل المناطق الشاسعة غير المحكومة في ليبيا»، وذلك أثناء جلسة استماع كان هدفها الخروج بتفويض قانوني جديد لانخراط الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط.

ولفتت إلى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة عام 2011 وأدت للإطاحة بنظام معمر القذافي ودخولها ليبيا في حرب أهلية متعدد الأطراف، مشيرة إلى ما صرح به الرئيس أوباما في أغسطس الماضي من أن فشل الولايات المتحدة وحلفائها في بذل مزيد من الجهد من أجل ليبيا كان الندم الأكبر له في سياسته الخارجية، لكن حتى مع ذلك، عهد المسؤولون الأميركيون بشكل كبير إلى نظرائهم الأوروبيين في التوسط لعمل سلام في ليبيا، لكنهم رفضوا بشدة فكرة الانخراط العسكري الأمريكية مرة أخرى هناك. وأكدت الصحيفة أن تزايد التهديد الإرهابي في ليبيا التي تعاني من الفوضى يثير القلق في الأروقة السياسية الأمريكية، مشيرة إلى أن هذا التهديد كان مبعث الخطر الرئيسي الذي تحدث عنه كثيرون وقت أن تدخلت الولايات المتحدة في ليبيا عام 2011، بما فيهم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت جيتس. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على ما يبدو أنشؤوا عدة معسكرات تدريب في شرق ليبيا، لكن تلك المجموعات الإسلامية المتمركزة في ليبيا لا تضم بين صفوفها مقاتلي التنظيم ذوي الرتب العليا الذي يعدون العمليات الإرهابية. ونقلت أيضا عن الجنرال ديفيد رودريجيز قائد القوات الأمريكية في إفريقيا أن عمليات تنظيم الدولة في ليبيا تبدو «صغيرة وناشئة.. ونحن نراقبها عن كثب لمعرفة مدى تطورها». فيما قال الجنرال جون آلن المبعوث الخاص لجهود الولايات المتحدة ضد داعش إن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يحاولون تحديد ما إذا كان المقاتلون الذي تم رصدهم هم إسلاميون ليبيون يسعون إلى التحالف مع تنظيم داعش، أم أنهم مقاتلون أتوا من مقر الدولة الإسلامية في العراق والشام. وأشارت الصحيفة إلى تصريح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ مايك روجرز أن 21 من أفرع تنظيم القاعدة حول العالم عرضوا تقديم الدعم للدولة الإسلامية.

وقالت لوس أنجليس تايمز: إن المسلحين الليبيين الذي بايعوا تنظيم الدولة يسيطرون على جزء من مدينة درنة على الساحل الشرقي لليبيا، وإنهم يجوبون المنطقة في دوريات لإنفاذ الآداب الإسلامية، فضلا عن إنشائهم لمحاكم إسلامية ورفع الأعلام السوداء للتنظيم. وتوقع فريدرك ويرى محلل الشؤون الليبية بمؤسسة كارينجي أن تتبع الولايات المتحدة سياسة «مراقبة وملاحظة واحتواء» الوضع في ليبيا، وأنها لن تتدخل ما لم ينم إلى علم المسؤولين أن تهديد المسلحين في ليبيا باتت أكثر إلحاحا. وأشار وير إلى أن ثمة أسباب تحول دون تدخل الولايات المتحدة عسكريا في ليبيا، من ضمنها أن التدخل ربما يعقد الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل لاتفاقية سلام، إذا ما ظهر أن واشنطن تفضل أحد أطراف الحرب الأهلية الليبية. وأضاف أن من بين الأسباب الأخرى هو أن التدخل الأمريكي قد يكون مجازفة تفضي بتورط الأمريكيين في صراع فوضوي مفتوح. وأوضح وير أن التكوين الواضح لقاعدة إرهابية جديدة في ليبيا « تغضب كل المسؤولين في واشنطن»، لكن هذا الغضب يجب ألا يؤدي إلى تورط أميركا في ذلك الصراع. وأشار ويري إلى أن موظفي السفارة الأمريكية في ليبيا والذين يعملون من جزيرة مالطا بسبب مخاطر العمل من السفارة في طرابلس، كانوا حذرين بشكل عام في التعامل مع الشؤون الليبية، فضلا عن تأخيرهم لخطط تتعلق بتدريب قوة ليبية حتى تستقر الدولة. لكن بعض المحللين يحذرون من أن الدول الأوروبية على عكس الولايات المتحدة لن تنتظر التحرك إزاء الوضع الليبي، لأن الفوضى هناك تهدد منطقة البحر المتوسط عن طريق تدفق اللاجئين والسلاح والمخدرات، فضلا عن المسلحين الإسلاميين. ونقلت الصحيفة عن محلل الشؤون الليبية ولفجانج بوسزتاي أن سياسة الولايات المتحدة والهادف لاحتواء الوضع في ليبيا «كافية لتحقيق أهداف واشنطن الاستراتيجية، لكنها لن تحل المشاكل بالنسبة لأوروبا».

*نقلا عن ليبيا المستقبل