يسعى الفرع الاخواني في ليبيا و ذراعه السياسية "حزب العدالة والبناء" جاهدا للاستحواذ الكامل على الدولة الليبية و مقدراتها ،او ما "تبقى من دولة" و ذلك باعتماد عمقه "الميليشوي" المتمثل في المجاميع المسلحة ،و الحديث هنا عن الاستواحذ على الدولة لا ينحصر في المعنى السلطوي للدولة المتمثل في الحكومة و دوائر القرار الاخرى كالادارة و المؤتمر الوطني (البرلمان) بل يتعداه الى ارادة الهيمنة على المجتمع المدني باختراقه و الهيمنة عليه و السيطرة على الاعلام الليبي من خلال تدجينه او تكميم ما تبقى من أصوات حرة داخله .

فاقالة رئيس الحكومة الليبية الاسبق علي زيدان بداية الشهر الحالي لم تكن خارج هذا الاطار ،اطار السعي الى الهيمنة المطلقة على البلد من طرف الاخوان ،فزيدان نفسه تحدث عن ذلك متهما ، واتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنّها وراء الإطاحة به من الحكومة، وأنها تريد السيطرة على ليبيا حسب قوله.وتابع زيدان بقوله: "الإخوان تحالفوا مع ألد أعدائهم لإبعادي عن رئاسة المؤتمر الوطني العام حين رشحني البعض لرئاسته".

كذلك لم تكن عملية اقالة زيدان بمعزل عن الهدف الاخواني للاجهاز على الدولة بعد الهيمنة على المؤتمر الوطني في وقت سابق بالرغم من أن الجماعة لم تجني الكثير من التأيد الشعبي خلال الاستحقاق الانتخابي صيف العام 2012 ،فزيدان قد اتهم كتلة الاخوان داخل المؤتمر الوطني بتزوير جلسة سحب الثقة منه مؤكدا أن إجراءات إقالته لم تكن سليمة حيث كان من المفترض أن يكون سحب الثقة بما لا يقل عن 120 صوتا وما حصل هو تصويت 114 نائبا فقط على سحب الثقة عنه، حسب قوله، "لم أستقل لأني لم أريد أن أخذل من وضعوا ثقتهم فيّ وبعضهم أعضاء في المؤتمر الوطني، كما أني لم أرغب في أن أترك الأمر لهاتين الكتلتين، العدالة والبناء وكتلة الوفاء لدماء الشهداء، ليستفردوا به. وأنا أحذر الشعب الليبي من هاتين الكتلتين، وآمل أن يعوا الدرس في الانتخابات القادمة".

"التهام كعكة " المؤتمر الوطني

فالاخوان الذين فشلوا في كسب التأيد الشعبي  في الشارع الليبي تعسفوا على اختيار الليبين في انتخابات صيف العام 2012 و حولوا المؤتمر الوطنيالى أداة للهيمنة ،فبعد ان فشل الفرع الاخواني في ليبيا في انتخابات "المؤتمر الوطني" (البرلمان) في مواجهة القوى الليبرالية بقيادة محمود جبريل، فذا الفرع استطاع و من خلال كتلة صغيرة داخل المؤتمر تمرير العديد من القوانين في صالحه و بذلك تهميش الكتلة الاكبر خاصة بعد تمرير قانون "العزل السياسي" و الذي أقصى العشرات من نواب الكتلة الليبرالية عن النشاط السياسي بدعوى التعامل مع النظام السابق (أي العمل في مؤسسات الدولة و هنا لا يفرق الاخوان بين "مفهوم استمرارية الدولة" و العمل مع النظام السابق ففي نهاية الامر نظام القذافي هو من كان يسير دوليب الدولة ).

و بذلك تمكن الاخوان من الهيمنة على "المؤتمر الوطني "و اخضاع السلطة التشريعية ،و أخر الامر تم تميرير قانون لتعويض السجناء السياسيين المتضررين إبان النظام السابق، و هو ما يعني ضمنا جنى اموال طائلة لفائدة "الاسلاميين" حتى و ان كان البعض منهم قد اعتقل في النظام السابق بسبب ارتكاب اعمال ارهابية واضحة،كما تم تمرير هذا القانون بصورة مستعجلة و دون تدقيق في كشوفات المستحقيين ،فقد شرعت لجنة المصالحة الوطنية بوزارة العدل الليبية بصرف الصكوك المالية الخاصة بتعويض السجناء السياسيين المتضررين وفق القانون رقم ( 52 ) لسنة 2013 الصادر من وزير العدل من بداية حكم النظام السابق إلى إعلان التحرير حسب اللائحة القانونية والمدة التي قضاها داخل السجن.

اذ فقد وجد الاخوان في ليبيا في "المؤتمر الوطني" فسحة من السلطة و الهيمنة جعلتهم يتوعدون كل من يخرج في مظاهرات لرفض التمديد في عهدة المجلس التي انتهت في  في السابع من شباط/ فبراير و بالرغم من ذلك فقد خرج الليبيون في الشوارع ملوحين بالمكانس في إشارة لرفضهم لبقاء البرلمان الليبي بعد هذا اليوم،حتى أن عضو حزب العدالة والبناء المنتمي لتيار"الإخوان المسلمين" خالد المشري وصف عبر الشاشات الجموع التي خرجت يوم السابع من شباط/ فبراير قائلا : »ما هم إلا أطفال مغرر بهم تم استغلالهم." (1)

كما استطاع الاخوان اخضاع قيادة المؤتمر الوطني المتمثلة في ؤئيسه النوري أبو سهمين و الذي وصفه رئيس الحكومة  المقال بأنه "مغلوب على أمره ومرتهن بالكامل لكتلة الوفاء للشهداء وغرفة عمليات الثوار".

