كل المجتمعات لها ثقافاتها الخاصة في الملبس أو المأكل أو غيرهما من تفاصيل الحياة اليومية. والمطبخ عادة يكون ضمن هذه الثقافات بل من أهمها لما فيه من خصوصية تُعتمد فيها طقوس خاصة تكون مصدر تباه وفخر وتميّز بشكل لا يخلو من طرافة. والمطبخ المغربي، يعتبر من المطابخ ذات التميز بفضل تنوع مأكولاته ورغبة أهله في إضفاء طابع خاص عليه.

وبالحديث عن المأكولات المغربية يلاحظ زائر البلاد أن هناك اهتماما خاصا بأكلة شعبية تسمى "البصارة"، وهي أكلة يكثر تحضيرها في فصل الشتاء باعتبارها تقاوم الهبوط الكبير في درجات الحرارة. والبصارة "هي عبارة عن حساء يتكون غالبا منالفولالمجفف وأحيانا من البازلاء اليابسة، حيث تضاف لواحد منهما كمية من زيت الزيتون وبعض التوابل كالكمون والثوم،". وتطبخ المكونات المذكورة لمدة نصف ساعة في كمية محددة من الماء ثم تطحن، ثم تتم إعادتها إلى آنية الطبخ من جديد ثم تحريكها بشكل مستمر، إلى أن تصبح جاهزة للتقديم أو الأكل.

وعلى الرغم من أن أول من استعملها هم سكان الشمال والمرتفعات، باعتبارها أكثر المناطق برودة، لكنها مع الزمن انتشرت في أغلب المدن والأحياء المغربية وأصبحت من أشهر الأكلات التي يطلق عليها أيضا "طعام الفقراء" بالنظر إلى أن كلفتها المادية ليست كبيرة وفي متناول كل الفئات، ولا تحتاج مكونات مكلفة للعائلات.

وتنتشر "البصارة" بشكل لافت في الأحياء الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية، لكنها تنتشر أيضا في المناطق السياحية حيث تقدّمها المطاعم ضمن الأكلات الشهيرة في البلاد، والسائح عادة يريد اكتشافها فضوليا، بالنظر إلى شهرتها للعارف بالمجتمع المغربي. ويتم تقديمها في المنازل والمطاعم المتخصصة في صحون صغيرة مضافا إليها زيت الزيتون والفلفل الحار والكمون، مع الخبز المحلي الذي يكون بالقمح أو الشعير، ولا تختلف طريقة التحضير كثيرا بين المناطق إلا في كمية البهارات أو بعض التفاصيل الصغيرة.

ويقول المختصون في التغذية إنها تحتوي على مكونات مفيدة غنية بالبروتينات النباتية والفيتامينات والسكريات، بالإضافة إلى مواد قادرة على تدفئة الجسم في الأوقات الباردة، كما ينصحون "بتناولها طوال أيام السنة، وعدم الاقتصار على استهلاكها خلال فصل الشتاء".