مما لاشك فيه أن الإرهاب يضرب العالمين العربي والدولي و«لا أحد محصن» من تطرف الجماعات الأصولية التي تضع أهدافاً أمام أعينها تسعى إلى تنفيذها، إلا أن تنقلها من السعودية إلى الكويت إلى تونس ومصر ليس من فراغ، ويبدو أن مخططها واضح وهو إيجاد فتنة سنية ـ شيعية إضافة إلى إرعاب هذه الدول التي تحارب الإرهابيين والمتطرفين, كما يحاول داعش تقويض مفهوم الدولة التقليدية وبسط الرعب وإشعال حرب دينية.

والسؤال المطروح، ألم يحن الوقت ليكون هنالك تعاون دولي لمواجهة خطر الإرهاب؟.

حرب "داعش"

وأوضح العميد المتقاعد نزار عبد القادر، في حديث لـ"اليوم": إن "الإرهاب يضرب العالم العربي كله، كما الدول الغربية"، لافتاً إلى أن "الإرهاب ليس له برامج، فحيث تتاح له الفرصة يضرب، ويبدو أنه مستعد لاغتنام أكثر من فرصة والقيام بأي عملية من أجل إخضاع المجتمع العربي والدولي لإرادته، إضافة إلى أنه يأمل بإطالة المزيد من أجواء الخوف والرعب والشك لدى مختلف الشعوب العربية والدولية".

و"لذلك أعتقد أن كل الدول والمجتمعات ما زالت تشكل هدفاً لعملياته الإرهابية خصوصاً في كل مرة يتاح لتنظيم "داعش" او التنظيمات المماثلة له الفرصة للتحضير لعملية ناجحة على غرار العملية التي نفذت في الكويت أو العملية التي نفذت في تونس مؤخراً".

وأضاف: "لقد تطورت تقنيات "داعش" فهو الآن يقوم بعملية وأداة التنفيذ فيها يكون شخص واحد غير معروف، وهذا ما حدث في الكويت وتونس من هنا يصبح كشف هذا النوع من العمليات أمرا صعبا جداً، وقد يكون من السهل فيما بعد التعرف على شخصية الإرهابي، وكيف وقعت العملية ولكن من الصعب جداً القيام بعملية استباقية لإفشال العملية لأنه من الصعب جداً الاكتفاء على الحلقة المنفذة في هذه العملية".

ورأى العميد عبد القادر، أن "هناك تكاملا بين حرب العمليات الإرهابية وعمليات تثبيت وتوجيع الدول الإسلامية"، معرباً عن اعتقاده بأن "العمليات الخارجية سواء في ليبيا أو في تونس أو في الكويت أو في المنطقة الشرقية في السعودية، تكمل بعضها البعض، فهي مزيد من الدعاية لـ"داعش" ومزيد من التحدي الذي ترسمه في مجتمعات عربية عدة وهي رسالة تقول له بأنني تمكنت من الإفلات من زمام آلية المراقبة والسيطرة وبإمكاني أن أضرب حيث أشاء".

وتابع عبدالقادر: "لذلك، فإن هذا النوع يشد المزيد من المبايعات ومزيدا من الإرهابيين الذين سيكونون في صفوف "داعش" في مختلف المسارح التي تنشط فيها أو ببعض المجتمعات الغربية والمزيد من المتطوعين للانضمام إلى الجماعات المقاتلة في سوريا والعراق، لذلك هي حرب مفتوحة تستفيد منها "داعش" سواء على الصعيد الإعلامي في جذب المزيد من الشرائح الاجتماعية لمبايعتها في المجتمعات الإسلامية والعربية ولشد المزيد من المقاتلين الذين تستهويهم هذه المغامرة الداعشية بكل أبعادها وسحرها القتالي أو الإيديولوجي".

بو منصف: مسألة التوقيت

وعلق المحلل السياسي نبيل بومنصف، في حديث خص به "اليوم" على التفجير الإرهابي الأخير في الكويت، وما يحصل من تفجيرات متفرقة في دول الخليج الأخرى، قائلاً: "في المنحى العام مسألة التوقيت عند القوى الأصولية التكفيرية له علاقة بأمرين، الأول عودة انتعاشهم في سوريا والعراق عسكرياً، والأمر الثاني ثبوت تخاذل المجتمع الدولي أمامهم، فلقد تزامن هذان العنصران مع الذكرى الثانية لسيطرة "داعش" على الموصل وبالتالي فهم يقومون بنوع من الاحتفالية الهائلة أي احتفالية الرعب ضمن استراتجية التخويف التي يتبعونها والتي تنجح كثيراً على أبواب مرحلة خطيرة جداً في الحرب السورية، والتي هي مفصلية، وهم الآن يسيطرون على نصف سوريا والعراق في الصحارى والمناطق التي يوجد فيها نفط، وهذا يجعل لديهم اكتفاء ذاتي وقدرة كبيرة ولكن لا يزال هناك العامل التخويفي للمجتمع الدولي والذي بدأوا بتصديره، خصوصاً أنهم يعلنون أن إمارتهم لا تقتصر على سوريا والعراق بل سيتمددون ولو بتخويف المجتمعين الغربي والخليجي"، مشدداً على أن "أخطر أمر نراه من خلال الهجوم الثلاثي الذي تزامن في اليوم ذاته (الجمعة الماضي) ملامح تنفيذ مضمون هذه الرسالة".

وعما إذا كان هنالك عاصفة الحزم بما حدث في الكويت، أوضح المحلل السياسي أن "لعاصفة الحزم في اليمن منحى استراتيجيا له علاقة بالصراع الخليجي ـ الإيراني الأبعد من ذلك"، معتبراً ان "الضغط الذي تقوم به القوى الأصولية خارج حدود سوريا والعراق يتصل بما يمكن أن يكون قد يُحضر الغرب للمفترق الآخر من الأزمة السورية وربما قد يكونون يلاحظوا المعادلة التي يطرحها الغرب بشكل علني لما بعد الملف النووي، فهم يفكرون ويعلمون أن هناك استحقاقا اسمه الاتفاق النووي، ومن بعده سيصبح هناك اتفاقيات إقليمية وتحولات إقليمية على الأرجح، المعادلة اليوم، أنه عندما يضيقون الخناق على النظام السوري سيكون هناك إضعاف لـ"داعش" ولكل المنظمات الأخرى سواء بسواء، أظن أنهم يستبقون هذه المعادلة ويسقطونها سلفاً".

وأعلن أنه "طالما أن المجتمع الدولي متواطئ لطالما سيقوى تنظيم "داعش"، ملاحظاً أن "لا هدف وضعه تنظيم "داعش" ولم يحققوه على الأقل في سوريا وفي العراق وفي الشرق الأوسط، فلقد استطاعوا تهديد الشرق الأوسط من الأقليات، ولعل أنه لا يزال هنالك القليل من الأقليات في لبنان ومصر ولكن في سوريا والعراق لم يعد هناك أقليات، فلقد تمكن "داعش" من السيطرة على نصف سوريا والعراق والسيطرة على أهم منابع النفط وتقويض مفهوم الدولة التقليدية .

 

*اليوم