بينت الكاتبة الاماراتية عائشة المري، في مقال نشر بتاريخ 26 مايو 2014 على موقع صحيفة الاتحاد الاماراتية، أن "عملية الكرامة" أدخلت ليبيا مرحلة جديدة بعد ثلاث سنوات على انطلاقها في 17 فبراير 2011 ، مع إسقاط سيطرة الجماعات الإسلامية، وإسقاط المؤتمر الوطني الليبي والحكومة الليبية، ومحاربة الكتائب المسلحة الموالية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.
ووصفت السلطات الانتقالية عملية الكرامة بـ"الانقلاب" إلا أن جدية التهديد دفعتها إلى تقديم مقترحات لحل الأزمة تضمنت وقف عمل المؤتمر الوطني العام إلى حين إجراء الانتخابات العامة المقبلة، والاحتمالات مفتوحة على الساحة الليبية، فقد تنقذ حرب "الكرامة" السقوط المتسارع للدولة الليبية والمؤسسات الانتقالية الهشة، وقد تدخل البلاد في حرب أهلية في ضوء سيطرة الجماعات الإسلامية والكتائب المسلحة التابعة لها على مفاصل الدولة واستبعاد الاستسلام، أو التنحي بسهولة، بعد أن وصفت "حرب الكرامة" بـ"الانقلاب" على الشرعية، فالمرحلة الانتقالية في ليبيا ستطول، والاستقرار السياسي مؤجل حتى إشعار آخر.
دموية
وأشارت إلى أن الحالة الليبية تميزت عن الحالة في تونس ومصر بدموية الصراع منذ انطلاق الثورة الليبية، وساهمت التدخلات الخارجية الدولية والعربية في تحويل دفة الأحداث وإطاحة نظام القذافي، وما إن دخلت ليبيا مرحلة ما بعد القذافي حتى انكشف ضعف البنية السياسية الليبية وتعثر والمسار الانتقالي.
وهو ما جعل ليبيا تمر بأزمة سياسية مستشرية، حسب قول الكاتبة، حيث يهيمن تحالف الإسلاميين المكون من حزب "العدالة والبناء" و"الجماعة الليبية المقاتلة" السابقة وقوى "جهادية" انخرطت في العمل السياسي وتحالفات قبلية وكتائب، على مؤسسات الدولة الانتقالية، ونجحت في تقليص المساحة السياسية التي حازها "تحالف القوى الوطنية" ذو التوجه الليبرالي، بعدما تم إقرار ما سمي بـ"قانون العزل السياسي"، الذي فرضه أعضاء الكتائب الثورية في بداية العام الماضي 2013 والهادف لاستبعاد أعضاء النظام السابق من المشاركة في الحياة السياسية.
وتتقاطع القوى السياسية في الساحة الليبية مع تحالفاتها من الكتائب العسكرية، حسب الكاتبة، فتتشابك السياسة مع القوة العسكرية لتنتج وضعاً فريداً ومقلقاً، يكمن في غياب الدولة والمؤسسات والأمن، وتقوم الدولة الليبية على ثلاث مرجعيات، القبيلة والمدينة والجهة (الإقليم)، ودفع ذلك الوضع الفئات لأن تعبر عن ردود فعلها وقلقها عبر توظيف القوة وعمليات مسلحة واغتيالات ومحاصرة المؤسسات، وأخذت مؤسسات الدولة تدريجياً بالانهيار الكامل، وليس البناء التدريجي للدولة الجديدة، وباتت ليبيا على شفا التفكك بعد تنامي النزعات الانفصالية، سواء في الشرق أو الجنوب، وعاد استخدام مصطلح "صوملة" ليبيا لوسائل الإعلام، بعد أن طرزت الكتائب المسلحة الخريطة الليبية، في ظل غياب خطير للجيش الوطني الليبي.