المعجبون بعبد الفتاح السيسي طبعوا صوره على الشوكولاتة، والحلي الذهبية، وحتى على البيجامات. ومنذ أسابيع يطل وجهه من لوحات إعلانية تطلب منه تولي أهم منصب في البلاد "بأمر من الشعب".

وأخيراً وضع وزير الدفاع المصري السابق نهاية للتكهنات الأسبوع الماضي وأعلن ترك الجيش والترشح لرئاسة الجمهورية.

ويُتوقع للسيسي أن يهبط على كرسي الرئاسة بسهولة عندما تُجرى الانتخابات في وقت ما قبل هذا الصيف، لأنه يحظى بدعم من مؤسسات الدولة، ورجال الأعمال الأغنياء، وقطاع لا يستهان به من الجمهور الذي يرى فيه المنقذ الذي قاد في يوليو الماضي عملية الإطاحة بالرئيس السابق، محمد مرسي.

لكن إذا كان الفوز مضموناً، فإن عواقبه لن تكون مضمونة بالقدر نفسه، إذ ربما يجد هذا العسكري المحبوب من الشعب دعمه يتلاشى بسرعة عندما يبدأ بمعالجة مشاكل البلاد التي لا حصر لها.

سيرث المشير السابق اقتصاداً منهكاً، وعجزاً متضخماً في الميزانية، ونقصاً مدمراً في الطاقة، وشحاً في الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إليها البلاد بصورة ملحة. وفي الوقت نفسه الفقر يتزايد، والخدمات الحكومية بالية، وشعب مصر عانى طويلاً وفرغ صبره وهو ينشد التحسن، كما أنه لم يعد يخاف من المجاهرة بمطالبه.

ولا تزال البلاد في حالة استقطاب وتشهد اضرابات شبه يومية، كما تطورت موجة من العنف يشنها مسلحون في سيناء منذ يوليو إلى هجمات أدت إلى مقتل ما يقارب 250 من رجال الشرطة والجيش.

واعترف السيسي بحجم التحديات التي تواجهها البلاد عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة في خطاب متلفز، لكنه لم يقدم أية دلائل على سياسته أكثر من دعوته لكل فرد "للعمل الجاد".

ويقول محللون، اعتماداً على سجل السيسي في الأشهر التسعة الماضية التي كان أثناءها حاكماً للبلاد بحكم الواقع، إن بعض الاتجاهات على الأرجح ستستمر. ويبدو أن دور الجيش في الاقتصاد سيبدأ في التوسع لأسباب ليس أقلها إشرافه على مشاريع هائلة للبنية التحتية ممولة من دول خليجية التي ضخت في مصر مليارات الدولارات لمنع انهيارها اقتصاديا.

وقال محمد سالم، وهو معلق يكتب مدونات تحت اسم ساندمونكي: "يتمتع الجيش باستثناءات حصرية تسمح له بعمل الأشياء والتغلب على البيروقراطية في الدولة. وسيزيد هذا من دمج الجيش في الدولة وسيرى الناس أنه لا بأس في ذلك، لأنه سيجبر وحش البيروقراطية الذي يفتقر إلى الكفاءة، على تحقيق نتائج".

لكنه يحذر من أن الخطوط الضبابية التي تفصل بين الجيش القوي والحكومة يمكن أن تؤدي إلى صعود قلة من أصحاب الأعمال المرتبطين بالجيش.

وحتى مع الدور القوي للجيش في الاقتصاد، يرى آخرون أن الرئيس يحتاج إلى إبقاء باقي القطاعات الأخرى إلى جانبه. ويقول طارق عثمان، المختص في الاقتصاد السياسي، ومؤلف كتاب بعنوان "مصر على حافة الهاوية": "لن يكون أمامه خيار سوى أن يمد يده إلى جميع اللاعبين الاقتصاديين في البلاد، لأن هناك حاجة ماسة للوصول إلى جميع الموارد".

ويضيف: "ستساند الإدارة الجديدة الاستثمارات العربية في مصر عبر القطاعات المختلفة. وسيحتاج هذا إلى تحسين مجمل الأجواء الاستثمارية في البلاد، وهو ما يعني بدوره دعم القطاع المحلي الخاص".

وستكون إحدى أكثر المهام الملحة التي تواجه الإدارة الجديدة هي معالجة مسألة دعم مصر للطاقة، التي تبتلع خُمس نفقات الحكومة وتسهم في تضخيم عجز الميزانية.

وبحسب كثيرين، طالما وُجد دعم مالي من دول الخليج، فستبقى السلطات المصرية مترددة في تقليص الدعم، أو تلجأ فقط إلى تقليصه على فترة زمنية طويلة.

ووفقا لأحد المراقبين الأجانب، "أفضل سيناريو" يمكن توقعه هو أنه بحلول الشتاء المقبل، وبعد أن يكون هناك رئيس جديد في المنصب، ستسعى مصر إلى عقد اتفاقية مع صندوق النقد الدولي تستطيع بموجبها معالجة قضايا مزعجة مثل الدعم.

ومن غير الواضح إن كانت إدارة السيسي ستكون لديها رغبة في العمل على رأب الصدع الذي تفاقم في البلاد بعد يوليو. ومن المعلوم أنه تم اعتبار جماعة الإخوان المسلمين، بزعامة مرسي، منظمة إرهابية.

 

وقال السيسي في خطاب له إنه سيمد يده لأي شخص لم تتم إدانته في محكمة، لكن توجد عدة مستويات من قيادات الإخوان المسلمين في السجن.