علاقة اختطاف هانيبال القذافي بقضية اختفاء موسى الصدر، و بوادر الإنفراج في تشعبات الأزمة الليبية بعد توقيع اتفاق المصالحة بالصخيرات المغربية، و مآلات نجاح حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتظرة من عدمه في تضميد النزيف الليبي، و وقف ما يعيشه هذا البلد من دمار و موت و خراب منذ هبوب رياح ما يسمى ب ثورة فبراير"، إضافة إلى سبل و آليات إجتثاث سرطان الإرهاب الذي يعصف بليبيا و يأكل أبناءها و يهدد جيرانها، و غيرها، هي أهم الملفات التي طرحتها "بوابة إفريقيا الإخبارية" على مكتب عميد المحامين التونسيين السابق و رئيس الهيئة الحقوقية الدولية للدفاع عن المهجرين و المضطهدين الليبيين في الداخل و الخارج، و رئيس حركة "مرابطون"، في الحوار التالي:

كيف تنظرون إلى عملية توقيع المصالحة الليبية الذي احتضنته الصخيرات المغربية مؤخرا؟

أولا يجب التذكير بأن الناتو و جماعة 17 فبراير و ما يسمى ب "فجر ليبيا" و من سار في ركابهم هم من دمروا ليبيا، و هم من يتحملون المسؤولية الكاملة في كل ما جرى فيها، و لذلك فإن عمل هؤلاء هو عدوانا ارهابيا بربريا سافرا على الشعب الليبي و زعماءه و دولته، بحيث و حسب القوانين الدولية و ميثاق الأمم المتحدة، و كذلك من حيث الإذن الصادر عن مجلس الأمن الدولي وقتئذ، فإن ما حدث في ليبيا هو عدوان سافر عليها من أجل السيطرة على على ثرواتها و من أجل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

أيضا بودي أن أقول إن الناتو و من ركب في ركابه يستحقون التتبع و المحاكمة من القضاء الليبي و الإقليمي و الدولي، لأن مجلس الأمن الدولي و عوض أن يحمي الدول المنخرطة في منظمة الأمم المتحدة من كل عدوان عليها، إذا به هو من يأذن بشن هذا العدوان على ليبيا و شعبها. من المتوقع أن تتم محاكمة كل المسؤولين على تدمير ليبيا و ذات يوم هؤلاء سيحاكمون.

اليوم  و بعد أن دمر الناتو ليبيا و أباد شعبها و أطاح بدولتها و قتل زعمائها، و عوض أن تتعظ الأمم المتحدة و مجلس الأمن مما سبباه لهذا البلد، ها هما يشنان عدوانا ثانيا على الشعب الليبي يتمثل في إقدامهما جاهدين على تنصيب حكومة وصاية على الليبيين خارج إرادتهم و خارج قواهم الوطنية الحقيقية.  اليوم ما يسمى ب"مؤتمر روما" يقرر فرض حكومة وصاية على الليبيين و يهدد و يتوعد من يرفضها  منهم. ما حصل من حراك و اتفاقات و حراك و اجتماعات و لقاءات بين الفرقاء الليبيين في المغرب و تونس و إيطاليا و غيرها لا يمكن أن يكون يصب ضمن باب المصالحة أو في باب  الحوار الوطني بين الليبيين و قواهم الوطنية.

لو واصلت القوى الأجنبية و بعض الأطراف الليبية التي لا تمثل الليبيين هذا التمشي، فإن أية حكومة  منصبة لن تنجح في توحيد الليبيين و إنقاذ بلادهم، و لذلك فكل من أراد سواء من الأطراف الداخلية أو الخارجية قيام حكومة وحدة وطنية ليبية حقيقية و فعلية بإمكانها تضميد جراح ليبيا و حماية شعبها و تكون بالفعل حكومة وحدة وطنية فعليهم تشريك القبائل الليبية الشريفة و تشريك المهجرين و أصحاب النظام الجماهيري أنصار الشهيد معمر القذافي و كل الليبيين الوطنيين. أما ما دام هؤلاء خارج ماىيسمى ب "الحوار الليبي"، فإن حكومة الوحدة لن تنجح لا الحالية و لا غيرها.

