بعد أن قدّم المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة مؤخراً إحاطته الأخيرة في مجلس الأمن التي وجهت اتهامات واضحة وصريحة لميليشيات مسلحة داعمة لحكومة الوفاق بضلوعها بعمليات تخريب وانتهاكات خطيرة، قتل اثنان من موظفي الأمم المتحدة إثر انفجار سيارة ملغومة في مدينة بنغازي أمس السبت.

وقال مصدر أمني رافضا كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن «اثنين من موظفي بعثة الأمم المتحدة أحدهما أجنبي قتلا، فيما أصيب ثمانية أشخاص على الأقل بينهم طفل إثر انفجار سيارة مفخخة في سوق تجارية بمنطقة الهواري في بنغازي"، موضحا أن "الانفجار تزامن مع مرور موكب للبعثة الأممية".

وبثت على مواقع التواصل الاجتماعي صور تظهر دخانا أسود كثيفا يتصاعد من داخل سوق تجارية، وأخرى تظهر سيارة تابعة للأمم المتحدة وقد اندلعت فيها النيران.

وقد رجّحت بعض الأصوات في الداخل أو الخارج الليبي أن يكون هذا الاستهداف كردة فعل لما حملته إحاطة سلامة من تحميل مسؤولية تعكّر الأوضاع للميليشيات المسلحة.

من ذلك، ورجح مصدر أمني أن يكون استهداف موكب البعثة متعمّدا، وقال في هذا الصدد "الاستهداف جاء نتيجة لإحاطة للمبعوث الأممي غسان سلامة اتهم فيها الحكومة المعترف بها دوليا (حكومة الوفاق) بارتباطها ببعض الجماعات الإرهابية".

في سياق متصل، قال عضو مجلس النواب سعيد امغيب لـ"بوابة افريقيا الإخبارية" ان التفجير الارهابي الذي وقع امس السبت ببنغازي "جاء تنفيذا لتحريض المفتي المعزول الصادق الغرياني الذي طالب بمهاجمة بعثة الامم المتحدة وعدم السماح لها بالبقاء في ليبيا".

وقال امغيب "ان من نفذ الهجوم خلايا ارهابية اما ان تكون نائمة في بنغازي أو قدمت اليها".

واضاف امغيب "إن هذه التنظيمات الإرهابية تلجأ الى التفجير والأعمال الإرهابية عندما تشعر بالهزيمة".

وتوقع امغيب ان يكون للتفجير تداعيات عكسية على حكومة الوفاق وستجلب دعما أكثر للقوات المسلحة الليبية التي تقاتل الإرهاب وقال "اتوقع ان توجه الى حكومة السراج إدانة من مجلس الامن في جلسات مقبلة".

وقال امغيب " من الجيد ان القوات المسلحة الليبية قبلت بالهدنة حيث وبعد اعلان قبول الهدنة بساعات قليلة جدا رصدت القوات المسلحة تحركات لمجموعات مسلحة جهة السدادة ربما كانت تنوي الجفرة او حقول نفطية وتحركت على الفور القوات المسلحة وقصفت هذه التحركات وتجمعات لمرتزقة تشاديين وهذا يؤكد عدم احترام المجموعات الارهابية للهدنة".

وقال المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في رسالة بالبريد الإلكتروني إن البعثة "في مرحلة جمع المعلومات".

ووقع الانفجار أمام مركز تجاري ومصرف. وشوهدت في الموقع سيارة واحدة على الأقل تابعة للأمم المتحدة محترقة.

وتحاول الأمم المتحدة التوسط في هدنة بالعاصمة طرابلس حيث تشن قوات الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية منذ أبريل/نيسان.

جدير بالتذكير أن إحاطة سلامة الأخيرة أثارت سخط حكومة الوفاق حيث تحركت سريعا لتسجيل احتجاجها على فحواها، إذ أعلن المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني الأربعاء استدعاء المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية لما ورد في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي والتي وصفها بـ"المغالطات".

واتهم سلامة في إحاطته الأطراف الليبية على الأرض بـ"وجود إرهابيين في طرفي النزاع واستخدام مطار معيتيقة الدولي في أغراض عسكرية واستخدام مرتزقة في صفوف القوتين والاعتداء على المهاجرين وعلى المرافق المدنية والمستشفيات الميدانية من قبل المتصارعين في طرابلس".

ويرى مراقبون أنه جاري التنسيق بين ما تبقى من شورى بنغازي مع القيادات الإسلامية التقليدية حيث أعلنت ولاءها للمفتي المعزول الصادق الغرياني الذي لم يخف امتعاضها من توجهات المبعوث الأممي غسان سلامة لذلك ورغم هزائمها فأن الجماعات الإرهابية على غرار "مجلس شورى بنغازي، تبقى خطيرة مع تواصل علاقاتها مع الجماعات المؤثرة التي تسمح لها بالحصول على دعم واسع من الأطراف المسلحة في ليبيا، ما يجعل منها قوة عسكرية خطيرة داخل المشهد الليبي.