يعتبر الانقسام السياسي في ليبيا أحد الأسباب في تعميق الأزمة الاقتصادية، مما أثّر على استعادة أصول مجمدة في الخارج منذ رحيل النظام السابق، تقدر بـ67 مليار دولار، وأصبح الأمل المستهدف الآن، أن تشارك ليبيا في إدارة ثاني أكبر صندوق سيادي في أفريقيا، وسط تحذيرات أممية من إذابة أمواله بمساعدة أطراف داخلية، في وقت ألمحت فيه تقارير إلى أن فوائد تلك الأصول في دولة أوروبية تذهب إلى أرصدة سرية في بنوك بعدد من الدول.

فصل جديد من قضية الأرصدة المجمدة

سجلت قضية الأرصدة الليبية المجمدة في بلجيكا تطورات جديدة، بعد أن نقلت محطة إذاعة بلجيكية عن مصدر مقرب من الملف قوله: "إن الحكومة البلجيكية لعبت دورًا في تمويل الميليشيات الليبية المسؤولة عن الإتجار بالبشر". وذكرت إذاعة "آر تي بي إف إم" اليوم الاثنين، حسب المصدر الذي اشترط عدم كشف هويته، "إن فريقًا تابعًا لها أجرى تحقيقًا حول المسألة، وجمع معلومات حصرية وخطيرة"، وأضاف أن الحرب الأهلية في ليبيا أدت إلى أزمة هجرة كبرى. ووفقًا لهذا المصدر القريب من عناصر الأمن السريين، فإن دور بلجيكا ليس محايدًا في هذه الحالة.

ونقلت عنه قوله: "على مدار 7 سنوات، يتضح أن فصائل الميليشيات الليبية حصلت على جميع الأسلحة التي يحتاجونها. وبعض الدول تسلحهم علنًا، لكنهم وجدوا أيضًا الأسلحة بوسائل أخرى"، مضيفًا: "كانت هناك قضية أو اثنتان مرتبطتان بطائرات قد توقفت في مطار (أوستند) البلجيكي محملة بالأسلحة نحو ليبيا"

وأوضحت الإذاعة البلجيكية أنه جرى تجميد الأصول بأربعة بنوك في العام 2011، مشيرة إلى أن "الفوائد والأرباح لم يتم تجميدها، وجرى استعمال ما بين 3 و5 مليارات من هذه الحسابات منذ العام 2012". وقال روبرت واتروالجي، الأستاذ الفخري في جامعة كاليفورنيا إنها "مؤسسة مافيا، لكنها تعتمد على جميع الميليشيات المعنية. إنها تتلقى أموالًا خارجية".

وفي مجلس النواب البلجيكي، خطط البرلمانيون البلجيكيون لسماع خبراء الأمم المتحدة في جلسة داخل مجلس النواب، حيث دعا البرلمانيون مرارًا وتكرارًا الحكومة البلجيكية لشرح هذه القضية. وقال النائب جورج داليمان للإذاعة: "عندما نطرح السؤال على الوزراء، لا نتلقى إجابة تذكر عن المبالغ والأسباب، هذه مشكلة خطيرة للغاية، وتلوث سمعة بلجيكا"

من جهته، يرى البرلماني جورج جيلكينيت أن الحكومة البلجيكية تستخدم الطابع المعقد للملف لغاية عدم إعطاء المعلومات والتراجع عن القرارات المتخذة على المستوى الأوروبي.

وقالت: "لا أحد يعرف بالضبط ما حدث لهذا المال، لكن تقرير الأمم المتحدة، الذي نُشر في سبتمبر، يفيد بوجود مشكلة تهريب الأسلحة لتغذية الفصائل المسلحة والميليشيات»، مضيفة: "هناك سوق كاملة تهدف إلى جلب المهاجرين وإشراك شبكات البغاء النيجيري".

سوء تصرّف

وفى ظل تحذيرات من ضياع تلك الأصول، تحدثت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن أن الأموال الليبية المجمدة في العاصمة البلجيكية بروكسل، وتقدر بـ16 مليار يورو، تولّد عائدات تبلغ ملايين الدولارات وتصب في حسابات بنكية لمنتفعين مجهولين في بضعة دول خلال السنوات الأخيرة، لكن مسؤولاً بلجيكياً قال إن تلك التدفقات "قانونية".

ولفتت الصحيفة في تحقيق استقصائي، سابق، أعدته الصحافية البلجيكية جوليا بارافيسيني، إلى "وجود تدفقات كبيرة ومنتظمة لأرباح سهمية وسندات الدخل وفوائد مستحقة". وذكرت أن "وثائق قانونية وكشوف حسابات بنكية ورسائل بريدية وعشرات المقابلات تُشير إلى وجود ثغرة في نظام العقوبات".

ولم يمانع الدريجة، وهو خبير اقتصادي يعيش في مدينة مانشستر البريطانية، في حدوث ذلك، بل إنه قال:"هناك محاولات جرت لتسجيل بعض الأصول الليبية بأسماء أشخاص معينين، وشكل ذلك صداعاً كبيراً للمؤسسة والجهات التابعة لها"، متحدثاً عن "عملية تقاضي عمولات للدخول في استثمارات رديئة حدثت في الماضي، وكلفت المؤسسة مليارات الدولارات ولا يوجد ما يمنع تكرارها الآن، خاصة في ظل الانقسام". واستكمل: "في حال وجود إدارة واحدة فعالة ومنظومة رقابة داخلية وخارجية، فهذا يقلل من قدرة الطامعين على الوصول إلى الأصول الليبية".

وعلى الرغم من مضي السنوات السبع، فإن التقارير الرسمية في البلاد لم تحدد قطعاً الدول التي تحتضن تلك الأصول المجمدة، وسط تفاوت وتضارب كبيرين في الأرقام والبيانات التي أعلنت على مدار تلك الفترة، وما يعلن الآن، غير أن وكالة "رويترز" أشارت في تقرير سابق إلى وجود تلك الأموال في 8 دول، وحصرتها في النمسا وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ والولايات المتحدة.