هل ترون أن حلحلة الأزمة الليبية لا يكون إلا بتدخل عسكري لإجتثاث الإرهاب في هذا القطر؟ و هل هذا التدخل سيكون وشيكا مثلما اعتبر متابعون للشأن الليبي؟

في رأي حركة "مرابطون" التي أرأسها، لا بد من تدخل عسكري يضرب الإرهاب في ليبيا يتم ضمن تحالف ثلاثي يضم تونس و الجزائر و مصر بمعية القبائل الليبية و أنصار القذافي و الحركة الشعبية الليبية. الإرهاب استعصى و انتشر في ليبيا بشكل يصعب أو ربما يستحيل القضاء عليه دون تدخل عسكري لدول الجوار الليبي الثلاث المذكورة آنفا.

دول الأنظمة العربية و على الخصوص حكومات دول الجوار أبت التدخل العسكري في ليبيا رغم أن الإرهاب يتمدد إليها و بدأ بهدد أمنها القومي عبر القيام بعمليات إرهابية خطيرة جدا داخلها، و للأسف لازمت هذه الدول الصمت عما يجري في ليبيا و لم تدافع عن هذا البلد و لو سياسيا، و لذلك فأنا أنبه الأنظمة العربية و قواها الوطنية خاصة في دول الجوار الليبي بأنها تتحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا الخصوص لأن الإرهاب يتمدد إليها  بصفة تصاعدية، و عليه، فإن التدخل العسكري لا بد منه قبل فوات الأوان لإجتثاث الإرهاب من ليبيا.

و كيف تشخصون الدور التونسي الرسمي في هذا الملف؟

الحقيقة التي يجب أن تقال هنا هي أن موقف تونس الرسمية و غير الرسمية هو موقف مربك و متردد و أقرب إلى الفشل، ناهيك و أنه و إلى حد الآن لم تحدد الحكومة التونسية موقفا واضحا مما يجري في ليببا، بحيث هي لم تحسم بعد هل هي مع المليشيات الإرهابية هناك؟ أم هي مع القوى الوطنية الحقيقية؟.  تونس ما زالت تتعامل مع حكومة "فجر ليبيا" رغم الاعتداءات المتكررة التي سلطتها عناصرها على التونسيين هناك من قتل و اختطاف.

هل سبب هذا التردد خضوع تونس إلى ضغوطات من بعض الأطراف؟

تونس تخضع إلى ضغوطات متنوعة من داخل ليبيا و من دول أجنبية، بحيث يمكن القول إنه و منذ 14  يناير 2011 لم يبق لتونس قرارا وطنيا مستقلا بأتم معنى الكلمة، و مثال ذلك أنها لم تعترف الى الآن اعترافا واضحا و رسميا و معلنا بحكومة طبرق التي اعترف بها كل العالم. كذلك تونس تمتنع عن التحادث مع أنصار القذافي و استقبالهم، و كان عليها على الأقل أن تتعامل مع جميع الليبيين على قدر من المساواة و الحيادية.

أية حلول تعتبرونها ناجعة و حاسمة لإنقاذ ليبيا؟

أفضل حل لإنقاذ ليبيا و إنجاح حكومتها الموحدة هو ترك القرار لليبيين وحدهم دون التدخل في شؤونهم من الخارج. التدخل العسكري في ليبيا يجب أن يتم من طرف دول الجوار الثلاث لا من القوى الأجنبية.

أجدد القول إن حكومة الوحدة الليبية المنصبة من الخارج سواء المعد لها الآن أم غيرها إن كانت على نفس المنوال أي بوصاية أجنبية لن تنجح و ستكون حكومة فاشلة لا محالة و تحمل بوادر سقوطها قبل تشكيلها.

