السودان بتنوعه وتعدد أعراقه وأجناسه ومعتقداته وثقافاته بلد يحتاج منا للمزيد من التغلغل في عاداته وقيمه وتقاليده وحياة إنسانه ، فهو أفرو عربى الهوية تتقاطع عنده ألف ليلة وليلة مع الحكواتي والطقوس الأفريقية ليكون الناتج مزيجاً مابين الدهشة والعبرة والتفرد ، وهنا نورد عادة قديمة إرتبطت بقبيلة الجعليين السودانية شب الكبار من أفراد القبيلة عليها كما نشأ عليها الصغار ، وتنتشر قبيلة الجعليين السودانية فى المنطقه مابين مدينة الجيلى الواقعه شمال العاصمة السودانية الخرطوم بحوالى 70 كلم شمالاً وحتى مدينة الدامر وذلك على جانبي نهر النيل شرقه وغربه ، هذا إلى جانب إنتشارها الإجتماعي فى كل مناطق السودان .
والبطان هو الجلد بالسياط ، و يكون غالباً فى منطقة الظهر ويعتبر إرثاً ثقافياً وإجتماعياً ويمثل طقسا ً أساسياً فى مراسم الزواج عند قبيلة الجعليين السودانية ، وقد إرتبط بصورة كبيرة بإثبات الرجولة لدى الشبان ، إلا أنه يشير إلى معان أخرى مثل إختبار فروسية وشجاعة وشهامة الشباب وفيه أيضاً إعداد تأهيلي لشباب القبيلة .
يوم البطان :
غالباً مايكون هو يوم (حناء العريس ) وهى عادة سودانية يتم فيها وضع الخضاب على يدي وأسفل قدمي العريس، وتكون هذه المراسم عبر إحتفال غنائي مشهود يلتقي فيه الجنسان ، والغناء عند قبيلة الجعليين السودانية يتشكل فى معظمه عبر إيقاع (الدلوكه والسيره ) وغناء العرضة والتم تم ، وكلها إيقاعات سودانية تشعل جذوة الحماس عند شباب القبيلة وتجعلهم فى حالة من التشنج واللاوعى فيتسابقون في خلع ملابسهم العليا – يربطونها في الأسفل - حتى يكشفون ظهورهم ويبدون إستعدادهم لإستقبال السياط ، والعريس هو الذى يقوم بعملية جلد الشباب الذين قد يكونون مدينين للعريس مسبقاً فى طقوس الجلد ، وكلما كان الشاب في حالة من الثبات التام عند البطان (الجلد بالسياط ) يكون محور إعجاب البنات، ومصدر للفخر والإعتزاز لأمه وأخواته ، وتتم عملية الجلد هذه وسط زغاريد الحسان ، وكلما كان عدد الشباب أكبر في ساحة الحفل علت الزغاريد لإثارة الحماس وحث الشباب على مزيد من الثبات رغم أن ظهورهم قد ألهبتها السياط وسالت منها الدماء .
قراءة حول الظاهرة :
نلاحظ أن تطورات الزمن وتقلباته لم تقو على نسف هذا الموروث القديم كما أن المتعلمين والمستنيرين من أبناء قبيلة الجعليين السودانية يخضعون دائما ً للوضع الإجتماعي الراهن ويشاركون في المحافظة على إرث الآباء وتقليد القبيلة المتوارث عبر الأجيال .