"غاب القط العب يا فار" مثل ينطبق على الحرب الخفية بين رجال الشرطة والباعة المتجولين في الأسواق والساحات العامة وأمام البنايات الحكومية والمساجد، حرب مستمرة لا تتوقف نعاينها بين الفنية والأخرى ونتعجب من إصرار هؤلاء الباعة رغم ما يتعرضون له من مضايقات ومصادرة شبه يومية لبضائعهم.

وفي فصل الصيف ترتفع أعداد الباعة الجائلين بسبب ازدهار النشاط التجاري وتفرغ الطلبة للمهن الموسمية، ففي العاصمة الموريتانية نواكشوط بدأت ظاهرة الباعة المتجولين تنتشر، واستغل الباعة الجائلون تقاعس السلطات عن ملاحقتهم لتوسيع نشاطهم واحتلال أماكن عمومية وإنشاء أسواق جديدة.

ويعرض أغلب الباعة المتجولين بضائعهم بطرق غير نظامية وينتشرون أمام المحلات التجارية وفي طرقات المصلين وعلى مداخل الأسواق ويقفون على الإشارات الضوئية المرورية.

يعرضون جميع أنواع البضائع من أقمشة وأحذية وأجهزة كهربائية وألعاب وخضار وفواكه وغيرها، بأسعار متدنية مقارنة مع أسعار المحلات، لكن الجودة قد لا تصل إلى جودة بضائع المحلات التجارية.

ينفرد الباعة الجائلون بطريقة خاصة في المناداة على الزبائن وتدليل ما يبيعون، وتختلف نداءاتهم باختلاف البضائع التي يعرضونها، كما أن لكل بائع منهم نغمة وترنيمة خاصة بالنداء، ويختار البائع صيغة معينة يكررها بين الفينة والأخرى، وتتميز هذه الصيغة بجمالها وبساطتها وتدل على البضاعة المعروضة وثمنها.

ويقول محمود ولد بيره الذي يعمل بائعا جائلا في حديث لـ"العربية نت" إن أجواء الصيف والبضائع الجديدة التي تظهر مع حلوله تفتح أبواب رزق للباعة الجائلين، لذلك نعمل على الاستفادة من هذا الرواج التجاري وتسويق البضائع قبل حلول شهر رمضان، حيث يرتفع الإقبال أكثر على المواد الاستهلاكية.

وعن المضايقات التي يتعرض لها الباعة الجائلون يقول محمود "نسعى وراء لقمة العيش ولا يهمنا ما قد نتعرض له من مضايقات من قبل السلطات، فهذا هو عملهم، أما نحن فلم نجد غير هذه التجارة نعيل بها أسرنا".

أما البائع المتجول ممادو جالو فيشير إلى أن بعض التجار أصبح يتفهم حاجة البائع المتجول إلى العمل داخل السوق وعرض بضائع على بسطات قرب المحلات التجارية، ويؤكد أن بعض التجار تجاوزوا المشكل وأصبحوا يعقدون اتفاقا مع البائع المتجول للاستفادة من تنقله في السوق.

يشتكي أصحاب المحلات التجارية من الباعة الجوالين لأن تجارتهم تتأثر بهؤلاء المنافسين الذين لا يدفعون ضرائب ولا يتحملون مصاريف الكراء ورواتب العمال، كما أن بضائعهم التي تعرض على الأرض أو في عربات تتسبب في إعاقة الزبائن ومنعهم من الوصول إلى المحلات، إضافة إلى فارق السعر بين بضائع الباعة الجوالين والمحلات التجارية والذي يجعل الكفة تميل للباعة الجائلين.

ويقول هارون أيواه (صاحب محل تجاري) إن الباعة الجائلين يتسببون بخسائر فادحة لأصحاب المحلات التجارية لأنهم يضعون هامش ربح قليل لعدم التزامهم بدفع الرسوم والضرائب والإيجار والكهرباء، كما أنهم يحتلون الأرصفة والأماكن الاستراتيجية بالأسواق ويحيطون المحلات من كل جانب. ويضيف أنه رغم الشكاوى التي يتقدم بها التجار للتصدي للباعة الجائلين إلا أنهم يعودون إلى سابق عهدهم بسبب الرشاوى التي يقدمونها مقابل التغاضي عن عملهم.

ومؤخرا ارتفعت أصوات المواطنين مطالبين بالتصدي للباعة الجائلين، خاصة الذين يعرضون بضاعتهم أمام المدارس والبنايات السكنية ويستخدمون مكبرات صوت تزعج الطلاب والسكان، إضافة إلى التلوث الذي يتسببون به.