مازالت مدينة درنة الليبية، في دائرة الضوء حيث تتواصل العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر عليها منذ نحو ست سنوات مستغلة الفوضي العارمة والانفلات الامني، لتجعل منها قاعدة لأنشطتها الإرهابية في ليبيا والمنطقة ككل.

وتمكن الجيش الليبي قبل شهر من اقتحام معاقل المتطرفين في مدينة درنة، التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن الحدود مع مصر، وألقى فيها القبض على قادة لجماعات إرهابية.وتقود القوات المسلحة الليبية عمليات أمنية ضد فلول الجماعات المتطرفة في آخر جيوبها في درنة قصد تطهيرها بشكل كامل.


** المعركة الأخيرة

وتستعد قوات الجيش الليبي لخوض المعركة الأخيرة في مدينة درنة شرق البلاد، للقضاء على الجيوب المتبقية للمجموعات الإرهابية المتحصنة داخل الأزقة والمنازل.وقال العميد سالم رحيل آمر غرفة عمليات عمر المختار التابعة للجيش، إن "مناوشات بدأت الأربعاء، لكن المعركة الحاسمة ستنطلق خلال ساعات مقبلة"، مؤكدا أنها ستكون الأخيرة لتحرير كامل المدينة من قبضة الإرهابيين.

ونقلت "العربية.نت"،عن   رحيل تأكيده أن تقدما أحرزته قوات الجيش مساء الأربعاء أدى للسيطرة على أغلب أجزاء حي المغار، وقتل ما يزيد عن 12 إرهابيا.مشيرا إلى أن هناك خططا تجري حاليا لإطلاق العملية الأخيرة بمشاركة 4 كتائب، وبين الخطط شق أمني من أجل تلافي الخسائر وتطهير ما تبقى من المدينة بأقل الخسائر المادية والبشرية.

وكان المسؤول الإعلامي للواء 73 مشاة المنذر الخرطوش،أكد بدوره إن قوات الجيش الليبي سيطرت على حي المغار وتتجه إلى تحرير المدينة القديمة.فيما قالت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي موالية للجماعات الإهابية بدرنة إن مقاتلي تلك الجماعات انسحبوا من حي المغار إلى المدينة القديمة لإعادة ترتيب صفوفهم وتجميع قواتهم.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية،عن الخرطوش قوله:أن "وحدات عسكرية تابعة لغرفة عمليات عمر المختار بإمرة العميد سالم رحيل، تحركت باتجاه المدينة القديمة فجر يوم 30 أكتوبر 2018، لتحرير وإنهاء المعركة بالمغار"، مشيرا إلى "مشاركة الكتيبة 437 مشاة بالمعركة بقيادة الرائد سالم رزق والكتيبة 210 آليات وسرية تابعة للكتيبة 124 تابعة للواء 106 وسرية من الكتيبة 276 مشاة التابعة للواء 73 مشاة وقوة الإسناد سريه البركان، حيث استمرت المعارك أكثر من 3ساعات في حي المغار".

وأضاف الخرطوش: "استشهد جندي تابع للكتيبة 437 وآخر من سرية البركان المساند"، فضلا" عن إصابة 8 أشخاص من قوات المسلحة العربية الليبية في معركه التطهير والتأمين الكامل".مؤكدا أن "خسائر كبيرة وقعت في صفوف تنظيم الإرهابيين وصلت إلى 12 جثة لهم لدى القوات المسلحة، فضلا عن مصادرات أسلحة خفيفة وذخائر، ليتم بذلك تأمين منطقة المغار بالكامل".

وكان معاون آمر السرية الأولى الأبرق مشاة في الجيش صلاح بوطبنجات،أكد في وقت سابق، أن قوات الجيش نجحت في تحرير حي المغارة المحاذي للمدينة القديمة بدرنة.وقال بوطبنجات في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية إن بقايا الجماعات المتطرفة تتحصن في أزقة ضيقة بالمدينة القديمة مؤكدا أن قوات الجيش تضيق الخناق عليها في آخر معاقلها بدرنة.

