مازالت رائحة الدماء تسود ليبيا خاصة مع إستمرار  مسلسل الإغتيالات الذي تكرسه الفوضي الأمنية التي تشهدها البلاد منذ العام 2011،والتي ساهمت بشكل كبير في تجذر الميليشيات المسلحة والجماعات الارهابية وتواصل أنشطتها الخطيرة.

إذ تشهد ليبيا منذ 2011 موجة تصفيات جسدية بلا توقف خاصة في ظل تعطّل مؤسسات الدولة خاصة عدم قدرتها على الحضور بقوة في الفضاء العام حيث تحوّلت ليبيا أقرب إلى الدولة حيث أن لغة العنف و السلاح و الغلبة هي المسيطرة.

بعد فترة قصيرة من توقف نزيف التصفيات الجسدية،بدأ سيناريو الاغتيالات بالظهور مُجدداً، وتحديداً في العاصمة طرابلس التي تشهد منذ نحو 10 أيام عمليات اغتيال يراها البعض ممنهجة، تطال عسكريين ورجال أمن.

وطالت آخر عمليات الاغتيال الشرطي معاذ الرياني الذي يعمل بالإدارة العامة للأمن المركزي فرع أبوسليم، بعد أن استُدرج إلى شارع ولي العهد، ومن ثم قتل ورميت جثته في منطقة الطويشة، بحسب رواية إدارة الأمن العام.

ففي الليلة السابقة، شهدت طرابلس أيضا اغتيال إحدى قيادات كتيبة ثوار طرابلس سابقا عبد الهادي عوينات بعد وصوله من تونس عبر مطار معيتيقة، دون معرفة هوية الفاعلين أو دوافعهم.

في نفس الإطار أعلن وزير الداخلية المفوض، فتحي باشا آغا، دخول الترتيبات الأمنية حيز التنفيذ منذ مدة إلا أنه يرى مراقبون للمشهد العام أن الترتيبات الأمنية في ظل مؤسسات دولة ممزقة غير قادرة على إنفاذ تشريعاتها سيظل مجرد شعارات تؤثر المؤتمرات المقامة في الصالونات الفخمة.

في سياق دولي،أعربت السفارة الأمريكية في ليبيا إدانتها وبشدة لعمليات القتل خارج نطاق القضاء التي نفذتها الجماعات المسلحة في طرابلس.

وقالت السفارة أن هذه الأعمال تولد عدم الاستقرار وتؤثر سلباً على حياة المواطنين الأبرياء داعية السلطات  الليبية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية الأرواح من هذه الأعمال الشنيعة.

كما أكدت  السفارة الأمريكية الأمريكية تضامنها مع جميع الليبيين الذين يعملون من أجل مستقبل أكثر سلماً وأمناً وازدهاراً معربة عن تأييدها للبيان الصادر مساء الخميس بالخصوص من البعثة الأممية.

وفى أول تعليق لها على عمليات الإغتيالات والتصفية التي شهدتها العاصمة طرابلس على مدار الأسبوع ، أكدت البعثة  بأنها لازالت تتلقى تقارير عن مجموعات مسلحة تنفذ عمليات قتل خارج نطاق القانون في العاصمة ضمن إطار وهي ظاهرة شهدت تصاعداً في الأسابيع القليلة الماضية.

وفى بيان له، أكدت البعثة بأنه يتعين البتّ في المزاعم بارتكاب الجرائم والمنازعات الشخصية في أروقة المحاكم، لا من قبل المسلحين في الشوارع داعية السلطات الليبية حكومة الوفاق لإتخاذ التدابير اللازمة وعلى أساس النفاذ الفوري لحماية جميع الأشخاص من عمليات القتل التي تستهدف أشخاصاً بعينهم.

وقال البيان :"على السلطات توجيه رسالة قوية مفادها إن هذه الأفعال غير مقبولة على الإطلاق وأن تدعم هذه الرسائل بتحقيقات ذات مصداقية لتحديد هوية مرتكبي هذه الجرائم ومحاسبتهم عليها".

