يحاول الرئيس السوداني عمر البشير ظاهريا انقاذ ما يمكن انقاذه في البلاد لفرض الاستقرار الذي يضمن سير العملية الانتخابية القادمة دون خسائر أو تأجيل، لكن الوضع في الخرطوم مضطرب لدرجة تهدد حزبه الحاكم في البلاد.

قال موقع سودان تربيون إن قوى نداء السودان المعارضة أكدت أن العنف الذي تستخدمه الشرطة وجهاز الأمن في فض ندوات “ارحل” التي تدعو لمقاطعة الانتخابات، يُعد دليلا على استغلال المؤتمر الوطني الحاكم لأجهزة الدولة، وقطعت بعدم اعترافها بنتائج انتخابات أبريل المقبل، كما ترفض المعارضة إجراء الانتخابات في ميعادها، وتطالب بتأجيلها لحين تشكيل حكومة انتقالية تشرف على تعديل الدستور والقوانين، ومن ثم إجراء انتخابات معترف بها.

من جانبه، أرجع المكتب السياسي لحزب الأمة القومي “الممارسات القمعية” التي اتبعتها السلطات في فض وعرقلة ندوات المعارضة بالأبيض ودنقلا وسنار وحلفا، للتعديلات الدستورية التي كرست السلطة في يد الفرد وأجهزته القمعية، وأكد بيان للمكتب السياسي على أن هذه الممارسات لن تثنيه وقوى “نداء السودان” عن مواصلة التعبئة وحشد الدعم الشعبي لحملة مقاطعة الانتخابات المقبلة.

وناشد الحزب أبناء السودان بالمقاطعة الكاملة للانتخابات لإفشال ما أسماه “مخطط اختطاف الدولة السودانية وتزييف إرادة الشعب وإكساب النظام شرعية يفتقدها”، وطالب المجتمع الدولي برفع يده عن الانتخابات ومراقبتها وعدم الاعتراف بنتائجها وممارسة أقصى قدر من الضغوط لإيقاف الحرب المدمرة ومعالجة آثارها المأسوية.

لم تتوقف الاضطرابات في السودان عند هذا الحد، بل تتوالى ضربات المعارضة الموجعة لتصفع كل محاولات الحزب الحاكم للاستمرار في السلطة لفترة رئاسية قادمة، حيث قالت الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال أيضا إنها لن تشارك في المؤتمر التحضيري للحوار الوطني إذا لم يعقد قبل الانتخابات، كما طالبت بفصل الملف السياسي والإنساني

واتهمت الحركة الشعبية حكومة البشير بإجهاض الجهود المبذولة من قوى نداء السودان والاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي لتحقيق تسوية سلمية من خلال عملية سلام شاملة تنهي الحرب وتقيم نظاما ديمقراطيا في البلاد، وأوضحت الحركة الشعبية أنه أصبح من الواضح للجميع أن نظام الخرطوم يعمل على كسب الوقت، وأن البشير استغل عملية الحوار الوطني لانتخاب نفسه لخمس سنوات أخرى من أجل حكم السودان لمدة ٣١ عاما.

تجدر الاشارة إلى أن خارطة الطريق الإفريقية تنص على عقد محادثات السلام بين الحكومة والحركات المسلحة قبل انعقاد مؤتمر جامع تحضيري يهدف للاتفاق على أجندة الحوار الوطني وإجراءات عقده، إلا أن الحكومة الألمانية التي تعمل على دعم جهود الوساطة الإفريقية اقترحت عقد المؤتمر التحضيري الآن بعد فشل المحادثات بين الحكومة والحركات المسلحة رغبة منها في كسر الجمود وحث الطرفين على إحراز تقدم في البحث عن السلام.

في الوقت الذي يخوض البشير تلك الحرب الباردة مع قوى المعارضة قبل فترة هامه في تاريخ البلاد، تأتي له الضربات تباعا من كل اتجاه خاصة بعد قيام المتمردين بتنفيذ هجمات ضد المدنيين بولاية جنوب كردفان، وببنما أكدت حكومة الولاية مصرع وجرح العشرات من الأهالي وتدمير الكثير من منازل البلدة جراء هجمات المتمردين، تدخل السفير البريطاني في الخرطوم مبديا قلقه، ومطالبا البشير بسرعة اتخاذ إجراءات حقيقية ضد المتمردين، ربما يكون هذا التصريح من قبل سفير بريطانيا داعما لموقف المعارضة بسوء أحوال البلاد فعليا وفشل الحكومة السودانية في السيطرة على البلاد، حسب صحيفة البديل.

وتزامنا مع المعركة التي يخوضها البشير مع قوى المعارضة، وأخرى ضد المتمردين المسلحين في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن مجموعة الحركات المسلحة في إقليم دارفور، بالإضافة إلى الضغوط الخارجية، يحاول البشير أن يتحدى ذلك الواقع الذي لا يصب في صالحه تماما فهل سينجح ذلك الواقع في الإطاحة بالبشير أم سيحدث عكس ذلك؟