يذكر أن الجيش الليبي كان قد أعلن، في 28 يونيو/حزيران الماضي، تحرير مدينة درنة، مؤكدا متابعة ملاحقة جيوب الإرهابيين في بعض مناطقها مثل المغار والمدينة القديمة.وأعطت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية الإرهابين الموجودين بمنطقتي المغار والمدينة القديمة في درنة فرصة لتسليم أنفسهم للجيش.


** محاكمة الإرهابيين

وتأتي هذه التطورات الميدانية،في وقت كشف فيه المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري، عن بدء القضاء العسكري في شرق ليبيا، محاكمة العشرات من الإرهابيين، موضحا أن معظمهم شديدو الخطورة، وبينهم الضابط المصري المفصول هشام عشماوي الذي يعتبر الصندوق الأسود للجماعات الإرهابية في ليبيا ومصر

وفي تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، نشرته الخميس 01 نوفمبر 2018، أشار المسماري إلى "انتهاء العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية التي كانت تحارب الجيش بالأسلحة الثقيلة انطلاقاً من مدينتي بنغازي ودرنة"، وقال :"في الوقت الحالي نلاحق الخلايا النائمة والذئاب المنفردة، من خلال العمليات الأمنية التي تتمثل في التحري، والبحث، والقبض".

وقال المسماري:"في الحقيقة أصبح لدينا اليوم سجون تعج بالإرهابيين... بل من أخطر الإرهابيين. هناك إرهابيون، حتى هذه الساعة، ما زالوا متمسكين بالفكر الإرهابي، بما فيه الخاص بتنظيم (داعش)". وأضاف:"لدينا أكثر من 200 أو 300 إرهابي. لقد تم التحقيق معهم في النيابة في قضاياهم، وجرت إحالتهم الآن للقضاء.

وفيما يخص عشماوي، أشار المسماري،إلى أنه متهم بارتكاب جرائم كبيرة، خصوصا في ليبيا، حيث تورط في "اغتيال مئات من العسكريين، وسقطوا في المواجهات.وأضاف أنه كان يقود المعارك ويضع الخطط العامة لهذه العمليات في درنة، وغيرها.وقال المسماري،إنه قد تمت إحالة عشماوي للتحقيق بشكل مباشر.مؤكدا إنه مخزن معلومات، وصندوق أسود كبير.

وبالإضافة إلى ليبيا، تتهم مصر عشماوي بالتخطيط لعمليات إرهابية في سيناء وشمال القاهرة ومنطقة الواحات في جنوب غربي العاصمة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما أدى إلى مقتل العشرات من رجال الجيش والشرطة والمدنيين. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أسبوعين، إن بلاده تريد محاسبة عشماوي.

وأعلنت القوات المسلحة الليبية،الإثنين 08 أكتوبر 2018، أنها ألقت القبض على الإرهابي المصري هشام عشماوي،أحد أخطر قيادات الجماعات الإرهابية في مصر، خلال عملية أمنية في مدينة درنة.ومثل سقوط عشماوى،بحسب المراقبين ضربة قوية للإرهاب العابر للحدود، وخصوصًا أن الرجل يمثل كنزا كبيرا من المعلومات كونه الصندوق الأسود للتنظيمات والجماعات المتطرفة فى ليبيا.

وشهدت الأشهر الماضية،سقوط العديد من قيادات وعناصر الجماعات التكفيرية التي شكلت خلال السنوات الماضية تهديدا كبيرا من خلال أنشطتها الإرهابية التي طالت ليبيا وجوارها.

وتتواصل الضربات الناجحة لمعاقل للإرهابيين،في مدينة درنة التي تعد مركزا لتجمع عناصر تنظيم "القاعدة" والجماعات الإرهابية المرتبطة به، في محاولة لمحاصرة الإرهاب الأسود وإحباط مخططاته.ويرى مراقبون أن ذلك يعد خطوة هامة في الحرب على الإرهاب،حيث يساهم في تجنيب ليبيا المزيد من الهجمات الارهابية،اضافة الى تجنيب دول الجوار وخاصة مصر هجمات ممثالة.