وعلى جانب متعلق اكثر بالوضع الميداني و الامني يسعى الاخوان المسلمون في ليبيا الى تسيد مجاميعهم المسلحة في البلاد ، خيث ٍ يرى مراقبون أن الوضع في ليبيا لا يزال الأكثر تعقيداً عما عليه الدول التي هبت عليها ثورات الربيع العربي، ولكن لم تختلف كثيراً من ناحية سطو جماعة الإخوان على الثورة، كما حدث في مصر وتونس، حيث تعمل هذه الجماعة وفقاً لأجندات خارجية أدت إلى تحويل ليبيا لمجموعة ميليشيات تحكمها، لا يستطيع أحد أن يسيطر عليها.واعتبر المراقبون أن ليبيا ما بعد الانتفاضة أضحت قنبلة موقوتة يمكنها الانفجار في أي لحظة، ولن تلحق الأضرار بالداخل فقط، بل سيكون تأثيرها خطيراً في الدول العربية المجاورة مثل مصر والجزائر، بعد وجود أكثر من ألف ميليشيا مسلحة تتبع لـ«الإخوان» وتنظيم القاعدة، يتم استخدامها في الصراع السياسي الداخلي والخارجي لجماعة الإخوان وأنصارهم، ومن يقف في وجه هذا المخطط في ليبيا يكون مصيره الخطف أو القتل، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصفية رجال أمن ليبيين.(2)

تحويل ليبيا الى قاعدة للتأمر على مصر

كما تتهم الجماعة بتحويل ليبيا قاعدة تأمر على الامن القومي المصري فقد فجر رئيس الوزراء الليبي الأسبق محمود جبريل، مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف عن تفاصيل التعاون الإخواني القطري بمباركة أمريكية لإزعاج النظام الجديد فى مصر والضغط عليه انطلاقا من ليبيا.و أوضح  جبريل خلال مجموعة من الحلقات المسلسلة التى نشرت بصحيفة الحياة اللندنية، أن المسئولين القطريين ضغطوا على السلطة الجديدة فى ليبيا لمنع جمع الأسلحة من الثوار، وإن هناك الآلاف من المسلحين الجاهزين على الحدود، معهم أسلحة بلا حصر لخلخلة الوضع فى مصر.

و في ذات السياق قال  اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والإستراتيجي، بمشكلة الميليشيات التي تواجه مصر على طول شريطها الحدودي مع ليبيا، مشيرًا إلي وجود مشكلة على الحدود الغربية تؤثر على الأمن القومي لمصر، وأمن المواطن المصري نظرًا إلى التهريب الدائم للأسلحة، ومن بين الميليشيات التي تمثل تهديدًا على الحدود هي "درع ليبيا" التي باتت تمثل بديلاً عن الجيش الحقيقي الليبي. وأوضح أن تلك الميلشيات تعمل داخل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، كما لفت إلى خطورة ميليشيات  مصراتة ، وأخرى تسمى  اللجنة الأمنية العليا تعمل بالتحالف مع درع ليبيا، سيطرت مؤخرا على بئري بترول.كما تطرق لميليشيات لواء شهداء 17 فبراير، التي أكد أنها تتكون من 12 كتيبة ولديها أسلحة كبيرة، وتعتبر تلك الميليشيا من أهم المصادر الرئيسية لتهريب السلاح إلى مصر، ولها تعاون مع جماعة الإخوان الإرهابية، كاشفًا أن القيادي الإخواني، خيرت الشاطر، التقى أفرادًا من ميليشيات 17 فبراير عندما زار ليبيا.

واعترف اليزل بدور قطر في دعم كثير من الميليشيات، مشيرًا إلى أن هناك تعاونًا كبيرًا بين قطر والميليشيات التي تقوم بالتهريب على الحدود الغربية.وأوضح أن هناك وسطاء يتلقون الأموال من الدوحة ويرسلونها إلى الميليشيات الليبية على الحدود مع مصر ومن بينهم خالد الشريف، وعبد الكريم بلحاج.ويبدو أن قطر تسعى إلى استنساخ النموذج السوري في مصر عبر إغراقها بالسلاح المتدفق عبر الحدود الليبية المصرية بهدف إضعاف القبضة الأمنية والعسكرية للدولة المصرية على أرضها، وإدخالها في دوامة من الفوضى والاقتتال الداخلي.في الوقت نفسه تصاعدت عمليات اختطاف المصريين في ليبيا علي يد الجماعات المسلحة، وكان أخرها اختطاف ما يقرب من 70 مصريًا علي يد كتيبة الهجرة غير الشرعية، بدعوة دخولهم البلاد بدون تصريح، بالإضافة إلي اختطاف اثنين من المصريين قي وقت سابق، بمدينة بنغازي.(3)

___________               

  1. - اخوان ليبيا و نزعات الهيمنة المنهجية على الدولة - http://bit.ly/1dnMD6L
  2. - الانفلات الأمني و«الإخوان» يهددان الانتقال الديمقراطي في ليبيا  -  http://bit.ly/1jrQlui
  3. - قطر تعلن الحرب على مصر من الأراضي الليبية.. والخارجية المصرية تحذر - http://bit.ly/1oQlU4k