من يدير الملف الليبي في تونس؟ هل هي جهات رسمية أم أطراف غير رسمية؟

لا توجد أية جهة رسمية أو غير رسمية تونسية تختص بإدارة الملف الليبي، بل هذا الملف تتادوله عدة أياد رسمية و غير رسمية في تونس.

هل من تطورات في ملف الأحكام بالإعدام الصادرة ضد رموز نظام القذافي؟

لا يوجد أي جديد إلى حد الآن، لكن أعتقد أن الأحكام لن تنفذ.

و ما تعليقكم على حادثة اختطاف هانيبال القذافي؟ و هل اختطافه مرتبط بقضية موسى الصدر؟

حسب اعتقادي فإن عملية الإختطاف مرتبطة بملف اختفاء موسى الصدر. كذلك اعتقد أن هانيبال لم يولد بعد عندما اختفى الصدر و رفيقاه، و لذلك فإن عملية الاختطاف تجن و اعتداء على شخص بريء و تتنزل ضمن باب التشفي و التنكيل بنجل الشهيد معمر القذافي. كذلك التحقيق مع هانيبال من قبل القضاء اللبناني لا مبرر له إطلاقا، و نحن بصفتنا نرأس الهيئة الحقوقية الدولية للدفاع عن المهجرين و المضطهدين الليبيين في الداخل و الخارج و كذلك ننوب العائلة فنحن نندد بعملية الإختطاف و نطالب بإطلاق سراح هانيبال القذافي فورا و السماح له بمغادرة لبنان.

هل صحيح  أن الخطة المقبلة لصانعي الإرهاب هي توطينه في شمال إفريقيا بعد محاصرته في سوريا مثلما اعتبر ملاحظون؟

هي نقلة اضطرارية بسبب الضربات الموجعة التي تلقتها هذه التنظيمات من الجيش السوري و روسيا. الهجوم  الذي تقوده الطائرات الروسية على معاقل الإرهاب في سوريا جعل تركيا تتكفل بمهمة نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا.

هل الهدف من ذلك هو ليبيا أم جيرانها؟

الهدف استقرار الإرهاب في المغرب العربي للتوسع و التمدد في المنطقة و تحقيق أهداف رعاته.

وفق تسريبات جديدة ل "ويكليكس"، "داعش" سينتهي في ظرف 6 أشهر، ما تعليقكم؟

سأجيبك بسؤال: هل اتخذ صانعو هذا التنظيم قرار إنهائه بعد تنفيذ أجنداته؟.؛لو تم ذلك فيمكن القول إن ما كشفه "ويكليكس" صحيحا. التدخل الروسي في سوريا هو من قلب الموازين بالكامل في المنطقة، كذلك هذا التحالف يجد تأييدا من الصين و بعض دول أمريكا اللاتينية. الحلف الذي تقوده امريكا لا يحارب الإرهاب لأنه هو من صنعه. سوريا و روسيا و من معهما لديهم القدرة على حسم المعركة ضد الإرهاب، هذا القطب هو من سينقذ العالم من عربدة و هيمنة القطب الواحد و سيضمن تحقيق السلام و الأمن، و الفضل في هذا كله هو لصمود سوريا قيادة و جيشا و شعبا.

ماذا تقولون عن انضمام تونس إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي تقوده السعودية؟

ما اختاره لتونس هو أن تكون ضمن التحالف الذي تقوده سوريا و روسيا و ايران لأنه هو الحلف الذي يحارب الإرهاب بالفعل. انا ضد انضمام تونس للتحالف ضد الإرهاب الذي تقوده السعودية. السعودية دعمت الإرهاب في سوريا و ليبيا و لذلك فمن الصعب عليها محاربته. على كل حال إذا عادت السعودية إلى طريق الصواب و قررت فعلا محاربة الإرهاب فهذا أمر إيجابي ، و لكنه لن يتضح حاليا إلا بعد ما يظهر لنا ذلك بناء على تغيير سياساتها في سوريا.