في الريف المغربي عادات وتقاليد حاملة لهوية المجتمعات المحافظة. كأغلب الأرياف في المنطقة المغاربية، من السهل أن يكتشف الزائر طبيعة مختلفة عما يشاهده في المدن. الشدة والصبر ولباس النساء والرجال وحتى الطبيعة القاسية، كلها أشياء تميّز مناطق الريف المغربي الذي مازال يحافظ على الموروث الأمازيغي في أعلب تفاصيل الحياة، ومنها الزواج الذي تسيّره تقاليد خاصة فيها تعبيرات عن طبيعة عيش المجتمع الريفي والقوانين العرفية التي تسيّره.

يمكن اعتبار الريف المغربي موقعا فريدا ينقسم إلى ثلاث مناطق، وهو المنطقة الممتدة بين مضيق جبل طارق ومدينة طنجة غربًا ونزولا إلى أصيلة ومناطق تحاذي المحيط الأطلسي، ثم إلى الحدود الجزائرية شرقًا مع محاذاة البحر المتوسط، بالإضافة إلى مناطق أخرى جنوبا أين تتشابه العادات والتقاليد وتصارع مجتمعاته من أجل الحفاظ على موروثها أمام موجات التغيير الثقافي التي تخترق أغلب الدول.

وكما هو موجود في بقية المجتمعات المغاربية، تتميّز الأعراس في المغرب بعادات خاصة، تستعد لها العائلات قبل أيام أين تحاول جلها أن تخلق أجواء احتفالية سواء بالأبناء أو البنات، رغم أن زواج الرجل كما في كل العادات المحافظة له تحضير خاص في إطار إبراز للرجولة بكل ما تحمله من معاني الكرم والتباهي بالزوج خاصة عندما يكون كبير إخوته.

لكن قبل الزفاف تقدّم بعض المصادر كيفية التعارف بين العروسيْن، حيث يقصد الفتى الراغب في الزواج من فتاة أحلامه، الحقول القريبة أين تتجه الفتاة إلى جلب العشب أو الماء. ومن عادة الفتيات أن يجتمعن في الصباحات أو المساءات عند منابع المياه بطريقة فيها استدعاء للعريس، وكل ذلك يكون ضمن قوانين اجتماعية صارمة "تمنع اللقاءات الودية بين الفتيات والشبان خارج الحدود الشرعية التي ما زال سكان المنطقة متمسكين بأعرافها".


وبعد أن يتم التعارف الذي تتوسط فيه عادة الأخوات، يخبر الشاب أمه التي تتكفل ببقية المهمة من إعلام للوالد، والاتصال بأم الفتاة ويكون الاتفاق إذا حصل القبول على موعد للخطبة، التي بدورها تكون وفق عادات خاصة من بينها محاولة عائلة الشاب أن تقدّم عن نفسها صورة إيجابية، في المقابل تظهر عائلة الفتاة كرما خلال الزيارة فيه ترحيب وتعبير عن أن العائلتين أصبحتا متصاهرتين.

بعد الخطبة يتم الاتفاق على موعد للعرس وهو الزفة الكبرى، التي تسبقها زفة صغيرة يحضرها نفر قليل من أقارب الرجل وأقارب الفتاة، وغالبا يقدّم فيها المهر والاتفاق على شروط المرأة وشروط الرجل، وفي الغالب العائلة هي التي تحدد بدلا عن الزوجين، حيث مازالت مجتمعات الريف أبوية سلطة الأب أقوى وأكبر من أي سلطة أخرى.

وفي فترة الزفاف عند الريفيين التي تكون غالبا في فصل الصيف أين يكون المناخ ملائما للاحتفال، ويدوم ثلاثة أيام على الأقل، يحضر الأقارب في وقت مبكّر؛ بالنسبة إلى الرجل يحضر أكثر عدد من أصدقائه من الشباب الذين يشاركون في كل الأعمال ويساهمون بجزء من المصاريف بالإضافة إلى ممارسة بعض الألعاب التي تظهر جزءا من الرجولة، مثل اختبار السرعة وقوة الصبر حتى على ألعاب قتالية، والفتاة كذلك تزورها صديقاتها محملات بالهدايا ومشاركات في تهيئة المنزل وتزيينه وتنظيف ساحته، إضافة إلى بعث روح احتفالية تخفف الضغط عن العروس التي تغادر بيت أهلها.

في اليوم الأخير من العرس، تستعد عائلة الرجل بإعداد وليمة كبيرة لأهل العروس، وتنظم فيه عروض الفروسية مساء، وقد يكون العريس فارسا يستعرض مهاراته أمام الزوجة ويكون مفخرة لأهله ولها أيضا أمام أهلها، ثم تتوجه إلى  منزلها إلى الليل وهو وقت إنهاء العرس والإعلان عن تأسيس عائلة جديدة.