يرى مراقبون أن الحل للمسألة الأمنية المتردية لا يمكن أن يكون من وراء البحار فبالرغم من المجهودات الأممية المهمة إلا أنه مادام أطراف الصراع في الداخل لم يهتدوا إلى وفاق تاريخي يوقف حمام الدم فإن المواقف الدولية لن تغني أو تسمن من جوع.

و كانت سنة 2018 حافلة بالإغتيالات في عدة مناطق من البلاد:

ففي 06 مارس 2018: اغتيال اثنين من قادة عملية "البنيان المرصوص" برصاص مجهولين في مدينة مصراتة.ونقلت تقارير إعلامية عن شهود عيان أن سيارة توقفت بجانب علي إبراهيم فكرون، وأبوبكر عبدالله كاظم،أمام أحد محلات الطريق الدائري في منطقة السكيرات، وأطلقت باتجاههم وابلًا من الرصاص أرداهم قتلى.

في 14 مارس 2018: محاولة اغتيال رئيس المجلس الأعلى للدولة،عبد الرحمن السويحلي،، أثناء زيارته لمدينتي غريان ويفرن شمال غربي ليبيا.وقال المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، في بيان له، إن موكب السويحلي، تعرض إلى كمين مسلح وإطلاق نار، أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الأمن والحماية التابعين للمجلس، واختطاف 4 عناصر شرطة تابعين لمديرية أمن غريان.

في 18 أبريل 2018: محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش الليبي والحاكم العسكري للمنطقة الشرقية عبد الرزاق الناظوري،  بعد تعرض موكبه لاستهداف بسيارة مفخخة في مدينة بنغازي. وأوضح مكتب إعلام القيادة العامة للجيش الليبي في بيان له على صفحته الرسمية بالفيسبوك، أنه "تم وضع سيارة مفخخّة على قارعة الطريق في المدخل الشرقي لمدينة بنغازي بمنطقة سيدي خليفة، لتنفجر فور مرور موكب رئيس الأركان الفريق عبد الرزاق الناظوري".

في 18 بريل 2018: محاولة اغتيال عميد بلدية أمساعد صالح معوض حيث تعرض لأطلاق الرصاص عليه أثناء خروجه من مقر عمله ببلدية امساعد.وأكد شقيق عميد البلدية عبد الرازق معوض، خلال تصريحات صحفية،"هناك شخص أطلق الرصاص من مسدسه على عميد بلدية أمساعد صالح بعد خروجه من مقر المجلس البلدي،مشيرا إلى أنه تم التعرف على الجاني والأجهزة الأمنية تتولى مسئولية التحقيق معه.

في 24 أبريل: إغتيال الشاب زكريا جعفر الشلي،علي يد مجهولين بعد مطاردته من جزيرة الدرن إلى منطقة رأس حسن.وبحسب أسرة الشلي، فإن المسلحين كانوا يستقلون سيارة نوع "كيا أوبتيما"، قاموا بالرماية على (زكريا) في منطقة راس حسن وسط العاصمة طرابلس، ولاذوا بالفرار، لتسجل القضية كما سابقاتها "ضد مجهول".

في 03 مايو 2018: محاولة إغتيال رئيس قسم الهندسة في معهد المهن الشاملة درنة عبدالمنعم عبدالرازق الشاعري،تعرض لها أمام بيته بإحدى ضواحي مدينة درنة.وأكدت تقارير إعلامية تعرض الشاعري جراء الرماية إلى إصابة بعدد من الأعيرة النارية، وتم نقله الى غرفه العمليات بمستشفي الهريش في مدينه درنة.

في 17 مايو 2018: إغتيال فتحي عون رئيس قوة دعم مديريات المنطقة الغربية والجنوبية فى مدينة الزنتان المعروفة بلجنة الـ 200.وأكدت تقارير إعلامية أن مسلحين أطلقوا تجاه عون وابل من الرصاص فى وسط المدينة المعروف بـ"السوق" قبل صلاة المغرب فأردوه قتيلاً.وتختص لجنة الـ200 فى الزنتان بحل المشاكل والقضايا الأمنية والاجتماعية فى المدينة خاصة المتعلقة بالشق الجنائي بما فيه جرائم القتل والسرقة وتجارة المخدرات والخمور.